بعد الاحتفال باليوبيل الذهبي لمرور خمسين عاماً على الجهود المتعلقة بتحقيق الوحدة الأفريقية، يواجه القادة الأفارقة في أديس أبابا الواقع المرير في القارة التي لا تزال تعاني من النزاعات، معربين عن الأمل في أن يسمح الازدهار الاقتصادي الحالي في أفريقيا في نهاية المطاف بتحقيق ما راودهم من أحلام مع الاستقلال والتخلص من نير الاستعمار. وحضر حفل الافتتاح الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، ورئيسة البرازيل، ديلما روسيف، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، فضلاً عن وزير خارجية الولايات المتحدة، جون كيري، ونائب رئيس الوزراء الصيني، وانغ يانغ.
واعتبر الرئيس الفرنسي أن العلاقة بين أفريقيا وفرنسا «ينبغي أن تتوسع الآن عبر الدعم الذي ستؤمنه فرنسا للجيوش الأفريقية لتدافع عن نفسها، على أن يشمل ذلك آفة الإرهاب»، مضيفاً إن «هذا الأمر من أجل أمنهم وأيضاً من أجل أمننا في أوروبا»، مشدداً على «وجوب أن يتولى الأفارقة مستقبلاً أمن قارتهم» حتى لو «كانت فرنسا الى جانبهم دائماً».
من ناحيته، قال رئيس وزراء إثيوبيا، التي تستضيف القمة، هايلي مريم ديسالين، «إن الآباء المؤسسين اتفقوا على تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية مع فجر حركات الاستقلال قبل خمسين عاماً، ومن المناسب أن نلتقي مجدداً اليوم في وقت تنهض فيه أفريقيا».
أما الصين التي تستثمر منذ سنوات بشكل كثيف في أفريقيا، فكانت البلد الوحيد الذي تم شكره بالاسم أول من أمس، من على منصة الاتحاد الأفريقي. وعبّر رئيس الوزراء الإثيوبي عن «امتنانه الكبير للصين التي استثمرت مليارات... من أجل دعم جهودنا في تنمية البنى التحتية».
من جهتها، أقرّت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي الجنوب أفريقية، نكوسازانا دلاميني ـ زوما، من جهتها «بأن الاكتفاء الذاتي والاستقلال الاقتصادي اللذين تحدث عنهما مؤسسونا لا يزالان بعيدي المنال الى حد ما، كما لا يزال التفاوت الاجتماعي قائماً».
وقالت من على منصة المقر الجديد للاتحاد الأفريقي الذي بنته الصين وموّلته، «إن تحدثنا عن حلول أفريقية للمشكلات الافريقية فذلك لأننا نعلم أنه ليس بإمكاننا إسكات السلاح الى الأبد إلا إذا تحركنا بشكل متضامن وموحد».
أما رئيس الدولة الأوروبية الوحيد الذي حضر الاحتفال، هولاند، فقال «إن أمن أفريقيا مسألة تخص الأفارقة، إلا أن ذلك لا يمنع بلداً مثل فرنسا أو أوروبا من تقديم الدعم».
ولفت وزير الخارجية الإثيوبي تيودروس أدهانوم، أثناء لقائه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بخصوص هجومين انتحاريين إسلامين أوقعا نحو عشرين قتيلاً الخميس الماضي في شمال النيجر، «إلى أن الإرهاب بات تهديداً جدياً لأفريقيا... إن ما يحدث في النيجر ليس حالة معزولة».
وقال كيري «إن أفريقيا تتغير بعمق، ما يحثّ العديد من الدول، (مثل) روسيا والصين والبرازيل واليابان، وأخرى على الاستثمار فيها للاستفادة من الإمكانات الاقتصادية. والولايات المتحدة جاءت متأخرة في هذا المجال وعلينا تغيير ذلك».
من جهته، قدّر الرئيس الروسي في برقية الى القمة الأفريقية تقديراً عالياً الدور البناء الذي يلعبه الاتحاد الأفريقي في الشؤون الإقليمية والدولية.
وأكد بوتين في برقية التهنئة التي ألقاها أمام المؤتمر الأفريقي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى أفريقيا، ميخائيل مارغيلوف، «اهتمام الجانب الروسي بمواصلة تطوير الشراكة مع الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك في إطار هيئة الأمم المتحدة ومجموعات «الثمانية» و«العشرين» و«بريكس».
ويطغى على جدول أعمال قمة نصف سنوية للاتحاد الأفريقي، بدأت أمس وتستمر حتى اليوم، مواضيع مثل انعدام الاستقرار في منطقة الساحل وكذلك في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية والأزمة السياسية المستمرة في مدغشقر.
وأراد القادة الافارقة الاحتفال بأبهة بذكرى ولادة منظمة الوحدة الأفريقية في 25 أيار 1963، المؤسسة الأفريقية الأولى ذات الحصيلة المثيرة للجدل والتي أنشأها 32 رئيس دولة في أوج حركات التخلص من نير الاستعمار، قبل قيام الاتحاد الأفريقي، المنظمة الحالية التي شاءت منذ انطلاقها في 2002 أن تكون مؤسساتها أكثر طموحاً.
وحضر نحو عشرة آلاف مدعو الى العاصمة الإثيوبية (المقر التاريخي لمنظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقي) هذه الاحتفالات التي رُصِدت لها ميزانية بقيمة 1,27 مليون دولار بحسب معهد الدراسات المتعلقة بالأمن.
(أ ف ب، رويترز، الأخبار)