هيثم خزعلعند «الموقف» أو بوابة حي السلّم، تنبعث أصوات مذيعي نشرات الأخبار، ويتوقف المارة أمام «كشك» لبيع القهوة يتابعون آخر التطورات. في تلك الفسحة التي تضج عادة بأصوات السائقين وزبائنهم وأبواق السيارات ارتفعت في الأيام الأخيرة أصوات مذيعي نشرات الأخبار والمراسلين المتوزّعين في المناطق التي شهدت اشتباكات. وقد يُفاجأ من لا يعرف الموقف جيداً بصوت التلفاز يرتفع من مكان ما، قد يضطر إلى التفتيش عنه، لكن «المياومين» هناك سيتوجّهون فوراً إلى الكشك الذي وُضع فيه تلفاز صغير جداً.
فعلى بلوك الإسمنت الفاصل بين خطي الذهاب والإياب في الموقف ومنذ ما يقارب العام، انتصبت أربعة ألواح خشبية لترسم ملامح « كشك الأحلام» كما يسميه يوسف الذي حمل في الأيام الأخير جهاز تلفزيون صغيراً ومدّ كابل كهرباء إلى كشكه كي لا يفوته أي «خبر عاجل».
البيت الخشبي الصغير المتواضع البناء والتصميم يحوي أصناف السجائر المختلفة، إضافةً إلى ثلّاجة للماء والمرطّبات، وما تيسّر من السكاكر. وفي الكشك أيضاً «الكانون ومصبّا القهوة، فالقهوة العربية تراث» كما يقول سمير بدران (28 عاماً) العامل في «كشك» الأحلام، وحين يغادره مساءً يسلّم «الغلة» وأدوات العمل إلى صاحب الكشك السيد يوسف، الذي يوضح أن هذا الكشك يفتح «أبوابه 24 ساعة على 24» .
روّاد الكشك هم بمعظمهم من سائقي التاكسي والباص، علاقة سمير بهم ممتازة يسودها الاحترام المتبادَل، العمل قرب الموقف له «أصوله»، سمير يعرف أن العاملين في المتاجر المجاورة للكشك «ناس طيّبون»، ويلفت إلى أنه نظراً «لطابع المنطقة المحافظ فإنه يتحاشى النظر الى أي فتاة تمر بجانب مكان عمله».
تجذب رائحة القهوة العربية المنبعثة من «كشك الأحلام» المئات من الزبائن يومياً، فإضافةً إلى السائقين والمارة، نجحت قهوة سمير في اصطياد زبائن عشقوا طعم قهوته وباتوا يأتون خصيصاً لتذوّقها من منطقة المريجة وأوتوستراد السيد هادي وبعض الأحياء المجاورة الأخرى. روّاد الكشك هم من الجنسين ، كما أنهم ينتمون إلى جميع الفئات العمرية. «الشباب يأخذون قهوتهم ويذهبون» ، أما كبار السن فلا يتردّد سمير في إجلاسهم على كرسيّه وتقديم القهوة إليهم مجّاناً في بعض الأحيان، هؤلاء صاروا أصدقاءه، كما أن الكشك «غالٍ على قلبه» فهو مصدر رزقه وبفضل عمله فيه سيتمكّن من جمع بعض المال ليتزوّج فارسة الأحلام، لا يبدو التعب على سمير ويوسف رغم أنهما يحضّران مئات فناجين القهوة، ويستقبلان مئات الزبائن يومياً، ويوسف تحديداً يبدي اعتزازه بالكشك، فالإقبال عليه كبير جداً. يتحدث عن مشروعه المتواضع بفخر ويقول «تؤمّن هذه الألواح الخشبية الأربعة على تواضعها معيشة عائلة لبنانية وأخرى سورية، كما تبقي آمال سمير في الزواج وتكوين أسرة».