أياد عبد الرحمن

«بالنسبة إلي، لم أكن في حاجة إلى الكثير من الوقت حتى أستيقظ من خيالات طفولتي، وأجدني، بمحض المصادفة، مخصياً ومحشوراً داخل نسيج غليظ من الخيش تحمله أمي. كنتُ في التاسعة من عمري لما حملتني أمي على ظهرها المحدودب، بعيداً عن كل الأحلام التي أعرفها، وسارت بي صوب السكَّة المسافرة شرق الحبشة». بعد صمت طويل، يعود أياد عبد الرحمن إلى الساحة الأدبيّة بروايته الجديدة «إهانة غير ضرورية» (منشورات تكوين). يتطرق الكاتب والمترجم السعودي في هذه الرواية إلى موضوع جديد في الرواية العربية، أو مختلف في زاوية المعالجة على الأقل، ألا وهو التضحية بالذكورة لأسباب دينية بحت. تأخذنا الرواية في رحلة مع صبي حبشي تقوم والدته بإخصائه رغبة منها بالتبرك والتقرب إلى الله. بعد عملية الإخصاء الوحشية، يصبح بإمكان الطفل المسكين السفر للانضمام إلى الأغوات في المدينة المنورة أو مكّة المكرمة، وهم جماعة تكرّس نفسها لخدمة المشاعر المقدّسة، شريطة أن يكون أفرادها مخصيين. تنتقد الرواية بشكل غير مباشر هذه الممارسات غير الإنسانية التي أُوقفَ العمل بها أواخر سبعينيات القرن الماضي بفتوى دينيةٍ أنهتْ ألف عامٍ من الجهل والظلم.

قدوري عبد الكريم


يعتبر «دعائم الأنثروبولوجيا: النظريات والمفاهيم الأساسية» (دار ابن النديم) للباحث الجزائري قدوري عبد الكريم مقدمة لعلم الأنثروبولوجيا، وهو علم غالباً ما يكون مجهولاً للطلاب والجمهور الجامعي. هو يُركِّز على تعريف مفاهيم وأسس الأنثروبولوجيا، ويشرح مواضيعها ومناهجها ونظرياتها. على الرغم من أن علم الأنثروبولوجيا لم يكن معروفاً بشكل واسع إلا منذ وقت قريب، إلا أنه أصبح تخصصاً أكاديمياً مهماً جداً، يهدف إلى فهم تنوّع الثقافات البشريّة والتطور التاريخي للإنسان وكيفية تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية على حياة الناس. اليوم، تعتبر الأنثروبولوجيا علماً متميزاً بفضل طرائقها الدقيقة وأساليبها المتقدمة في البحث مثل الملاحظة الميدانية والمقابلات وجمع البيانات الثقافية. ورغم أنها ظهرت بعد العلوم الاجتماعية الأخرى، إلا أن جذورها تعود إلى العصور القديمة، وقد شهدت تطوراً ملموساً عبر التاريخ. تأثّر هذا العلم بالتوسعات الاستكشافية التي قام بها الرحّالة والباحثون في العالمين الغربي والعربي الإسلامي. ونتيجة لهذا التأثير، تغيّر الفكر الفلسفي ليستوعب تعدديّة المجتمعات والثقافات مع الأخذ في الاعتبار وحدة الجنس البشري.

وجدي الأهدل


«الحرب ـ لو يعلمون ـ لا تستعر نيرانها في أجواف المدافع، بل في قلوب الناس وأفكارهم أيضاً». تعبر رواية الروائي والقاص اليمني المعروف وجدي الأهدل «السماء تُدخّن السجائر» (دار هاشيت/ نوفل)، بالقارئ في محطّات مختلفة من تحوّلات اليمن وصراعاته من خلال شخصيّة البطل ظافر. تتوقّف الرواية عند أحلام فرقة مسرحيّة تشتّت ممثّلوها بعد الحرب التي مزّقت اليمن وجعلت من النجاة أكبر الأحلام، وتمرّ بالفساد الذي يُهمّش ابن البلد ويدفن مواهبه، بينما يرتفع بالغربي ذي الحظوة إلى أعلى الفرص والمراتب. ضمن بُنية روائية مُحكمة ومتعدّدة الأصوات، يُفرد الأهدل مساحة ليوميّات الحرب اليمنيّة، ولحيوات المواطنين ممّن يواجهون خيارات الهجرات الجغرافيّة والأبديّة على السواء. يروي قصص بعض الشخصيات التي تقرر الهرب من جحيم الحياة عبر الاستغراق في الحبّ والعاطفة المشبوبة، على قاعدة العاشقين الشائعة بأن لا نجاة للإنسان إلا بالحبّ. تُبرز الرواية النساء اللواتي يظهرن في حياة ظافر وتأثيرهن الإيجابي على شخصيته من خلال تحفيزه على مقاومة مآسي البلد والمعارك التي لا تتوقف، والتمسك بالحبّ بوصفه النقيض للموت والحرب، أو أنه ترياق يقاوم الخراب.

