قدّمت جنوب أفريقيا مذكرة إلى محكمة العدل الدولية في 29 كانون الأول 2023، لاتهام "إسرائيل" بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. وتضمنت المذكرة 84 صفحة من المعلومات والأدلة التي جمعتها جنوب أفريقيا من تقارير الأمم المتحدة، سواء الخاصة بالمقرّرين الخاصين لدى الأمم المتحدة، أو مفوّضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. وعقدت محكمة العدل الدولية جلسات استماع علنية في 11 و12 كانون الثاني 2024 لسماع مرافعات الطرفين. وفي أثناء اجتماعات القضاة في لاهاي لإصدار القرار، واصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين كما يصعّد حرب التجويع والتعطيش، في حين تواجه الحوامل مخاطر الإجهاض والولادة المبكرة في ظروف غير إنسانية وغير لائقة، بينما جيل كامل من الأطفال في غزة مهدد بـ«التقزم» بسب عدم كفاية التغذية.


نستعرض في هذا المقال سياسة الاحتلال الإسرائيلية الهادفة إلى إبادة الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم عبر قتلهم قصفاً وجوعاً ومرضاً.
منذ 7 تشرين أول 2023، قتل جيش الاحتلال الاسرائيلي ما يزيد على 25000 فلسطيني، من بينهم أكثر من 11,000 طفل و7500 امرأةن فيما أصيب أكثر من 63,000 فلسطيني آخرين. أكثر من 7000 فلسطيني مفقود. يُفترض أنهم استشهدوا تحت أنقاض المباني والمنازل المدمرة، أو يموتون ببطء، أو تتحلل جثثهم في شوارع «الممرات الآمنة». دمّرت «إسرائيل» أكثر من 350,000 وحدة سكنية، 417 مسجد وكنيسة وغيرها المئات من المنشآت المدنية الأخرى.
من خلال مراجعة وتحليل البيانات التي جرى توثيقها عن العدوان على غزة منذ اليوم الأول حتى اليوم مئة وثمانية (راجع القوس: روزنامة الجرائم الإسرائيلية) يمكن تحديد عدة عناصر من أعمال الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الاسرائيلي بحق الفلسطينيين، ويشمل ذلك قتل الفلسطينيين في غزة، وإلحاق أذى جسدي وروحي خطير بهم، وإخضاعهم عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي كلياً أو جزئياً وفرض إجراءات تهدف إلى منع الولادات الفلسطينية.

استخدام التجويع سلاح حرب
يمثل سكان غزة 80% من جميع الأشخاص في العالم الذين يواجهون خطر المجاعة أو الجوع الكارثي حيث تستخدم «إسرائيل» تجويع المدنيين أسلوباً للحرب في قطاع غزة، ويتعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، ويعرقل عمدا المساعدات الإنسانية، ويجرّف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم.
• يمضي 9 من كل 10 أسر في شمال غزة وأسرتين من كل ثلاثة في الجنوب يوما كاملا وليلة كاملة على الأقل دون طعام.
• أكثر من ثلث الأراضي الزراعية في الشمال قد دمرت بسبب القصف الإسرائيلي.
• جيش الاحتلال الإسرائيلي دمّر حوالي 70% من أسطول الصيد في قطاع غزة.
• الماشية في شمال قطاع غزة تواجه التجويع بسبب نقص العلف والمياه.



انعدام الامن المائي
في غزة ثلاث محطات تحلية للمياه، أصبحت كلها إما خارج الخدمة أو تعمل بشكل محدود بسبب قلة الوقود. وفي تقرير لليونيسف، انخفض انتاج المياه في غزة الى 5 في المائة في اواخر اكتوبر/ تشرين الاول . وبالرغم من أن إنتاج المياه كان قد ارتفع إلى 12 في المائة بحلـول 21 تشـرين الثاني/نوفمبـر 2023 بعد استئناف ادخال الوقود، الا ان هذه النسبة لا تزال دون مستوى الحاجة اليومي. ومن الجدير ذكره أن منظمة الصحة العالمية توصي ان تصل حصة الشخص الواحد من المياه (للشرب، والاستحمام والطهي وغير ذلك) في حالات الطوارئ إلى 15 ليترا كحد ادنى، في حين لا تتعدى حصة الشخص الواحد من المياه 3 لترات يوميا، في بعض مناطق غزة، لا سيما شمال القطاع.
مخاطر كبيرة للإجهاض.
ثلاث محطات تحلية للمياه أصبحت كلها إما خارج الخدمة أو تعمل بشكل محدود بسبب قلة الوقود


كشفت تقارير عن تعرض نساء حوامل فلسطينيات للإجهاض خلال فترات العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، حيث تم تسجيل مئات حالات الإجهاض والولادة المبكرة في قطاع غزة، نتيجة الذعر والهروب القسري تحت القصف الوحشي، بحسب ما كشفت وزارة الصحة الفلسطينية.
• حياة نحو 60 ألف سيدة حامل معرضة لخطر مضاعفات الحمل.
• نحو 180 سيدة يلدن يومياً في ظروف غير آمنة وغير انسانية.
• زيادة بنسبة 300 في المائة في حالات الإجهاض.
• زادت نسبة الولادات المبكرة بنسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة.
• أكثر من 690 ألف امرأة وفتاة في فترة الحيض لا يحصلن إلا بشكل محدود على مستلزمات النظافة الخاصة بالدورة الشهرية.

آثار مدمرة على الأطفال
المواليد الجدد مهددون بالعدوى والتعقيدات التي تتعرض لها أمهاتهم، وقد مات العديد من المواليد الجدد بسبب الافتقار إلى الموظفين والعاملين الصحيين والمرافق والكهرباء والنظافة الصحية وغير ذلك من القضايا التي يسببها الحصار الإسرائيلي. بحسب منظمة أوكسفام، يموت المولودون الجدد الذين تصل أعمارهم إلى ثلاثة أشهر بسبب الإسهال، وانخفاض درجة الحرارة، والجفاف، والإصابة، اذ أن الأمهات لا تحصلن إلا على القليل من الدعم الطبي أو لا تحصلن على أي دعم طبي، وتعشن في ظروف مروعة بدون مياه أو مرافق صحية أو حرارة أو غذاء.
• ما بين 17 ألف و18 ألف طفل فلسطيني خسروا أحد والديهم أو كليهما، مما تركهم دون دعم عاطفي أو مالي.
• جيلا كاملا مُعرض لمخاطر الإصابة بـ«التقزم» بسب عدم كفاية التغذية.
• يتعرض جميع الأطفال تحت سن الخامسة، البالغ عددهم 335 ألفا، لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد مع زيادة الظروف المؤدية للمجاعة.