بعد أسابيع من الاحتجاجات الشعبية العارمة في العراق، وفي محاولة منه لاحتواء المتظاهرين، أقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اليوم وزير الكهرباء في حكومته بعدما حمّله مسؤولية تردّي أوضاع التغذية الكهربائية في البلاد. وكانت المحافظات الجنوبية قد شهدت الأسبوع الماضي، خروج مئات المتظاهرين ضد الحكومة الاتحادية، في محافظات بغداد، والبصرة، وذي قار، وواسط، وكربلاء، وميسان، حيث طالبوا بتحسين الخدمات، وخاصة الكهرباء، وتوفير الوظائف، والقضاء على الفساد.وفي أكثر مواقف المرجعية الدينية العليا (السيد علي السيستاني) مباشرة ووضوحاً، بخصوص الاحتجاجات الشعبية، هدّدت المرجعية يوم الجمعة الفائت، الحكومة الحالية، بأنها إذا استمرّت في التنصّل من مسؤوليّاتها تجاه مطالب المتظاهرين، فإن على الشعب «تطوير أساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين، مدعوماً في ذلك من قبل كل القوى الخيّرة في البلاد، وعندئذ سيكون للمشهد وجه آخر مختلف عما هو اليوم عليه».
كلام المرجعية فُهم في الأوساط العراقية على أنه منحُ غطاء للمتظاهرين، ودفعهم نحو المزيد من التصعيد «السلمي»، وهو في الوقت عينه يحمّل رئيس الوزراء حيدر العبادي، وحكومته الحالية، المسؤولية عن تردّي الأحوال في البلاد، وبالتالي يعتبر هذا تهديداً حقيقياً لمساعي العبادي للفوز بولاية ثانية في رئاسة الحكومة. يوم أمس السبت، وفي إجراءات لاحتواء الموقف الحرج، أقال العبادي خمسة من مسؤولي الانتخابات بسبب اتهامات بالفساد خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 أيار/ مايو. واليوم، أمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بإيقاف وزير الكهرباء قاسم الفهداوي عن العمل. وقال مكتب العبادي إنه أمر أيضاً بفتح تحقيق حكومي داخلي بشأن مسؤولية الفهداوي عن تردّي خدمات المرفق، من دون أن يصدر رد عن الفهداوي حتى الآن.
أمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بإيقاف وزير الكهرباء قاسم الفهداوي عن العمل(أ ف ب)

تجدد الاحتجاجات
نصب مئات المتظاهرين العراقيين اليوم، خياماً عند حقلين نفطيين استراتيجيين في محافظة البصرة جنوب البلاد، في تصعيد للاحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ ثلاثة أسابيع. وتجمّع عشرات المتظاهرين مجدّداً، اليوم، أمام ديوان محافظة البصرة، مطالبين بالاستجابة لمطالبهم. فيما نصب المئات من المتظاهرين خياماً عند حقل غرب القرنة 1، الواقع في قضاء القرنة على بعد 75 كلم شمالي مدينة البصرة. وفي قضاء الزبير (35 كلم غربي البصرة)، اتخذ مئات المحتجّين خطوة مماثلة، بنصب خيام أمام موقع البرجسية النفطي، الذي يضم مقارّ شركات النفط التي تتولى إدارة حقل الزبير ومنشآت أخرى. كما دخل مئات المتظاهرين العراقيين في محافظة المثنى جنوب البلاد، اليوم، في اعتصام مفتوح، وسط مدينة السماوة مركز المحافظة، لحين استجابة الحكومة الاتحادية لمطالبهم.
من جهتها، طالبت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، اليوم، رئيس الوزراء بإدارة محافظة ذي قار بصورة مباشرة لتحسين مستوى الخدمات. وقال عضو المفوضية زيدان خلف في مؤتمر صحافي عقده في مدينة الناصرية مركز المحافظة، إن «لجنة حقوق الإنسان المكلّفة بمتابعة التظاهرات اطّلعت على واقع الخدمات بالمحافظة وسجّلت تدنيّاً واضحاً لا يليق بمحافظة ذي قار». كما أضاف أن «على جميع مديري الدوائر الحكومية عدم أخذ أي تعهّد خطي من موظّفيها يمنعهم من المشاركة في التظاهرات الشعبية كونها حقاً دستورياً مكفولاً لجميع العراقيين».