ألبير داغر

يُعنى كتاب الباحث الاقتصادي اللبناني ألبير داغر «تجربة لبنان التنموية» (المركز العربي لدراسة السياسات) بالتعريف بالأدبيات التي كُتبت عن لبنان في حقل الاقتصاد. استخدم الكاتب أدبيات نظرية لتفسير التجربة اللبنانية والحُكم عليها وإظهار ما كان ينقصها كي تنجح كتجربة تنموية. يتألف الكتاب من ثلاثة فصول: الحقبة العثمانية، وحقبة الاستقلال حتى عام 1975، وحقبة ما بعد عام 1990. يُحلّل الباحث التجربة العثمانية وكيفية تحوّل السلطنة العثمانية إلى اقتصاد تابع يُنتج فقط سلعاً زراعية للأسواق الغربية خلال القرن التاسع عشر. ويتناول الجزء الثاني فترة الاستقلال حتى عام 1975 في لبنان، حيث يُبيّن إنفاق الحكومة فقط على البنى التحتية كالمواصلات وعدم الاهتمام إطلاقاً بتنمية الزراعة والريف. أما الفصل الأخير، فيتمحور حول تجربة ما بعد عام 1990 في لبنان، فيشير إلى انحصار الاستثمار الحكومي في قطاع المواصلات والاتصالات والكهرباء، مع إعطاء الأولوية للقطاع المصرفي، ما منع الدولة من بناء اقتصاد منتج.

أنطوان بالزو


يستكشف الباحث الفرنسي أنطوان بالزو في «الأصول البشرية » (2022) الصادر بترجمة عربية (جلال بدلة) عن «دار الساقي» قصة حياة البشر البدائيين الذين عاشوا على الأرض منذ ما لا يقل عن 7 ملايين سنة. يعالج عالم الحفريات القديمة موضوع أصل الانسان وفقاً لتسلسل الأنواع، فنتعرف أولاً إلى توماي، ثم إلى لوسي والبارانثروبوس، ثم ننتقل إلى الهوموسايبنس، مروراً بإنسان النياندرتال. لكن الأهم أنّ الكاتب يسعى لإثبات أن مفهوم «السلالة البشرية» قديم وغير صحيح نافياً وجود تسلسل عمودي من لوسي حتى الهوموسايبنس، مفضّلاً استخدام مفهوم «شجرة العائلة البشرية» للإشارة إلى الأسرة التي تحدّر منها الإنسان الحديث. ولكي يؤكد فرضيته هذه، يأخذنا الباحث في جولة على المواقع الأثرية و المختبرات التحليلية ويلجأ إلى أبحاث عن علم المناخ القديم، والجينات، وعلم الجيولوجيا، ودراسة العظام والأسنان، بالإضافة إلى عرض النقاشات العلمية القائمة بين المتخصصين في علم الأنثروبولوجيا.

أسامة العيسة


يُقدّم أسامة العيسة في روايته «سماء القدس السابعة» (منشورات المتوسط) سردية موسوعية لمدينة القدس. يمزج الكاتب الفلسطيني بين التاريخ القديم والجديد للمدينة ويدمج مصادر معرفية متعددة مثل الكتب السماوية والمرويات الشفهية والمصادر التاريخية والوثائقية بهدف خلق صورة غنية وتعددية للقدس. تُركز الحكاية على تجربة بطلين «كافل ولور» أثناء استكشافهما للمدينة ومراحل تطورها التاريخي على مر العصور. تبين الرواية محاولات الاحتلال والاستعمار الجديد تغيير هوية المدينة وتاريخها من خلال سردية مزيفة عن الحفريات والآثار لإثبات وجود اليهود في فلسطين التاريخية. وعندما يصل السرد إلى زمن أوسلو، تبدو الرواية واضحة في إدانتها اتفاقيات السلام. يجمع العيسة بين الروح الملحمية والتراجيدية، ولا يتوانى عن استخدام الفانتازيا والسحر والسخرية لتأطير الحكاية مبتكراً شخصيات تمثل طيفاً واسعاً من الأفراد الذين عاشوا في القدس وشهدوا على ماضيها وحاضرها.

سعيد رضواني


تستند «أبراج من ورق» (دار الآداب) لسعيد رضواني إلى مفهوم التناظر أو الموازاة بين مفاهيم متناقضة، خصوصاً بين اللغة والطبيعة والمعمار. يروي الكاتب اللبناني عن الضيعة التي أسّسها الجد في الرواية وهي مؤلفة من مبانٍ تشبه بهندستها أحرفاً عربية ولاتينية. تهدّمت هذه المباني مع الزمن وتتم إعادة بنائها روائياً باستخدام أحرف عربية فقط. لا شك بأنّ هذا الانتقال من استخدام اللغة المزدوجة (عربية ولاتينية) إلى استخدام اللغة العربية الصافية له دلالات سياسية أو فكرية. يمنح رضواني اللغة وعياً مسبقاً وشهادة تحمل دلالات اتهامية، فبعد موت الجد وانتقال الملكية إلى الأب، يظهر أنّ البناء الخرب يحمل بطريقة غامضة اسم القاتل الذي فتك بالأب. يسعى الحفيد لمعرفة هذا الاسم، وفك شيفرة هذا اللغز. تبدو «أبراج من ورق» كأنّها قائمة على حبكة بوليسية، لكن اكتشاف القاتل لا يبدو همّ الرواية، فالقاتل معروف، اللغة تعرفه وتسمّيه.

سيلفي تيننباوم


تحاول الكاتبة والاختصاصية النفسية الفرنسية سيلفي تيننباوم في كتابها «لسن جميعاً ملائكة» (2022) الصادر بترجمة عربية عن «دار هاشيت نوفل»، تعريف القارئ إلى النساء السامّات وتعليمه استراتيجيات حماية نفسه منهن. ترفع سيلفي تيننباوم الصوت عالياً لكسر التابو المحيط بهذا الموضوع، ليس بهدف التشهير بالنساء، بل لتسليط الضوء على حقيقة أن النساء يمكن أن يصبحن مُسيطرات ونرجسيات أيضاً. يرفض هذا الكتاب تصوير النساء على أنهن ملائكة، ويهدف إلى رؤيتهن بمنظور متكافئ وموضوعي على قدم المساواة مع الرجال، مع التعرف إلى التحديّات التي تواجههن. تأخذنا تيننباوم في كتابها الشيّق والمثير بعمق، إلى عالم التوعية الذاتية وإعادة الاتصال بأنفسنا، بهدف تمكيننا من التعرّف إلى مشاعرنا والملاحظة الدقيقة لسلوك النساء من حولنا. من خلال هذه العملية، يمكن للفرد أن يصبح قادراً على تمييز النساء السامّات، وأن تكون لديه القدرة على حماية نفسه وتحريرها من براثن سيطرتهن.

مصعب النميري


يعكس الشاعر السوري مصعب النميري في ديوانه الثاني «فتى ضائع بقميص مُزهّر» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) تجارب إنسانية معقّدة ومشاعر متشابكة عاشها الشعب السوري خلال السنوات الماضية، وما زال يعيشها في كل لحظة. يتجلى في قصائد الديوان أثر المأساة السورية على ذات الشاعر وعلى تصوّره للعالم حيث يُعبِّر عن الخوف والقلق على شكل أسئلة ملؤها الشك والحيرة والاستفهام، ويُسلّط الضوء على تأثير الحرب والظروف القاسية على النساء، مبرزاً تحدياتهن وصمودهن أمام مجموعة كبيرة من الصعاب. كذلك يرصد تفاعل الأطفال مع هذه الواقعة المأساوية ومقاومتهم للقسوة المحيطة بهم. كذلك، يضيء الشاعر على تجربة اللجوء، وتجربة نحو 12 مليون سوري اضطروا للفرار من الحرب نحو البلدان المجاورة أو نحو أوروبا. يتأمل النميري في تحديات رحلتهم الخطرة وصراعاتهم خلال عبورهم البرّ والبحر، وكيف يحاولون بناء حياتهم في بيئات جديدة ومختلفة، ومواجهة قضايا وجودية تتعلق بالتكيّف والبقاء.