1- مقاومةلستُ برِفقتِك..
يقول الوقتُ.. ثم يخلفني وراءهُ
مثل ساعةٍ متأخرة.
لستَ هنا..
يقول المكانُ.. ثم يتركُني
مثل فضاءٍ شاسع.

اليزابيث ايكبيترسون ـــ «غريب» (أكريليك وفحم على ورق ــــ 44.5 × 31.8 سنتم ـــ 2023)


أنت عالق..
تقولُ الحياة ثم تُواصل قطعَ
ما تشابكَ من أيامي.

من هنا..
تهمسُ السبيل في كل مرة..
ثم يغادرني وحيداً مثل بائعاتِ
الهوى.

التفت قليلاً..
تصرخُ النداءاتُ البعيدة بذاكرتي
ولا أرى أحداً.

نم..
يقولُ الليل.. ثم أغطّ في
سهرٍ عميق.

اركض..
تردّد النهاياتُ القريبة.. ثم تستحيلُ
أفقاً آخر.

لن أسقط..
قلتُ وتوسّدتّ رمحي..
أتأمل عيونَ كل الذين ينتظرون
بلُعابٍ غزير.

2- خارج النص
أريد أن أبكي داخل
النص..
أكتب دموعاً كثيرةً
تحجب الطريق..
أكتب أيضاً غصةً يابسةً
وصراخاً مالحاً..
ويدين تحاولان القبض
على الحزن برعشةٍ
قديمة..
أكتب ركضاً لا يتوقف
وأوجاعاً تشبه كل شيءٍ قبيح
ولا تشبهني..
وأزقةً ضيقةً للهروب مني
أملأ السطر بدماء لم تتخثر
منذ زمن..
وكلاماً بهت لونه
قبل أن يُقال..
أكتب شفاهاً خائفةً من
حرفٍ حاد..
وأياماً لا أعرف كيف
سقطت من جراب العمر
وابتعدت وهي تنبح..
ومواعيد لم أتأخر عنها لكنني
لم أجد أحداً..
وحشرجةً تسدّ فم الروح عن
تنهيدةٍ يافعة..
أرسم آلاماً تعودتّ عليها
وأخرى تطعنني كل يوم ولا أموت..
أرسم جبهةً يسيل منها
أناس كثيرون على شكل عرق..
أريد أن أبكي داخل
النص أرجوكم..
لكنني لا أعرف.. لا أعرف سوى
البكاء خارج النص.

3- بلا قصد.
أنا لا أقصد..
أقولها كثيراً ثم أرتكب
آثاماً بقصد مبالغٍ
فيه..
أنا لا أقصد
أصرخ بها... ثم أدهس
الوقت بقدمٍ لا تفرق بين
يوم جيدٍ وآخر سيء..

لا أقصد حقاً
أقولها كلما وصلتُ متأخراً..
وفي كل مرةٍ يشدني
ظلي من ياقتي كي لا أصل.

لا أقصد شيئاً
أنا فقط أمرّن القلب على حمل
أوزان ثقيلةٍ من الأيام..
والركض بين شوارع الفكرة
العتيقة..
أحاول مسح ظهر الحزن
المسعور
كي لا يعضني...
أسحب الكلام من داخلي قبل
أن أصرخ فيخرج متعفناً..
أركب على ظهر الليالي الطويلة مثل
طفل... وتوقعني بقوة عند
أقدام الصباحات..
وربما تكلمتُ كثيراً فقط
لأجد مخرج طوارئ صوب
صمت طويل..
يشبه الأمر ركضاً متواصلاً لتنجو.

لا أقصد..
تخرج مني لزجةً تلتصق
بفمي..
لكنني أقذفها بقصد
كاعتذار عن سوء فهمي للفرح
وهو يحاول مواساتي بفمٍ
أدرد..

إنني فقط
أحاول إعادة الأشياء
لأماكنها فتهرب في كل مرة
مذعورةً من صراخي.

4- أصل
أنا طينة الجواب
اليابسة..
تبللني الحياة بمائها
الآسن..
وتلوكني الأفواه الفارغة
من الكلام..
تمنحني الأيام
للسائلين والمتشككين
والمليئين بالظن..
يخزنونني في ذاكرة الأطفال
مثل أناشيد الوطن..
ويضيعونني بين أزقة
الحوارات العقيمة..
أنا طينة الأجوبة الهشة..
يحولني الغرقى لقشةٍ
على الشاطئ..
ويحملني الدراويش على
ظهورهم الحدباء كنبوءات..
ويسعلني الخائفون من
تخمةِ القلب..
أقف على أطراف الألسن
وأرجع برعشة..
ألمع مثل لؤلؤة في
بحر الذاكرة الهائجة..
أنا طينة الجواب
الغاضبة..
أغلق باب الروح عن الصائلين
وأوقفُ الأسئلة القميئة
عند حدّها..
لا وجه لي..
لكنني أمنح الكلام ألف وجه
وأنير دربَ التائهين في
البلاد الغريبة.

* ليبيا