موقع جيواستراتيجي بالغ الأهمية وتاريخ إمبراطوري عريق، يحوي، كأي إمبراطورية، صفحاتٍ مجيدة، وأُخرياتٍ غير مجيدةٍ. جذور المغرب ضاربةٌ في أفريقيا والغرب العربي-الإسلامي وفروعها تُظِلُّ بعضَ أوروبا، في رقعةٍ جغرافية شهدت موجات هجرة وغزوات استعمارية، وسلطة مركزيَّة امتدت رقعتها أحياناً من الحدود البرتغالية-الأندلسية حتى نهر السودان (الاسم القديم لغرب أفريقيا)، ومن طرابلس الغرب حتى الجزر الخالدات (تحتلّها إسبانيا حالياً في المحيط الأطلسي). مرَّ من هنا عابرون وغزاةٌ ومقيمونَ؛ ما أعطى المغاربة هُجنةً لسانيةً، عِرقيَّةً ودينية ومذهبية تبوتقت في ثقافة خلاسيَّة تكاد تجعل المغربَ متفرِّداً حتى الآن في استيعابه ثقافة ضفتَي المتوسط وانفتاحه على التيارات الفكرية المشرقية والغربية، مع استثناء آخر (يشمل أيضاً جزءاً من اليمن): لم يعرف المغرب أبداً الاستعمارَ العثماني، بحيث كان يخضع والي تلمسان (في الجزائر حالياً) حيناً لسلطنة المغرب وحيناً لأيالة العثمانيين.في الفترة المعاصرة (من مؤتمر الجزيرة الخضراء في 1906، الذي قرّر وضع فرنسا وإسبانيا يديهما على المغرب، حتى اللحظة)، تتقاسم المغرب نزعات مزدوجة بين التقليد والحداثة، في حركية مجتمعية عمودية وأفقية: ما زالت تتحكم في الإدارة المغربية نخبة فرنكوفونية درست وتأدلجت في فرنسا، إلى جانب سلطة تقليدية ليست قليلة الشأن من الفقهاء وزعماء القبائل والزوايا (الطرق الصوفية) ومتنفّذي رابطة علماء (فقهاء) المغرب، التي يرأسها الملك، دستورياً، باعتباره «أميراً للمؤمنين»، ساهراً على الأمن الروحي للمغاربة، وراعياً للمسلمين والطائفة اليهودية في المغرب: للمغاربة اليهود، حتى من بين الجيل الذي وُلِدَ في فلسطين المحتلة بعد موجة هجرة الآباء بتآمر بين الوكالة اليهودية والسلطات القائمة آنذاك، محبة خاصة للمغرب، منذ حماهم محمد الخامس باعتبارهم رعاياه ضدَّ قوانين حكومة Vichy التي حاولت مطاردة يهود المغرب وسوقهم إلى معسكرات الإبادة النازية. كما أنَّ لجمهورية الريف وظاهرة محمد بن عبد الكريم الخطابي وانتصاره المدوي في معركة أنوال دوراً خاصاً في صوغ الوجدان الوطني المغربي وإعطاء نضالاته إشعاعاً أممياً، إذ لم يكن محمد بن عبد الكريم الخطابي أبداً لا انفصالياً ولا منغلِقاً عِرقياً: فقيهٌ ابنُ أسرة فقهاء كان يكتب في الصحافة الإسبانية، ومنه تعلم الماويون والغيفاريون حرب العصابات، استطاع الهروب إلى مصر الناصرية للإسهام في دعم حركة التحرر العربية. ليس لدى المغاربة، حتى الساعة، توافق حول عَلَمِهم الوطني (العلم الحالي أرسى معالمه اللونية والهندسية المقيم العام الفرنسي أوبير ليوتي بين 1912 و1916)؛ كما أنهم ليسوا متوافقين على النشيد الوطني الذي ألّف لحنَه موسيقي فرنسي بتكليف من الحسن الثاني، لتضاف إليه، بعد سنين طوال، كلمات من تأليف الشاعر المغربي علي الصقلي، بتكليف من العاهل نفسه.
خلاصةً لهذا الجرد التاريخي السوسيوثقافي، تتشكَّل الهوية الثقافية المغربية كما يلي: خريطة لسانية وعرقية يتعايش فيها الأمازيغ والعرب والفرنكوفون (أقلية طفيفة ناطقة بالإسبانية شمالاً وفي الأقاليم الصحراوية)، إدارة فرنكوفونية بقوة الواقع وهيمنة النخبة المسيرة لها، رغم أن الدستور يكرس العربية والأمازيغية حصراً كلغتين وطنيتين؛ مدرسة مغربية يتنازعها التعليمان التقليدي (الذي أسّسته الحركة الوطنية، في شقها السلفي الإصلاحي، ضداً على نزعات التغريب الفرنسية) والعصري، الحكومي والخاص، المغربي والغربي المتمثل في مدارس البعثات الأوروبية ومراكزها الثقافية. لكن المغاربة، بأدمغتهم السريعة الهضم، يحاولون أن يصنعوا بكل هذا خلطةً سحرية عجيبة جعلت لكتبهم الفكرية (عبد الله العروي، عبد الكبير الخطيبي، محمد سبيلا، نور الدين أفاية) ونقودهم وتنظيراتهم الأدبية (عبد الفتاح كيليطو، سعيد يقطين) وترجماتهم مكانة خاصة في المشهد الثقافي العربي وتركتهم دوماً في موضع نظرة مزدوجة تجاه المشرق والغرب، جذباً ونقداً، حباً ونفوراً، استيعاباً ونبذاً، في إطار ما أسماه عبد الكبير الخطيبي «النقد المزدوج»: نقد التراث العربي-الإسلامي ونقد الروافد الغربية، فمناكفاتنا الحالية، رسمياً وشعبياً، مع فرنسا الاستعمارية، ليست وليدةَ اليوم، وإنما كانت دوماً وليدةَ تفكير المغربي في تشكُّل هويته الثقافية الحركية والمتعددة الأبعاد. وفق هذه المحدِّدات الوطنية، ومصادفةً مع الفجيعة التي حلَّت بالمغرب، اخترنا لقرائنا نصوصاً تعبر عن روح الثقافة المغربية وأخرى تستحضر ما ألمَّ بالإنسان المغربي من نوائب الدهر. وبما أنَّ الفجيعة بِالفجيعة تُذْكَرُ، سنخصّص ملف الأسبوع المقبل للأدب في ليبيا، من خلال مختارات وافية تعبّر عن وجدان الشعب الليبي وهويته الثقافية المتفردة والمتشابكة مع انتمائه العربي


