زحمة مبعوثين دوليين شهدتها منطقة الشرق الأوسط أمس، في إطار المساعي الغربية لإيجاد حل يقنع السلطة الفلسطينية بالتخلي عن خيار التوجه إلى الأمم المتحدة، لطلب الحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينيةكثفت الولايات المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، أمس، الجهود الدبلوماسية لإجهاض مسعى السلطة الفلسطينية بالتوجه إلى الأمم المتحدة، في محاولة منها لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، متسلحين بإمكان إحياء مفاوضات السلام في اللحظة الأخيرة.
والتقى المسؤول الثاني في وزارة الخارجية الأميركية، وليام بيرنز، أمس الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسط حرص سعودي على التكتم على طبيعة المحادثات، فيما حرصت وزارة الخارجية الأميركية على استباق قدومه، مغلفة الزيارة بالرغبة الأميركية في تأكيد التزامها «الحازم والدائم بضمان الأمن في منطقة الخليج»، وخصوصاً إزاء التهديدات الإيرانية، فضلاً عن بحث مسائل اقليمية مثل الوضع في اليمن وفي مصر، وكذلك عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.
كذلك من المرتقب أن يبدأ كلّ من المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط ديفيد هيل ومستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دنيس روس، اليوم مشاورات مكثفة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، للخروج بحل يغني عن التوجه إلى الأمم المتحدة.
بدورها، مددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين اشتون، جولتها في الشرق الأوسط بعدما «طُلب منها عقد اجتماع آخر مع رئيس الوزراء (الإسرائيلي) نتنياهو»، وذلك بالتزامن مع كشف مصادر سياسية إسرائيلية، أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز اقترح صيغة وسطاً على نتنياهو، تقضي بقبول علانية مفهوم قيام دولة فلسطينية على أراض تساوي في مساحتها الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يسمح بإعادة رسم حدود 1967، الأمر الذي رفضه نتنياهو، فيما حرص وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان على التحذير من عواقب خطيرة في حال الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وتبدو دول الاتحاد، منقسمةً على نفسها إزاء المواقف المتناقضة لأطرافها من مساعي السلطة الفلسطينية. وهو ما حذر منه وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، مؤكداً أن «خلافاً بين دول الاتحاد الأوروبي بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة سيكون كارثياً»، مشيراً في الوقت نفسه إلى «عدم وجود موقف رسمي ايطالي إزاء الطلب الفلسطيني من الأمم المتحدة». ودعا أيضاً الى التنبه للتداعيات الخطيرة المترتبة على استخدام «الولايات المتحدة حق النقض في مجلس الأمن»، مشدداً على أن من شأن هذا أن «يؤدي إلى إصابة ملايين الناس بخيبة الأمل».
من جهتها، تحاول بعض الدول العربية التوفيق بين مقررات لجنة المبادرة العربية الداعمة لخيار السلطة الفلسطينية بالذهاب إلى الأمم المتحدة والرفض الأميركي للخطة. ومن هذا المنطلق، أكد وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، أن «السبيل الأمثل» لاقامة الدولة الفلسطينية هو «المفاوضات المباشرة» بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيراً في الوقت نفسه إلى دعم بلاده للفلسطينيين في مساعيهم الرامية الى اقامة دولتهم المستقلة «بأي وسيلة كانت، بما فيها الذهاب الى الأمم المتحدة».
وحدها روسيا ظهرت حازمةً في موقفها المؤيد للطلب الفلسطيني، بعدما أكد ممثل وزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط سيرغي فيرشينين، خلال لقائه رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز دويك، أن بلاده ستدعم السلطة في التصويت لدى مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، فيما تمسك دويك بموقف «حماس» المنتقد للتوجه إلى الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن «هذه الخطوة كان يجب أن تجري بتوافق وطني، وبمشاورة كافة القوى، لا أن تقوم السلطة الفلسطينية بقرار منفرد، وأن تستثني القوى المؤثرة في الساحة الفلسطينية».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب)