توصّلت منظّمة «هيومن رايتس ووتش»، استناداً إلى مقاطع فيديو تم التحقّق منها وروايات شهود، إلى أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلية استخدمت الفوسفور الأبيض في عدوانها على جنوب لبنان وقطاع غزة. الفوسفور الأبيض، الذي يمكن استخدامه كستار دخان أو كسلاح، يتسبّب في ضرر للمدنيين بسبب الحروق الشديدة التي يسبّبها وآثاره الطويلة الأمد على الناجين. ووجدت المنظّمة «أن استخدامه في المناطق المكتظّة بالسكان في غزة ينتهك متطلّبات القانون الإنساني الدولي التي تقضي بأن تتخذ أطراف النزاع كل الاحتياطات الممكنة لتجنّب إصابة المدنيين والخسائر في الأرواح». نفى جيش الاحتلال الإسرائيلي ما استخلصته «هيومن رايتس ووتش» بأنه استخدم الفوسفور الأبيض في عملياته العسكرية في غزة ولبنان. وقال في البداية إنه «ليس لديه علم حالياً باستخدام الأسلحة التي تحتوي على الفوسفور الأبيض في غزة». ولاحقاً، أكّد مزاعمه قائلاً: «إن الاتهام الحالي بشأن استخدام الفوسفور الأبيض في غزة عار من الصحة بشكل لا لبس فيه».
وتقصف «إسرائيل» قطاع غزة وجنوب لبنان بقنابل الفوسفور الأبيض منذ بداية العدوان (راجع روزنامة الجرائم الإسرائيلية التي توثّق لحظة بلحظة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان).
التحقيق في جرائم الحرب عملية معقّدة وضرورية لمحاسبة الجناة وتعزيز العدالة للضحايا. تلعب الأدلة الجنائية دوراً أساسياً في التحقيق في جرائم الحرب، فهي بمثابة شاهد صامت ولكنه قوي على الفظائع المرتكبة. تساعد هذه الأدلة في تجميع أجزاء اللغز للكشف عن حقيقة ما حدث، وتحديد هوية الجناة، ومحاسبتهم على أفعالهم.
فحص الآثار والتدمير الحاصل على الهياكل أو الجثث للكشف عن نوع السلاح المستخدم ومصدره


من المهم الإقرار بالتعقيدات التي تنطوي عليها تحقيقات جرائم الحرب. قد تكون أمام إمكانية الوصول إلى مسرح الجريمة وحفظ الأدلة وسلامة الشهود تحديات كبيرة. إن استخدام تقنيات التحليل الجنائي المتقدّمة والتعاون بين الخبراء الدوليين والالتزام بالأخلاقيات والتعليمات القانونية أمران حاسمان لضمان نزاهة وفعالية التحقيقات. وبالتالي من المفترض أن يكون هذا «السعي من أجل العدالة» موجّهاً بالمبادئ الأخلاقية والتزاماً بحقوق الإنسان.



التحقيق الجنائي في استخدام الأسلحة المحظورة
■ يعتمد التحقيق الجنائي في استخدام الأسلحة المحظورة على الفحص الدقيق للأدلة المادية لإعادة بناء الأحداث وتحديد نوع الأسلحة المحظورة المستخدمة. استناداً إلى الأدلة الجنائية، يُعيد المحقّقون بناء الأحداث التي وقعت، بما في ذلك نوع السلاح المحظور المستخدم، وتسلسل إطلاق النار، والمشتبهون المحتملون.

فحص وتوثيق مسرح الجريمة
■ تتمثل الخطوة الأولى في تأمين وفحص مسرح الجريمة بدقّة للتعرف إلى وحفظ أي دليل محتمل مرتبط بالسلاح المحظور، وهذا يشمل توثيق مسرح الجريمة عبر الصور والرسومات ومقاطع الفيديو. كما تعتبر سجلات الأحداث وشهادات الشهود أموراً بالغة الأهمية. قد تلعب المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة أو جمعيات حقوق الإنسان المستقلة دوراً هنا.

التحليل الباليستي
■ تخضع أغلفة الطلقات والطلقات والأسلحة النارية نفسها لفحصٍ دقيقٍ للبحث عن علامات وشقوق وعلامات تعريف أخرى فريدة يمكن أن تربطها بأسلحة محظورة محددة. يساعد تحليل المقذوفات والطلقات والأسلحة النارية في كشف نوع السلاح المستخدم في جريمة الحرب. وعبر تحليل بقايا المتفجرات وشظاياها يمكن تحديد نوع القنابل وتتبع مصدرها. كما يُساعد فحص الآثار والتدمير الحاصل على الهياكل أو الجثث في الكشف عن نوع السلاح المستخدم ومصدره.

الأدلّة «الأثر»
■ يمكن أن تكون الجسيمات الصغيرة مثل بقايا البارود والشعر والألياف وشظايا السلاح المحظورة أدلةً حاسمة. وتُستخدم تقنيات متخصّصة للتجميع مثل الشفط (vacuuming) والحفظ بشرائط لاصقة.

التحليل المخبري
■ تمر الأدلة المجمّعة بتحليل مخبري دقيق باستخدام تقنيات متطوّرة مثل التحليل بالتنشيط النيوتروني . IAEA تكشف هذه التقنية عن التركيب العنصري للآثار الدقيقة، ما يساعد على مطابقتها بأسلحة محظورة أو ذخيرة محددة.

بناء القضية
■ تؤمّن الأدلة الجنائية بيانات ملموسة وموضوعية تعزز شهادة الشهود والأدلة الظرفية. كما تساعد في تحديد سلسلة الأحداث، وإثبات حدوث جريمة حرب بشكل لا يدع مجالاً للشك. تصبح البيانات المسجلة والمحلّلة أدلة قوية في قاعة المحكمة، تكشف عن الحقيقة الدامغة للأحداث.