على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

هناك الكثير من اللّغط في لبنان حول الصراع الجاري في الجنوب. هناك البعض في أطراف الممانعة يتمنّعون عن الاعتراف بأن المقاومة هي التي بادرت إلى إطلاق النار في جنوب لبنان، والبعض يزعم أنّ إسرائيل بادرت. لا داعي للحرج أبداً في هذا الشأن. إنّ مبادرة المقاومة في إشعال النار في جنوب لبنان هو مصدر فخر (أو يجب أن يكون) لكل لبنان. نحن في بلد كنا نتلقّى فيه الصفعات وننحني أكثر، وكلما زادت الصفعات والاجتياحات والقصف كلما زادت درجة الانحناء لكل الطبقة السياسية في لبنان. إحراق مطار بيروت في الـ 68 كان الذروة في تمريغ أنف لبنان أمام العالم (ورفض الجيش إطلاق رصاصة وكان قائد منطقة بيروت، إسكندر غانم، قد تلقّى تحذيراً عن الغارة. كافأه سليمان فرنجيّة في عهده بأن عيّنه قائداً للجيش). ولم تكن ردة الفعل من قبل الدولة في لبنان على مستوى الكارثة التي لحقت به آنذاك. ولم يكن هناك ذريعة «حزب الله» ولم يكن «حماس» وكانت المقاومة الفلسطينية مستقرّة في الأردن وليس في لبنان. أكثر من ذلك، لبنان كان يتمنّع عن القيام بالحد الأدنى من المشاركة، ولو الصورية، في ما ترتّب عليه من التزامات في معاهدة الدفاع العربي المشترك. منذ عام 1948، ووفقاً لعقيدة فؤاد شهاب العسكريّة، لبنان تملّص وتنصّل من مسؤوليته السياديّة، ليس لحماية فلسطين فقط، وإنما لحماية أرضه التي اقتطع العدوّ بعضها مُستسهلاً. أراد لبنان أن يثبت لإسرائيل أن لا نية عدوانية نحوه. ما قاله جبران باسيل عن عدم كنِّه لعقيدة عداء ضد إسرائيل سرى على كلّ حكومات لبنان بعد الاستقلال. وهناك جانب آخر مُشرق في ما يحدث في جنوب لبنان: هذه مصالحة بين شيعة الجنوب وبين فلسطين، وخصوصاً بعد تاريخ من الدماء بين بعض شيعة لبنان والمقاومة الفلسطينيّة، وبالأخص في «حرب المخيّمات». حركة «أمل» قدّمت شهداء في هذه الحرب، ما كلّلَ الإجماع الشيعي حول المقاومة، وهذا مُثبت في كل الانتخابات النيابيّة منذ الطائف.

0 تعليق

التعليقات