خلال جلسة محكمة العدل الدولية في 12 كانون الثاني - يناير، اتهمت إسرائيل جنوب أفريقيا بتقديم وجهة نظر «مشوّهة للغاية» للأعمال العسكرية، وقدّم محاموها خرائط ومقاطع فيديو وصوراً ورسوماً بيانية مشروحة في دفاعهم ضد اتهامات الإبادة الجماعية. زعم المحامون «الإسرائيليون» خلال الجلسة، أن حماس هي المسؤولة، بشكل مباشر أو غير مباشر، عن مقتل العديد من المدنيين الفلسطينيين والتدمير الواسع النطاق لآلاف المباني، وهو ما استشهدت به جنوب أفريقيا لدعم طلبها. وقال المحامون إن مدنيين قُتلوا بسبب الخدع العسكرية التي زرعتها حماس في المنازل، وقيام الحركة بتلغيم الأزقة، وإساءة إطلاق الصواريخ حول البنية التحتية العامة. وقد أصدرت مجموعة الأبحاث والفنون Forensic Architecture تحليلها الخاص للمواد المرئية التي قدمها الفريق القانوني الإسرائيلي في جلسة محكمة العدل الدولية. وفقًا للمجموعة، تشير النتائج إلى حالات متعددة من التحريف والتسميات الخاطئة والأوصاف المضللة، حيث تم تحليل وشرح ثماني حالات ضلل فيها الفريق القانوني الإسرائيلي «الأدلة» التي استشهد بها. الإضاءة على التقارير العلمية التي تكشف الأكاذيب الاسرائيلية تصبح أكثر إلحاحا نظرا لتاريخ «إسرائيل» الطويل في تقديم ادعاءات كاذبة ومضللة عمدا، مدعومة بمواد بصرية يتم التلاعب بها وتحريفها.
موقع إطلاق الصواريخ


قدم الفريق القانوني «الإسرائيلي» الدليل رقم 1 الذي زعم أنه دليل على وجود موقع إطلاق صاروخي قريب من منشأة لتحلية المياه. الشكل عبارة عن صورة قمر اصطناعي مع تعليق توضيحي باللون الأحمر يسلط الضوء على موقع الإطلاق المزعوم، وادعى الفريق القانوني الإسرائيلي:
«وفي الصورة التالية، يمكن رؤية دليل على إطلاق صاروخ من مكان قريب من محطة تحلية المياه في غزة».

الدليل رقم 1: موقع إطلاق الصواريخ


وجد التحليل الجنائي أن الحفرة الأرضية التي تم تسليط الضوء عليها ناجمة على الأرجح عن قنبلة إسرائيلية. وتم استخدام صور الأقمار الصناعية والنمذجة الثلاثية الأبعاد لحساب حجم وعمق الميزة المميزة، حيث يبلغ قطر الحفرة حوالي 7 أمتار، وعمقها مترين. ووجد الخبراء أن أبعاد الحفرة تتفق مع آثار قنبلة يتراوح وزنها بين 500 رطل و1000 رطل، وقاموا بمقارنة أبعادها وشكلها بأبعاد الحفر الأخرى المرئية في جميع أنحاء غزة ووجدوا أنها متسقة مع بعضها البعض.
شبكة الحفر التي تم تحديدها في شمال غزة، والتي من المحتمل أن تكون ناجمة عن ذخائر تم إسقاطها من الجو. (رسم توضيحي للهندسة المعمارية الجنائية).

المستشفيات: مستشفى القدس


قدم الفريق القانوني «الإسرائيلي» الدليل رقم 2 للادعاء بأن مستشفى القدس تم استخدامه لأغراض عسكرية، وبالتالي كان استهدافه مع المستشفيات الأخرى مبررًا.
اللقطات التي استمدت منها الصورة، كانت تحتوي على خطوط وتعليقات تشير إلى الحدود المزعومة للمستشفى وموقع المقاتل الفلسطيني. وعند عرض هذه الصورة ادعى الفريق القانوني الإسرائيلي:
«في الصورة، أحد المسلحين يدخل إلى مستشفى القدس ومعه قذيفة آر بي جي. أطلقت حماس النار على قوات الجيش الإسرائيلي من مكان قريب، ومن داخل مستشفى القدس».

