على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

لا تحتاج أن تهزأ عندما تقول إنّ معركة التنوير في العالم العربي تُخاض في صحف السعوديّة والإمارات. الدولتان التوتاليتاريتان اللتان تفرضان عقوبة 15 أو 30 سنة سجن على التغريدة، تستحوذان على ولاء النخب الثقافيّة في العالم العربي. هل السبب أنّ النظام الملكي أو المشيخي يجذب إليه هذا الكمّ من المثقّفين والكتّاب؟ لا يمكن، لأنّ النظام الأردني الملكي لا يجذب إليه أياً من المثقّفين. لكن لو تفتّقت أرض الأردن عن نفط أو غاز، لرأينا هجرة من كتّاب صحافة السعودية والإمارات إلى صحافة الأردن. المسألة هنا أنّ الكاتب اللبناني الليبرالي كتب تغريدة غاضبة (ألحقها بمقالة) ضد منع كتّاب أو فنّانين مُطبّعين. ووصف حركة مقاومة التطبيع بـ «الهمجيّة». طبعاً، عليك أن تنسى أنّ النظامين السعودي والإماراتي يقودان مسار التطبيع العربي والإسلامي، وأنّ النظام السعودي وافق على الأمر الأميركي في عام 1991 بنبذ مقاطعة إسرائيل مقابل إنقاذ العرش الكويتي. وصاغية يحاجج من وجهة نظر حريّة التعبير، وهي ذريعة لا تُصدَّق لأنّه في خندق توتاليتاري. لو أنّه مثلاً أدان تقطيع جمال خاشقجي وتحدّث عن أحوال المساجين السياسيّين في البلديْن، لقلنا إنّه بحق ليبرالي يحرص على حريّة التعبير. لكنّه ليس كذلك. والطريف أنّه يلصق دوماً تهمة حملة المقاطعة بحزب الله لأنّ ذلك يسرّ خاطر رعاة الصحافة في الرياض وأبو ظبي. كان الراحل سماح إدريس يشكو دائماً أنّ حزب الله لا يأخذ حركة المقاطعة (التي يقودها يساريّون علمانيّون) على محمل الجدّ. كان يقول إنّ محمد حسين فضل الله هو وحده الذي كان يدعمها في الموقف. واستنكر صاغية فرضية منع ترجمة يورغن هابرماس. يا إلهي. يُحرَم الشعب العربي من قراءة هابرماس (المُتاح مجاناً على الإنترنت)؟ هذه من فظائع الحياة. ووصف المقاطعة في «الشرق الأوسط» (الحرّة) بـ «الإبادة الثقافيّة». إسرائيل تُفرغ تهمة معاداة السامية من معناها الحقيقي عبر رميها يمنةً ويسرة لإسكات أصوات معارضة الصهيونيّة. لكن أن تستعمل كلمة إبادة في هذه المرحلة بالذات عندما ترتكب إسرائيل عمليّة إبادة حقيقيّة، فإنّ ذلك يشير إلى نيّة التخفيف من جرائم الإبادة.

0 تعليق

التعليقات