داود أولاد السيد ــــ «من دون عنوان ـ مراكش» (1987)


1- لطيفة أودوهو:
بحجم عائلي كان قبرهم

قالت الأم: — ناموا.. صباحاً لديكم مدرسة
فكّر الصغار في ألف ذريعة ليتغيّبوا صباح الغد
أن يسقط الثلج، أو تسقط المدرسة، أو يغيب المعلّمون
أو يمرضوا بالحمّى الصغيرة
التي تذهب بعد أن يرنّ جرس الدخول
صباح الغد سيكون سوقهم الأسبوعي
حيث زوّارهم يأتون بدون موعد
وحيث يجلب الأب كلّ شيء بحجم عائلي:
كيس ذرة
كيس حمّص
كيس حلوى العسل
صابونة الاستحمام
قارورة الشامبو..
نام الصغار
رتّبت الأم غرفة للزوّار المحتملين
وبدون موعد
أتى الزلزال
سقطت المدرسة
وغاب المعلّمون
في الغد
يوم سوقهم الأسبوعي
بحجم عائلي
كان قبرهم
***
زلزال،
حيث وُلِدوا دُفِنوا
شاهدتهم جبل
■ ■ ■
هزّات ارتدادية،
لعلّ الأرض ندمت
لعلّها توقظهم