الدليل رقم 2: مستشفى القدس
هذه الصورة مستمدة من مقطع فيديو نشره جيش الاحتلال الإسرائيلي كجزء من بيان صحافي، بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2023. والفيديو الكامل يتألف من ثلاثة مقاطع تظهر مواجهات عسكرية في محيط المستشفى.
قام الخبراء بالبحث عن صور للمستشفى وتحليلها بحثًا عن دلائل تشير إلى حدود المستشفى. ووجدوا أن المستشفى يتكون من ثلاثة مبانٍ رئيسية، يحمل كل منها لافتات واضحة، وأنه تم تضمين مبنيين شمال مجمع المستشفى بشكل مضلل في شرح الجيش الإسرائيلي لحدود المستشفى. أحد المبنيين هو عبارة عن مبنى تجاري وسكني متعدد الاستخدامات، وفي الطابق الأرضي من المبنى لافتة تجارية لمحل بيع الحلويات.






كما أن الصور الجوية للمستشفى التي نشرتها الجزيرة وسي إن إن تعزز النتائج التي توصل إليها الخبراء في ما يتعلق بالحدود الصحيحة لمجمع المستشفى، إذ تظهر رمز الهلال الأحمر البارز الموجود على كل من مباني المستشفى الثلاثة، فيما لا وجود للرمز على المبنيين المدرجين في المخطط العسكري الإسرائيلي لحدود المستشفى.
تعليق توضيحي على الصورة المقدمة إلى محكمة العدل الدولية من قبل الفريق الإسرائيلي مع تصحيح الحدود باللون الأحمر. (رسم توضيحي للهندسة المعمارية الجنائية).
مبنى شمال مستشفى القدس. اللافتة التي مكتوب عليها "الحلويات" هي اللافتة السوداء الموجودة في الطابق الأرضي من المبنى المنقط. (رسم توضيحي للهندسة المعمارية الجنائية).
إلى ذلك، فحص الخبراء العناصر والادعاءات الأخرى الواردة في البيان الصحفي الصادر في 13 تشرين الثاني - نوفمبر 2023 وفي الفيديو الذي تم اشتقاق الدليل رقم 2. في الفيديو، لم يتم العثور على المقاتل الفلسطيني، الذي أشار إليه الفريق القانوني الإسرائيلي، يدخل المستشفى في أي وقت.
كما ادعى الجيش الإسرائيلي أن المقذوف الذي ظهر في الفيديو، والذي شوهد مع أثر دخان في لقطات الطائرة بدون طيار، تم إطلاقه من مستشفى القدس. ولكن من خلال نموذج ثلاثي الأبعاد للمستشفى ومحيطه المباشر، ومع «مطابقة الصور» من مقطع الفيديو لإعادة بناء مسار المقذوف، تبين للخبراء أن المسار الممتد، الموضح باللون الأحمر في الصورة أدناه، لا يمكن أن يكون قد نشأ من المستشفى.
صورة القمر الاصطناعي للمستشفى. مسار القذيفة المعاد تشكيله مُشار إليه باللون الأحمر، وموقع الدبابة الإسرائيلية مُشار إليه بخط أبيض متقطع، وحدود المستشفى مُشار إليها بخط أبيض متصل. (رسم توضيحي للهندسة المعمارية الجنائية).

المستشفيات: مستشفى الشفاء


قدم الفريق القانوني الإسرائيلي الدليل رقم 3 لدعم حجته بأن مستشفى الشفاء كان هدفًا عسكريًا مشروعًا. هذا الشكل مركب من صورة قمر صناعي (مع تعليق توضيحي على شكل دائرة يدعي أنه موقع عمود النفق) وصورة ملتقطة بطائرة بدون طيار تظهر عمود النفق. وأثناء عرض هذه الصورة، أوضح الفريق القانوني الإسرائيلي ما يلي:
«وفي مستشفى الشفاء، أدارت حماس العمليات من منطقة مغلقة. هنا يمكن رؤية فتحة للنفق الذي يمتد لمئات الأمتار مباشرة تحت المستشفى».

