مِنْ حقِّكم أنْ تَـتَـخيّلوا كَم سأكونُ سعيدَ الحظّ لو أنّ اللّـهَ كان موجوداً حقّاً.
حيثما شاءَ أنْ يكونَ، وعلى أيِّ هيئةٍ يشاء،
في السماواتِ أو على الأرض/ في جذعِ الشجرةِ أو في دماغِ الصخرةِ أو تحتَ جناحِ الفراشةْ/ في قلبِ الذئبِ العادلِ، أو في حدقةِ عينِ العصفور/ على هيئةِ غيمةٍ، أو هَبّةِ نسيمٍ، أو تُوَيجةِ وردٍ، أو حتى رَنَّـةِ صمتٍ تَـتَـردّدُ في باديةِ الغَمرِ الأوّل.
فقطْ، أنْ يكونَ اللّـهُ موجوداً: ذلكَ كلُّ ما أنا في حاجةِ إليه.
أبداً لن أقولَ لهُ شيئاً.
لن أخُطَّ لهُ إنجيلاً، ولن أقرعَ ناقوساً، ولن أرفعَ صلاةً، ولن أذرفَ دمعةَ خائفٍ أو مغلوبٍ أو مُلتَمِسِ عَونْ ـ
لن أنطقَ بكلمةٍ. لن أُحَرِّكَ شفةً ولا لساناً.
حتى ولن أبسطَ يداً مُـتَـضَرِّعةً في الهواءِ وأجعلَ عينيَّ إلى فوقُ كأعيُنِ القتلةِ التائبين.
فقط سأصمت، كما أنا الآنَ تماماً، على هذه الكرسيّ، خلفَ هذه الطاولةِ، وراحتايَ مضمومتان على جانبَي رأسي؛ مُغمِضاً عينيَّ وحواسّي وعظامي وعضلاتِ يديَّ ورجليَّ وجذعي وأحشائي.
وفقطْ... فقطْ، أُفكَّرُ ما في بالي (ما في باليَ لا أكثر) وأنتظرُ، بخالِصِ الأملِ واليقين، نجدةَ اللّـه..
: أنتظرُ قيامةَ الحياةِ وحدوثَ المعجزةْ.
ولأنّ اللّـهَ ـــ ذاكَ الذي في بالي ـــ يَسمعُ ما يَصرُخهُ بالي
فلسوفَ أكتفي بالنهوض عن هذه الكرسيّ وأُطِلُّ على العالَمِ مِن كُـوّةِ إسطبلِ العالَم:
الأشرارُ جميعُهم تَـبَـدّدوا وزالوا.
القتَـلةُ، النهّابون، الأوغادُ، الخونةُ، المرابونَ والقضاةُ والكهنةُ وصيارفةُ الهياكلِ ومُزَوِّرو الأحلامِ والأناجيلِ والرسائلِ... كلُّهم كلُّهم تَــبَدَّدوا وزالوا.
والأرضُ كلُّها وكلُّها أزهارٌ وشجرٌ وغيمٌ وأزرقُ
وضحكاتُ عصافيرٍ، وأطفالٍ، وحزانى أغاثهمُ اللّهُ فما عادوا حَزانى.
.. وَتُـجَلجِلُ في هواءِ الكوكبِ ضحكةُ الحيــاةْ.
.. .. .. ..
فقط اللّـه ( ذاكَ الذي في بالي):
ذلك كلُّ ما أنا في حاجةٍ إليه.
28/12/2017