هل أولادي هم بحاجة فعلاً إلى الإنترنت ولاستخدام هذا الكمّ من التكنولوجيا الحديثة؟ هل هي تجعلهم أكثر ذكاءً، أم بالعكس تعزلهم عن المجتمع وتعطيهم فكرة مغلوطة عن العالم الخارجي (الحقيقي)؟ كيف أعلّمهم التقنيات الحديثة، وأنا لا أتقنها أصلاً؟ أليس من واجب المدرسة تعليمهم إياها؟ بأي عمر يفضَّل وضع الولد أمام شاشة الكومبيوتر أو تزويده بهاتف خلوي؟ أسئلة عدة يطرحها الأهالي في مختلف أنحاء العالم اليوم، بعدما نشأت، بسرعة خيالية، أجيال تتخذ من التكنولوجيا الحديثة ألعاباً، ومن الإنترنت طريقة تواصل وتسلية وترفيه... فكيف يستطيع «الجيل القديم» نسبياً من الأهالي، أن يُحكم سيطرته على تربية أولاده، وخاصة أن «شروط اللعبة» لم تعد بين يديه؟ هذا ما يبحث فيه علماء السيكولوجيا والاجتماع حالياً. و«المأزق» الذي لا مفرّ منه، والذي وضع الأهل بين سندان تأمين «مستلزمات العصر» لأولادهم ومطرقة الفوضى التي تتحكّم بهذا العالم الجديد والمفتوح على كل شيء في آن، هو ما دفع بعض الحكومات الغربية إلى تأمين خدمات تمكّن الأهالي من مراقبة أو السيطرة نسبياً على احتكاك أولادهم بالعالم المتشابك وغير المحسوس. كما برزت أخيراً بعض المواقع الإلكترونية التي من شأنها مساعدة «الجيل القديم» على اللحاق بالتكنولوجيا العصرية.ونشأت إحدى المدوّنات الفرنسية الخاصة في مساعدة الأهل ليتأقلموا مع ما فاتهم من تقنيات الإنترنت والهواتف والألعاب الإلكترونية «قبل أن يفوت الأوان»! المدوّنة هي nosenfants.org وقد أنشأها الصحافي المتخصص بشؤون التكنولوجيا جاك هينو، وهي مكمّلة للكتاب الذي أصدره عن الموضوع نفسه الذي يحتوي على إجابات عن90 سؤالاً يطرحها الأهالي حالياً عن كيفية استخدام التكنولوجيا وطريقة التعامل مع الأولاد في هذه الحالة. المشكلة فيها شقّان: نفسي وتقني. الجانب التقني سهل نسبياً، وهو لا يتطلّب سوى التمرّن على كيفية استخدام الإنترنت، والاطلاع على بعض المواقع التي تؤذي الأولاد في أعمار مبكرة، وقراءة بعض التعليمات بشأن الألعاب الإلكترونية وغيرها... أما الشق النفسي، فهو يقتضي عدم إظهار الأهل جهلهم لتلك التقنيات، وبث شعور بالثقة على أنهم ما زالو مطلعين بشكل مباشر على وسائل الترفيه والتواصل التي يختارها الأولاد. ومن أولى النصائح التي يوردها الكتاب والمدوّنة هي أن يستخدم الأهالي خدمة «المراقبة» أو «الفيلتر» الذي يمكن أن يزوّدوا الإنترنت في منازلهم به والذي يمنع تناول أية معلومة شخصية تتعلق بالعائلة أو البيت (رقم الهاتف، العنوان السكني...). كما بإمكان الأهل أن يحمّلوا الهواتف الخلوية تقنية تحدّ من تحميل الأغاني والفيديو. لكن الكاتب يشدّد على النصيحة الأساسية، وهي توعية الأهل لأولادهم في وقت مبكر، عن مخاطر استخدام الإنترنت بطرق غير شرعية وعن سلبيات العروض الدعائية والتسويقية التي تروّج لها مختلف المواقع الإلكترونية. وفي حين أنّ تقنيات «الفلترة» والمراقبة متاحة في الدول الغربية، يبقى السؤال كيف سيتمكّن الأهالي في الدول العربية ودول العالم الثالث، حيث وصلت التكنولوجيا قبل العلم، من الحدّ من التأثير السلبي لها على أولادهم؟
(الأخبار)