2- أحمد بركات (1960-1994):
لن أساعد الزلزال

حَذِرٌ، كأني أحمل في كفي الوردة التي توبّخ العالم
الأشياء الأكثر فداحة:
قلب شاعر في حاجة قصوى إلى لغة
والأسطح القليلة المتبقية من خراب البارحة
حَذِرٌ، أخطو كأني ذاهب على خط نزاع
وكأن معي رسائل لجنود
وراية جديدة لمعسكر جديد
بينما الثواني التي تأتي من الوراء تقصف العمر
هكذا..
بكثافة الرماد
معدن الحروب الأولى
تصوغ الثواني صحراءها الحقيقية
وأنا حَذِرٌ، أخطو نحوكم وكأن السحب الأخيرة تحمّلني
أمطارها الأخيرة
ربما يكون الماء سؤالاً حقيقياً
وعليّ أن أجيب بلهجة العطش
ربما حتى أصل إلى القرى المعلقة في شموس طفولتكم
عليّ أن أجتاز هذا الجسر الأخير وأن أتعلّم السهر مع أقمار
مقبلة من ليال مقبلة حتى أشيخ
وأنا أجتاز هذا الجسر الأخير
هل أستطيع أن أقول بصراحتي الكاذبة: لست حذراً لأنني
أعرفكم واحداً واحداً؟
لكن، أين أخبئ هذه الأرض الجديدة التي تتكون في عين التلميذ؟
وماذا سيقول المعلم
إذا سأله النهر؟
حَذِرٌ، ألوح من بعيد
لأعوام بعيدة
وأعرف — بالبداهة — أنني عما قريب سأذهب مع الأشياء
التي تبحث عن أسمائها فوق سماء أجمل ولن أساعد الزلزال!
فقط، سأقف لحظة أخرى
تحت ساعة الميدان الكبيرة
هناك العربات تمرّ بطيئة
كأنها تسير في حلم
هناك قطع الغيم في الفضاء
لا تشبه سرب طائرات خائفة
هناك امرأة تقترب من الخامسة مساء تنتظرني
سأذهب عما قريب
بدون أن أعرف لماذا الآن أشبّه الحب بكتاب التاريخ
أحب
أحياناً أتوزع قبائل تتناحر على بلاد وهمية
أحياناً أضيع
ولكنني دائماً أحمل في كفي الوردة التي توبخ العالم.

3- محمد بنيس: طريق النار
قديماً من بلاد يهجرون بلادهم
كانوا جميعاً يبدأون طقوس
رحلتهم بنبع الماء يغتسلون ليلاً كاملاً
قبيل الصباح يجهزون بغالهم لا يسألون
عن الشروق سروجهم تنأى
مع الزيتون ينتقلون
من
أعلى
إلى أعلى
طريق النار تلمسها أصابعهم يذكّر
بعضنا بعضاً بمن كانوا لهم أهلاً وكانوا في البعيد
أمام أسوار هي العطش الرباح
الثلج أرض كلها زرقاء
كانوا يتبعون الصمت
نحو مساكن الأنفاس قافلة
لها الذكرى التي احتفظت بها الأحجار
صيفاً أو شتاءً يهجرون بلادهم
لا بد أن يتبادلوا لغة الإشارة
تلك عادة عابرين إلى مكان
لا يغير ضوءه
سفر بطيء في سفوح كلها ليل
إذن عثروا
على ما ليس يظهر
واضحاً
ومضوا بلا أمل
إلى نار تهيّئ رحلة أخرى.

4- محمد بنطلحة: من أجل قبضة ثلج
عمر بأسره
والحرب الأهلية قائمة
بين الماء
ورغوته
المحيط عرفناه
سمكة
سمكة
والهدير
كالحقائب الموصدة
كم نقلناه
من كتف إلى كتف
وفي الأخير
إنسان الثلج لم يخطئ:
الزمن ليس سمكة.

