تحيّة تخالها وعداً، لكنّها ليست لك. تذهب إلى نافذةٍ بعيدة ويدٍ صغيرة تكبر في التلويح. لا أحد يأتي. لا أحد يمر. الظلُّ المخبوط في كوب الشاي شعشعَ مرآتك؛ فانتهبتْكَ اللسعة.
منذ متى وقُبلتك، تلك، معلّقة في السماء؟.. لماذا هي هناك؟
عذابي الصغير القديم وزفيري الذي ينساهُ الليل.
قضمةٌ منسيّة عند «بوفيه الأمانة» منذ الروائحِ الأولى والبللِ الذي لا يبلى
القضمةُ النائمة في الأسنان مَن أورَى لها الزند وعضَّ اللغمَ المخبوء منذ المنديل؟
الالتفاتُ عزاء. يدّخرُ في العينين بخارَ نظرةٍ أخيرة.
لماذا هذه النظرة تمرّغ الأفقَ ولا تذعن؟
الذي لا يعبر يتخمّرُ في النظرة. تتكفّلُ به جرارُ العين.
«صغيرون» لم يخرج من كتابِ الفجر، وما فاهت باسمِهِ الأغنية.
«صغيرون» وتركضُ في حبري بقدمٍ جائعة.
«صغيرون»...
... وأضعتُ الخيط.
زُرقةٌ واهنة ويوسُف يعبثُ بالقميص.
عينٌ ذاهلة في رمادِ نظرتِها. قاربٌ منسيٌّ يغوصُ في طينِ الجَزْر. ليس. هناك. أحد.
«البخنق» يعكفُ معه على تجميعِ أعوادِ الثقاب وفرْكِ رؤوسِها في عينِ قطعةِ الحجر الصغيرة. يضعُ المسمارَ ويقرّب قطعةً أكبر.
ينزلانِ على الكبريت. تطيشُ نارٌ ورائحة.
مذّاك و«البخنق» حمامتُهُ التي في الدُّخان.
لم تكن في مثل هذه الوداعةِ قط. تهزّ المنديل كمن تحتُّ غباراً قديماً. نظرتي العالقةُ بين الخيوط تنزلقُ طافيةً.
الساحرةُ تتوارى وفي العين أحلامٌ لم تُروَ.
اليدُ في الدم. الفريسة سكنتْ إلا. فكّرَ في تقريبِ مرآةٍ تلتمعُ فيها النهاية. الشهوةُ بزغت كأوضح ما تكون. رفرفت الرائحةُ في هواءٍ قليل ثمّ همدت. عينٌ جاحظة سمّرتْها المرآة.
كِسرةُ الضوءِ تمضي. يدُهُ مطويّةٌ على حرفِ السياج. يمكثُ هناك، ربّما يمرُّ الحصّادون فترشدُهم حارسةُ الليلِ إلى يدٍ نضجت، وقريباً يمحوها السياج إنْ لم يبادر المنجل.
لم تسعفْهُ اللياقةُ الريفيّة. اختطفت الصورةُ فمَه. العدسةُ الخائنة ثبّتتْهُ في مشتهاها ونضّبتْهُ من الحركة. يغمرُهُ الظل من رأسِهِ حتّى قدميه. القميصُ مقدودٌ والعين لم تستردّ نظرتَها.
يفرك الكلمة بين يديه حتى يصطبغ بفوحِها. الظلال حولَهُ تتفشّى، وفي السربِ حمامةٌ تائهة.
* شاعر سعودي