على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

نشرت «رويترز» (ونقلت عنها «الشرق الأوسط» وزادت) تقريراً عن أنّ المسيحيّين في الجنوب اللبناني لا يريدون الحرب وأنهم (على ما عنوَنت «الشرق الأوسط»): «يطالبون بالبقاء على الحياد». الطرفة، لو صدّقنا أنّ مسيحيّي الجنوب بالفعل يطالبون بالحياد وأنّ الأفراد الذين تحدّثوا مع «رويترز» و«الشرق الأوسط» يمثّلون كل المسيحيّين في الجنوب (مع الأخذ في الحسبان أنّ الأحزاب التي نالت تأييد غالبيّة المسيحيّين في الجنوب هي من هذا الرأي)، فإن تقرير السياسة الخارجية لا يكون على يد كل طائفة. حتى في البلد الكانتوني السويسري، الكانتون لا يصنع السياسة الخارجيّة للبلد وإن كان يحاول التأثير. في هذه الحرب، اجترحت البطريركيّة المارونيّة فكرة أنّ من حق الطائفة التي يقودها البطريرك وأحزابها («قوات» و«كتائب» و«تيّار» ومجتمع مدني وثورة وتغيير) اجتراح سياسة خاصّة بهم والخروج عن السياسة الرسميّة للدولة. وهذه ليست جديدة. في لبنان منذ 1948، كان زعماء الموارنة هم الذين يقرّرون السياسة الخارجيّة وهي كانت غالباً متعارضة ومتناقضة مع السياسة المعلنة في البيانات الوزارية. وفي الوقت الذي كانت بيانات الحكومات تتحدّث عن العداء لإسرائيل ومساندة العرب في الحرب معها (في زمن كان فيه العرب يخوضون حروباً مع إسرائيل)، كان الرئيس الماروني وبتنسيق مع قائد الجيش الماروني وزعماء الموارنة يعقدون اتفاقيّات سريّة مع إسرائيل وينسّقون معها في مسائل تعطيل سياسات مجلس الدفاع العرب المشترك ونهج دعم المقاومة الفلسطينيّة بعد 1967. وكان للرئيس الماروني مستشار سرّي مُفوّض يتولّى التنسيق في العلاقة مع أميركا وفي طلبات تسليح الميلشيات المارونيّة من دون المرور بوزارة الخارجية. لكن الطائف حسمَ الأمر واتفق ممثّلو الأمّة رسميّاً على العداء لإسرائيل وعلى مقاومة عدوانها وعلى مساندة الجيش للمقاومة واندرج ذلك في البيانات الوزارية. لكن البطريرك الحالي قرّر ضرب الإجماع الوطني عبر اجتراح سياسة خارجيّة للطائفة ولم يلقَ ذلك معارضة من الإعلام لأن سياساته التطبيعيّة مع إسرائيل تتلاقى مع سياسات السعوديّة والإمارات المتحالفتيْن مع إسرائيل. باختصار: لا، لن تكون هناك سياسات خارجيّة للطوائف خصوصاً إذا كان ذلك للتلاقي مع الصهيونيّة.

0 تعليق

التعليقات