وسبق للجنة المالية النيابية أن أعلنت أن حكومة السوداني سحبت مشروع قانون أرسلته الحكومة السابقة لغرض تعديله، وأنها تنتظر وصوله إليها قريباً. وعن إمكانية هذا التعديل، يؤكد رئيس اللجنة، عطوان العطواني، لـ«الأخبار»، أن «القانون لم يَرِد إلى اللجنة حتى الآن»، مبيّناً أن السلّم الجديد، في حال إقراره، بعد مناقشته وتعديله من قِبَل مجلس النواب، سيقلّل الفوارق في الرواتب بين موظّفي الوزارات، فضلاً عن أنه سيعيد النظر في التخصيصات والامتيازات والرواتب العالية جدّاً. ويَعتبر العطواني أن «تمييز وزارة على حساب وزارة أخرى، هو خطأ كبير، لأنه بالنتيجة سيؤثّر ويخلق فوارق طبقية ومعيشية بين الموظفين، ولهذا يجب السعي إلى معالجتها قريباً».
ثمّة توقّعات نيابية بأن مقترح التعديل قد يتأخّر إقراره إلى نهاية السنة الحالية أو بداية العام الجديد
ويلفت النائب أحمد الشرماني، بدوره، إلى مساعي البرلمان بشأن تعديل القانون، قائلاً لـ«الأخبار»: «إنّنا قدمنا طلباً معزَّزاً بتواقيع 80 نائباً للسلطتين التشريعية والتنفيذية بكتابين منفصلين، لتخفيض الامتيازات والدرجات الخاصة، بما في ذلك لأعضاء مجلس النواب». ويشدّد الشرماني على ضرورة تقليص الفجوة بين الدرجات العليا والدرجات الدنيا بالنسبة إلى موظفي الدولة جميعاً»، مؤكداً أن «البرلمان داعم لتظاهرات الموظفين، ويعترف بأن تظاهراتهم عنصر قوة لنا تحت قبّة مجلس النواب»، داعياً الحكومة إلى «اتّخاذ خطوات جادّة وملموسة» في هذا السياق. ويشير إلى «وجود عجز كبير في موازنة السنة الحالية، لكن هذا لا يمنع من تحقيق العدالة الاجتماعية للموظفين. ومجلس النواب يترقّب إرسال القانون أو تعديلاته من الحكومة لكي يتمّ تعديله بشكل سريع». من جانبها، تقرّ النائبة في البرلمان، وفاء الشمري، بأن هناك ظلماً كبيراً لاحقاً ببعض الموظفين، معتبرةً أن «قانون سلّم الرواتب هو الشيء الوحيد الذي سينصف الموظفين في جميع الوزارات». وتُبيّن الشمري، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الفئات المظلومة هي أصحاب ساعات العمل الطويلة والمهن المتعبة، لا سيما بعد ارتفاع سعر صرف الدولار وغلاء السلع في السوق العراقية وتأثيرها على دخل الموظفين الذين لا تتجاوز رواتبهم 500 ألف دينار عراقي».
وفي المقابل، ثمّة توقّعات نيابية بأن مقترح التعديل قد يتأخّر إقراره إلى نهاية السنة الحالية أو بداية العام الجديد، وذلك لأنه سيصطدم بخلافات سياسية وتقلّبات وظروف انتقلت من الحكومات السابقة إلى الحالية. وفي الانتظار، يقول حيدر الغراوي (35 عاماً)، أحد المشاركين في تظاهرة في ساحة باب الحسين في بابل، والمعلّم في ملاكات وزارة التربية، لـ«الأخبار» إن «صبْرنا نفد، والظلم واضح على المعلّمين. لديّ خدمة لا تقلّ عن 15 عاماً، ولا زال راتبي الشهري 750 ألف دينار». ويضيف الغراوي، وهو متزوّج ولديه ثلاثة أطفال إلى جانب إعالته أطفال وزوجة أخيه الذي قُتل في المعارك ضدّ تنظيم «داعش»: «خروجنا اليوم، هو فقط لإيصال رسالتنا إلى الحكومة ورئيسها السوداني. وننصحه بأن لا يخسر ثقتنا به، ولا يخرّب ما أصلحه طوال الأشهر الستة الأخيرة»، لافتاً إلى أن تعديل قانون سلّم الرواتب لن يكلّف الحكومة كثيراً، لأن هناك وزارات تعيش بـ«رفاهية عالية» كالنفط والتعليم والكهرباء، بينما التربية والثقافة وغيرهما تعيش بـ«ظلم وحيف»، داعياً الحكومة إلى توحيد رواتب جميع الموظّفين، تطبيقاً لنظرية العدالة الاجتماعية.
من جهته، يعزو الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، الأزمة الحالية إلى التضخّم والعدد الكبير لموظّفي الدولة. ويوضح أنطوان، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «لدينا أكثر من أربعة ملايين ونصف مليون موظف، وأكثر من مليونين ونصف مليون متقاعد، وكلّ شخص منهم لديه أطفال ومسؤوليات»، مضيفاً أن «75% تقريباً من الشعب العراقي يعيشون على رواتب وظيفة الدولة، التي تأثّرت بارتفاع سعر صرف الدولار والغلاء المعيشي». ويعرب عن اعتقاده بأن «على الحكومة العراقية أن تقوم بدراسات معمّقة للوضع الاقتصادي، وأن تدرك المستوى المعيشي والصعوبات الاقتصادية والتضخّم في البلاد وتأثيرها على المواطن». كما على الحكومة، في رأيه، أن «تُعيد النظر في مرتّبات الموظّفين كلّ خمس إلى ستّ سنوات، خاصة أن بعض أصحاب الإيجارات والعقارات وبقية المرافق الحيوية لا يتعاملون سوى بالدولار الأميركي».