5- عبد اللّه زريقة: موتٌ
ماتت جدّتي. وذهب شيخٌ لإحضار الكفن على متن درّاجة فقيرة جداً. كانت لحيته البيضاء تكاد تمسّ مقود الدرّاجة. رأيته من بعيد، كانت الريح هي التي تقوده وليس هو. والكفن معه فوق المقود. وهو يتلوّى وسط الريح. ينعرج يميناً ويساراً. والأزقّة صغيرةٌ صغيرةٌ جداً، أزقّةٌ مٌلتويةٌ جداً. بعض الأحيان هناك براكةٌ بارزةٌ حيّزاً من الزّقاق وهو يتلوّى، والريح تنفخ الكفن، وبعض الأحيان كان يخيّل إليّ أنّه لم يكن هو الذي يمشي، كانت الأزقّة هي الّتي تتلوى فيه، أو كان الكفن، كفن الريح، كفن الدرّاجة، ينتفخ، حتى سقطت بعض أطراف الكفن وسط أسلاك العجلة، وسقط الشّيخ من الفوق على رأسه، ومات بعد دقائق، والكفن بين يديه.

6- محمّد بوتخامت: سيرة الرّمل والحجر
الرّمال مروج الرّياح.
■ ■ ■
الزّوابع ثورة الرّمل ضدّ عبث الرّياح.
■ ■ ■
النّسيان راوية الرّمل.
■ ■ ■
وارث الرّمل الفراغ.
■ ■ ■
الغبار كنه الحجر.
■ ■ ■
أفق الحجر حوافّه.
■ ■ ■
النّهار مجاز الرّمل، واللّيل استعارته.
■ ■ ■
رجّةٌ واحدةٌ تفلّ هيبة الحجر.
■ ■ ■
يكتب الرّمل ليمحو.

7-محمّد القاسمي: تجويفة الجسد
تتذكّر الأنا
مسقطها
من أحشاء الأطلس
اللّيل اللّولبيّ
الأرجوانيّ
الأزرق
المجدول بالعفرة القاتمة
ألحس الألق

الجماع بيننا
كتناسب
بين
اللّيل ودرب اللّبّانة

الأرز يطلع
من جسدي
والماء من عينيك
[ترجمة عن الفرنسية]

8- محمّد الصّالحي: خريرٌ
ليس الخرير
صوت المياه.
الخرير
أنين
الحجر.

-9 محمّد بنميلود:
سريرٌ من كرسيّين وطاولةٌ

المطر ما زال يتهاطل بغزارة غريبة. والجنود يحاصرون المدينة بالبنادق والقنابل والآليّات. واللّيل خطيرٌ جدّاً حتّى حين لا تكون هناك حربٌ، فما بالك حين يتربّص الجميع بالجميع، والحكم الوحيد العادل بينهم في العالم هو الزّناد المزيّت جيّداً. لا تفتح الباب، لا تذهب الآن. سنقتسم معاً هذه الغرفة الصغيرة ذات النافذة الوحيدة، هذه اللّيلة الشّتائيّة، مثلما يقتسم راهبان صلاةً واحدة، مثلما يقتسم سارقان غنيمةً واحدة، مثلما يقتسم جنديّان متراساً واحداً، مثلما يقتسم محكومان بالإعدام نفس الزّنزانة ونفس الإحساس القاطع بالنهاية في انتظار الصّباح المبكّر لحظة تستيقظ العصافير داخل شقوق جدران المعتقل العملاق ولا تطير لأنّ المطر غزيرٌ والريح تطيّر قبّعات الحرس والمزلاج يسحب بقوّة ومفتاحٌ كبيرٌ يدور داخل بؤبؤ الحياة ثاقباً عين الموت كرصاصة من بندقيّة مقلوبة.

10- نجيب مبارك: رأيت الوردة
رأيت الوردة.
وغصناً منكفئاً على نفسه.
رأيت دوّامة الخشب.
وأذناً بلا طبل.
رأيت حرفاً موسيقيّاً أعمى
يصعد أدراج الرّخام.
رأيته بالصّدفة،
كان يتضوّر جوعاً
في الثانية
بعد منتصف اللّيل.

