انقسمت أوروبا، أمس، في خلاف تاريخي، بشأن إقامة اتحاد مالي أكثر ترابطاً للمحافظة على اليورو، بعدما اتفقت أغلبية كبيرة بقيادة ألمانيا وفرنسا على المضي قدماً في معاهدة منفصلة جديدة للاتحاد الأوروبي، فيما رفضت بريطانيا المعاهدةتوصل القادة الأوروبيون أمس الى اتفاق على تشديد الانضباط المالي في منطقة اليورو، لكنهم فشلوا في الحصول على موافقة دول الاتحاد الـ27 على تغيير معاهدة الاتحاد الأوروبي إثر مواجهة مع بريطانيا.
وقال مسؤول اوروبي إن الاتفاق الذي كان يفترض أن يشمل دول الاتحاد الأوروبي كلها انهار بعدما طلب رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون تنازلات لا تريد فرنسا وألمانيا تقديمها.
وكان كاميرون قد هدد، خلال اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي، بفرض فيتو على إقرار الاتفاقية الجديدة، وطالب بإعفاء بورصة لندن، اذا اقتضت الحاجة، من آلية المراقبة الأوروبية للقطاع المالي. وأبدى ارتياحه لموقف بلاده، بالقول «إنه قرار صعب، لكنه جيد»، حفاظاً على مصالح بريطانيا.
من جهته، أسف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لموقف كاميرون، مشيراً إلى أن البريطانيين طرحوا مطالب «غير مقبولة» من جانب «جميع» الدول الأخرى، كما علقت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل على المسألة بالقول إن البريطانيين «لم يكونوا ضمن اليورو أساساً، وبالتالي فإننا معتادون هذا الوضع». وأبدت، رغم الإنجاز المحدود للقمة، «ارتياحها الكبير للنتيجة، لأنه لم يكن مطروحاً القيام بتسويات غير كافية، وقد توصلنا الى ذلك»، مضيفة «سيرى العالم بأسره أننا استخلصنا العبر من أخطائنا السابقة».
من جهته، أكد وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ أن بلاده لن تصبح معزولة عن أوروبا بسبب موقفها من المعاهدة، وأضاف «إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ألزمت نفسها بالتخلي عن المزيد من السيطرة على ميزانياتها الوطنية، وحين نقف بعيداً عن ذلك، فهذا لا يعني أننا انعزلنا عنهم».
والى بريطانيا، رفضت المجر الاتفاق، فيما قالت السويد والجمهورية التشيكية إنهما بحاجة الى المزيد من الوقت قبل بتّه. ونتيجة هذه العقبة البريطانية تتجه منطقة اليورو الى معاهدة تقتصر على دولها الـ 17مع انضمام ست على الأقل من الدول العشر الأخرى اعضاء الاتحاد الأوروبي.
وتهدف المعاهدة الجديدة الى تعزيز الانضباط المالي في منطقة اليورو، وهي مسألة تعدها المانيا جوهرية لمواجهة ازمة الديون الحالية.
ووصف رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي القرارات التي توصلت اليها قمة بروكسل بشأن الانضباط المالي بأنها «نتيجة جيدة جداً لمنطقة اليورو».
من جهة أخرى، توصلت منطقة اليورو الى نتائج محدودة في ما يتعلق بتعزيز الحاجز المانع لمنع انتشار أزمة الديون، على أن تتواصل المحادثات بهذا الشأن. وعارضت برلين أي إشارة في البيان الختامي للقمة الى إصدار السندات باليورو كاحتمال مطروح في المستقبل البعيد.
وفي المقابل، وعدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد بأن الصندوق «سيشارك في جهود» منطقة اليورو، فيما اعلن ساركوزي أن الدول الأعضاء في منطقة اليورو تنوي زيادة موارد صندوق النقد الدولي 200 مليار يورو، لمساعدة الدول التي تواجه أوضاعاً صعبة في منطقة اليورو.
(أ ف ب، رويترز)