أعلنت عائلة الطبيب غسان حمود عن وفاته بعد ظهر اليوم عن عمر 85 عاماً بعد معاناة مع المرض. وفاة أحد أبرز أطباء صيدا والجنوب لن تقوى على محوه من الذاكرة الجماعية لأهل صيدا والجنوب، مثلما لم يقوَ المرض الذي أصابه، منذ عشرين عاماً، عن إبعاده عن المهنة التي أحبّ ـــ الطب.
وفاة حمود كما انتقال ملكية مستشفاه، أعادت إلى الأذهان شواهد كثيرة يحفظها الصيداويون والجنوبيون لاختصاصي الجراحة والتوليد الذي أطلقوا عليه اسم طبيب الفقراء، كما أطلقوا اسمه على الشارع الذي يقع فيه المستشفى الذي شيّده عام 1966 ولا يزال يحمل اسمه برغم انتقال ملكيته قبل سنتين إلى آل عميص. وأصدرت فاعليات صيدا بيانات نعي لحمود الذي جمع المدينة رغم خلافاتها السياسية.

وسيشيّع حمود ظهر غد الأربعاء بمسيرة راجلة تنطلق من منزله الواقع في مبنى المستشفى باتجاه مسجد الشهداء في ساحة الشهداء، حيث يصلى على جثمانه قبل أن يوارى الثرى في مقبرة سيروب.

وكان اسم حمود قد لمع باكراً بدعم من والده الخياط صبحي الذي أصرّ على تعليم أبنائه مهما علت الكلفة. فحاز حمود منحة من الجامعة الأميركية في بيروت ليدرس الطب في ألمانيا. وبعد عودته في عام 1966، افتتح عيادة في منزل العائلة الذي بناه جدّه عام 1910 ثم اشتراه والده من أشقائه. واللافتة التي خُطّ عليها «غسان حمود اختصاصي في الجراحة والتوليد»، سرعان ما تعدّلت بعد شهر لتصبح «مستشفى غسان حمود» المجاور للسكن العائلي.

وبالتزامن، برز نشاطه السياسي، إذ انتمى إلى «حركة القوميين العرب» في ظل مناخ وطني وعروبي سيطر على المدينة. وبعيد ذلك، برز حمود كأحد الرموز الوطنية والمناصرة للثورة الفلسطينية، ما حوّل مستشفاه الخيار الأوحد لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» إلى التعاقد معه في علاج عناصرها وجرحاها. كما حظي حمود بعقد مع وكالة «الأونروا» لطبابة اللاجئين الفلسطينيين.

وبعد تحرير صيدا، أصبح غسان حمود عضواً في لجنة الإشراف الإداري المتفرعة من الإدارة المدنية وعضو مجلس سياسي. وتبلور نشاطه السياسي عام 1992 عندما رشّحه رئيس الحكومة آنذاك، رفيق الحريري، للانتخابات النيابية بوجه مصطفى سعد.

وحاول الدكتور غسان الاستفادة خلال حملته الانتخابية من رصيد موظفيه المتنوع، إلا أن ذلك لم يسعفه لبلوغ المقعد النيابي، ما جعله يعتكف السياسة والشأن العام ويتفرّغ لتطوير المستشفى الذي جذب بتقديماته الطبية مرضى الجنوب وإقليم الخروب.

وبعد تقاعده القسري، وانتقال إدارة المستشفى إلى ابنتيه الوحيدتين، طرأت عليه أزمات مالية حادة، ليُجبَر على بيع المستشفى بعد سنوات عدة.