11- سعيد الباز: عواءٌ مغربيّ
عندما أستفيق وحيداً في غرفة الذّئب
تنبت لي
أنياب النّافذة
ويتعالى الشّرر
من خلف الدّولاب
وأرى من بعيد
على حافّة المشجب
قمراً يتوارى من هول المشهد
وأسراب
الطّيور الهائجة
تكاد تلامس شراشف السّرير
حينها
أشرع في العواء
وشيئاً فشيئاً
أتوغّل في الغابة.
[عووووووووووووووووووووووووو]

12- عبد اللّطيف اللّعبي: كآبة كازابلانكا
لست ذاك الرّحّال
الباحث عن البئر
التي حفرها الأوابد
أرتوي بقليل من الماء
وأمشي
مارقاً عن القافلة
■ ■ ■
أيّها الشّاعر
ابتهج بهذه الأسئلة
التي توقظك
في كبد اللّيل
ولا تمتقع في الفجر
مع الأنجم
[ترجمة عن الفرنسية]

13- إدريس عيسى: الوردة
انفرطت البتلات برنين مسموع في عراء الصّوت
والأوراق تهيّأت لخشخشة
عادلة في أوّل الذّهب البخس
وحدها السّاق بقيت
ثابتة في الماء الأسير في المزهريّة
تخدش بأشواكها الحيّة حرير البرهة.

14- عبد الكريم الطّبّال: شهامةٌ
صبّارٌ
ينحت بيتاً
في نار الرّمل
قد يؤوي أرنبة
تاهت
في الصّحراء.

15- سكينة حبيب اللّه: تشريح الوردة
حين انتبهت الوردة
إلى المسافة بينها
وبين الأرض،
أخرجت شوكتها.

حين أدركت الوردة
أنّ ساقاً واحدة لا تحمل إلى أيّ مكان
أنّها بلا صوت وغالباً بلا صدى،
فكّرت في العطر.

البتلات المتفتّحة سرّةٌ
والسّاق حبلٌ يربطها برحم الأرض الغائر

يوما ما ستولد هذه الوردة
على كفّ عاشقة أو بين دفّتي كتاب.

16-مجيدة البالي: قصيدةٌ
كنّا لا نجلس
إلّا على الأرض
الكرسيّ الهزّاز
الوحيد في البيت
كان أمّي..

17- الرايس بْلْعِيدْ (1873-1945):
الحمامة البيضاءُ

وددتُ، أيَتُها الحمامة البيضاءُ، لو رافقتُك إلى بيتكِ
فإن شئتِ كنتُ لكِ أبَدَ الدهرِ رفيقاً
وجُلْنا لنرى ما في الدنيا
فأنَّى لي أن أعثر عن رفيق أحسن منكِ؟
■ ■ ■
عندما أرى حمامةً تائهةً
أدركُ أنها وحيدةً، دونما رفيقٍ
أُخَيَّتي، أي حمامةُ، ما إن يغيبَ حبيبُ القلبِ
لحظةً، حتى تحسِّي بالوحدةِ
■ ■ ■
فالمُولَعُ يصطادُ الحمامةَ،
بينما أنا أقولُ بالذهاب نحوَها
للحنو عليها ولتكون لكَ دوماً،
أنا أقولُ بالذهاب نحوَها
■ ■ ■
أنا أقولُ بالذهاب نحوَها
حيثُ هي في كنفِ مَنْ ولدها ورباها
أما الحمامات البرية، فلن تأتيكَ أبداً
فأهواؤها متمثِّلةٌ في تيهِها.
[ترجمة عن الأمازيغية]


مصطفى الطرابلسي: المطر

[توفي إثر الإعصار الذي أخيراً عصف بدرنة الليبية، وكتب النصّ التالي قبل يوم من رحيله]

المطر
يفضحُ الشوارعَ الرطبة
والمقاولَ الغشاش
والدولةَ الفاشلة
■ ■ ■
يغسلُ كلَّ شيء
أجنحةَ العصافير
ووَبَر القطط
■ ■ ■
يُذكرُ الفقير
بسقفه النحيل
وردائهِ الهزيل
■ ■ ■
يوقظُ الأودية
من تثاؤب الأتربة
ووسن اليباس
■ ■ ■
المطرُ
شارةُ خير
بشارةُ رفد
وناقوسُ خطر.