في طريقهم إلى «التقاطع» على اسم الوزير السابق جهاد أزعور لمواجهة الوزير السابق سليمان فرنجية، «حَرَق» المتقاطعون نحو 15 مرشّحاً، قبل أن يدخلوا اليوم الجلسة النيابية الثانية عشرة لمحاولة انتخاب رئيس للجمهورية. تزامن ذلك مع تطورات إقليمية أمل البعض في انعكاسها على الاستحقاق الرئاسي، مثل التقارب السعودي - الإيراني، وعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. فضلاً عن تسمية الإليزيه وزير الخارجية الفرنسية السابق جان إيف لودريان موفداً خاصاً للبنان، ما فسّره البعض على أنه توجّه فرنسي جديد من شأنه أن يخلط الأوراق ويُنهي حظوظ تسوية «فرنجية - سلام».افتتح المعسكر الذي يضمّ القوات اللبنانية وحزبي الكتائب والتقدمي الاشتراكي وبعض «التغييريين»، السباق الانتخابي بتبنّي ترشيح النائب ميشال معوّض، رغم أن لكلّ منهم خياراته ومرشّحيه «السرّيين» المفضّلين. وعلى مدى 11 جلسة، فشل هؤلاء في تأمين الأصوات اللازمة لمعوض، الذي حصل على أعلى مجموع أصوات بلغ 43 صوتاً في الجلسة السادسة، قبل أن يبدأ عدّاد أصواته بالتراجع تباعاً. ورغم أن كلّ داعميه كانوا يعترفون ضمناً بأنه مرشح «مؤقت»، كانوا يصطنعون له معركة وهمية في انتظار بلورة الخيارات النهائية.
ومن الجلسة الأولى في 29 أيلول 2022، حتى الجلسة الحادية عشرة في 19 كانون الثاني 2023، كانت المفاوضات مستمرّة بين جميع الأفرقاء المعارضين لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية في محاولة للتوافق على مرشح يحظى بقبول أكبر قدر ممكن من أصوات النواب، وكان أن أُعلن عن تقاطع انتخابي مع التيار الوطني الحر، انسحب بموجبه معوض من المعركة، وأُعلن ترشيح جهاد أزعور.
بين معوض وأزعور «هرَّ» العديد من الأسماء التي كانت الأطراف المسيحية «تُضمرها» قبل «زمن التقاطع»، وتولّت بكركي إدراجها في لائحة موحّدة في سياق محاولتها تحصيل موافقة المتصارعين على أحدها. وتضمّنت اللائحة، إضافة إلى أزعور وفرنجية ومعوّض: قائد الجيش العماد جوزيف عون، النائب إبراهيم كنعان، الوزير السابق زياد بارود، النائب السابق صلاح حنين، السفير السابق جورج خوري، النائب نعمة أفرام، سفير لبنان في الفاتيكان فريد الياس الخازن والوزير السابق روجيه ديب.
وفيما يذهب الجميع اليوم إلى جلسة لن تخرج بانتخاب رئيس، أكّدت اتصالات الأيام القليلة الماضية ما كان اعتقاداً سائداً من قبل، بأن أزعور، هو الآخر، مرشّح «مؤقت»، بالنسبة إلى كثيرين، وليس فقط بالنسبة إلى التيار الوطني الحرّ ورئيسه جبران باسيل الذي يهدف إلى «إجبار» حزب الله على التخلي عن دعم فرنجية والذهاب إلى خيار ثالث.
أما جعجع الذي أكّد في 5 تموز 2022 أنه المرشح الطبيعي لرئاسة الجمهورية «لسبب بسيط جداً، وهو نتائج الانتخابات الأخيرة التي منحت القوات النسبة الكبرى من الأصوات»، فقد أبلغ أزعور نفسه في آخر اجتماع بينهما أن صلاح حنين هو مرشّحه المفضّل، بعد قائد الجيش العماد جوزيف عون.
في المقلب «الاشتراكي»، تعتبر المختارة أن جميع المتقاطعين على اسم أزعور إنما أتوا إلى الخيار الذي كان قد طرحه النائب السابق وليد جنبلاط، إلى جانب حنين وقائد الجيش، مع إعلانه دائماً دعمه لمرشحه المفضل شبلي الملاط.
وفيما بقي فرنجية المرشح الثابت على طول الخطّ لفريقه السياسي، مارس بعض «التغييريين» والمستقلين خفّة لافتة في تبني مرشّحين والتصويت لهم في كل جلسة من الجلسات الـ11 السابقة، إلى أن «نضجت الطبخة» وأعلن أغلبهم الاصطفاف إلى جانب قوى «المنظومة والفساد» خلف أزعور. وكان سليم إدّه وناصيف حتي وعصام خليفة أبرز الأسماء التي سبق لهؤلاء أن عرضوها.
اليوم، يجتمع رافضو فرنجية على خوض معركة أزعور، ولكل منهم حساباته وأهدافه الخاصة. لكنهم يتحضّرون لمرحلة أخرى تلعب التداعيات المحتملة لجلسة اليوم دوراً في رسم ملامحها، فإما أن تؤدي إلى تكريس معركة «كسر العظم»، أو تفتح مسار التفاوض على الخيار الثالث. وفي الحالتين ستختفي تقاطعات وتظهر أخرى.