عمر شبانة


يتحدث الشاعر الأردني عمر شبانة في «القرية والطفولة والإبداع... شهادات مبدعين عرب» (العائدون للنشر والتوزيع») عن حياة القرية من وجهة نظره وتجربته الشخصية. تتوزع مواد الكتاب بين ذكريات المبدع عن قريته، والتنظير لحياة القرية بجوانبها المختلفة؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. تتنوع النصوص والشهادات بين الواقعيّ والفانتازيّ، بحيث نقف على أساليب عدّة في تناول العلاقة مع القرية وتأثيرها على الشاعر، ودورها في عملية الإلهام. نقرأ في الكتاب الذكريات الحميمة للعديد من المبدعين على المكان والزمان في قرية كلّ منهم، ونتعرف إلى ملامح من الحياة الاجتماعية في هذه القرية أو تلك. بهذا المعنى، يصحّ القول إن هذا الكتاب سيكون مرجعاً لكلّ مثقف ومهتمّ بعوالم القُرى والريف، وما تمثّله في عالم الاجتماع بأبعاده المتعددة والمختلفة، وعلاقة ذلك كله بالمبدع وطفولته وإبداعاته. شارك في الكتاب: محمود شقير، ثورة حوامدة، إبراهيم أبو هشهش، حكمت النوايسة، فيصل الزعبي، عبد القادر الحصني، أكرم قطريب، حسب الشيخ جعفر، عبد الكريم كاصد، طالب عبد العزيز، المنصف الوهايبي، صلاح بوسريف، حكيم عنكر، رفعت سلام، أحمد اللاوندي.

صن مي هوانغ


تتجلّى معجزة الريف بأبعادها الإنسانية في «معجزة تلّ الكرز... أزمة في الحديقة الخلفية» (2019) للكاتبة الكورية الجنوبية الشهيرة صن مي هوانغ. الرواية التي انتقلت أخيراً إلى لغة الضاد (دار ثقافة للنشر ـ ترجمة منار أحمد الديناري)، تحكي قصة العجوز «كانغ» الذي يبتاع منزلاً كبيراً ليتقاعد بسلام ويعوّض عن طفولته البائسة وأيام الفقر والعذاب التي قاساها. في الماضي، كان كانغ يعيش في مخزن متهالك في حديقة منزل الآنسة «سونغ» حيث يعمل والده، الذي تُوفي بسبب أرجوحة سخيفة. كبر كانغ وأصبح ميسوراً وتمكّن من شراء المنزل وعاد إليه بعد إصابته بورم في المخ، وشيّد سياجاً هائلاً حول ممتلكاته لحمايتها. مع ذلك اكتشف أن الجميع يدخلون ويخرجون من حديقته بأريحية تُعتبر رواية «معجزة تلّ الكرز» مساحة لتخليد الذاكرة الشخصية، ودرساً في حتمية انتصار الخير على الشر، وتغليب الطبيعي على المصطنع، وتحرّر الحاضر من رواسب الماضي. أرست المؤلفة في هذه الرواية الشّيقة مبدأ التكافل الاجتماعي حيث كان «تلّ الكرز» يعاني من أزمات تنموية ويحتاج إلى حلول تضامنية لإنقاذه بدلاً من بناء السياج والأسوار العالية.

نبيلة أحمد علي


تتناول نبيلة أحمد علي في «تأويلية بول ريكور وتجديد المنهج النقدي العربي: ذخيرة الشاعر علي عبد الله خليفة نموذجاً» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت) موضوع نظرية التأويل، التي أصبحت محط اهتمام واسع من قِبَل النقّاد بسبب أهميتها البالغة في فهم التحديّات الكبيرة التي يُواجهها العالم المعاصر على مستوى اللغة والخطاب. تُقدّم الباحثة السورية عرضاً لنظرية التأويل، استناداً إلى أفكار الفيلسوف الفرنسي بول ريكور (1913-2005)، الذي ربط بين الفلسفة والنصوص وحياة الإنسان، وجعل من التأويل وسيلةً لفهم أعمق للوجود والحياة. استخدمت الباحثة أعمال الشاعر البحريني علي عبد الله خليفة (1944) كنموذج تطبيقي لنظرية التأويل، لأنه يتميّز بتراث شعري ضخم. وتشير الباحثة إلى أنه كان من بين أوائل الشعراء الذين استخدموا اللهجة العاميّة بشكل متقن في شعره، وقدّم مواد غنية تحمل دلالات شعرية وفكرية تتجاوز التسلسل الزمني للأحداث، وتعيد تشكيل الزمن النفسي للوجود على مستوى الحقيقة.