الدليل رقم 3: مستشفى الشفاء
زعم الفريق القانوني الإسرائيلي أن النفق يمتد لمسافة «مئات الأمتار مباشرة تحت المستشفى» وأن طوله يبلغ 55 مترًا. حدّد الخبراء موقع عمود النفق، ووجدوا أن لا تطابق بين أي من المناطق المستهدفة في الضربات المباشرة الـ 11 على مستشفى الشفاء مع موقع فتحة النفق أو أقسام المستشفى التي ادعى الجيش الإسرائيلي أن هناك نفقًا يمتد تحتها. كما وجدوا أن الحجم الفعلي للنفق ومداه لا يتوافقان مع الرسوم التوضيحية التي نشرها الجيش الإسرائيلي وتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر.

المدارس: مدرسة بيت حانون التابعة للأونروا


قدم الفريق القانوني الإسرائيلي الدليل رقم 4 لدعم ادعائه بأن المقاتلين الفلسطينيين شاركوا في إطلاق النار الحي من مدرسة تابعة للأمم المتحدة. وكتبوا: «هنا يمكن رؤية المسلحين يطلقون النار من مدرسة تابعة للأمم المتحدة. يمكنك رؤية الحروف "UN" على السطح والنار محاطة بدائرة حمراء.

الدليل رقم 4: مدرسة بيت حانون التابعة للأونروا


استخدم الفريق القانوني الإسرائيلي الدليل رقم 4 ليجادل بأن الملاجئ والمدارس الأخرى التي استهدفتها فقدت وضعها المحمي، وبالتالي فهي أهداف عسكرية مشروعة. وكما فعلوا مع المستشفيات، استخدم الفريق القانوني الإسرائيلي حالات فردية، هي نفسها غير مثبتة ومشكوك فيها، لتفادي المسؤولية عن كل استهدافات المدارس والملاجئ في غزة.
وجد الخبراء أن مستوى الدمار حول المدرسة قبل ثلاثة أسابيع من التقاط الفيديو يشير إلى مستوى عالٍ من النشاط العسكري الإسرائيلي، مما يجعل من غير المرجح أن يكون المبنى قد تم استخدامه كمدرسة أو ملجأ خلال تلك الفترة.
خريطة القمر الاصطناعي لمحيط المدرسة في 30 نوفمبر 2023 مع الصورة التي قدمها الفريق الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية (أعلى اليسار). (رسم توضيحي للهندسة المعمارية الجنائية).

المباني السكنية المدنية


قدم الفريق القانوني «الإسرائيلي» الدليل رقم 5 للادعاء بأن المقاتلين الفلسطينيين كانوا يستخدمون المباني السكنية لأغراض عسكرية:
«يتم إساءة استخدام المنازل والمدارس والمساجد ومرافق الأمم المتحدة والملاجئ كلها لأغراض عسكرية من قبل حماس، بما في ذلك استخدامها كمواقع لإطلاق الصواريخ [...] في الصور المعروضة، يمكنك رؤية أحد المسلحين وهو يقوم بإعداد المقذوفات لإطلاقها على قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في غزة. يمكنك رؤية الثقوب الموجودة في المنزل السكني لإخفائها وإطلاقها».

الدليل 5: مبنى سكني مدني


في التحليل الجنائي تبين أن المنطقة التي تم التقاطها هي منطقة ريفية ذات كثافة سكانية منخفضة، وتتكون بشكل أساسي من أراضي زراعية. وفي وقت تسجيل الفيديو، كان الجيش «الإسرائيلي» يسيطر على الأرض في المنطقة التي تم التقاطها في الفيديو.
ووجد الخبراء أنه من غير المرجح أن يكون المبنى الموجود في الصورة التي عرضها الفريق القانوني «الإسرائيلي» قيد الاستخدام من قبل المدنيين أو كان ملجأ مدنيًا.
تحديد الموقع الجغرافي لأحد المقاطع (أعلى اليمين) من الفيديو الذي يشتق منه الدليل رقم 5. (رسم توضيحي للهندسة المعمارية الجنائية)

استهداف منشآت الامم المتحدة
قدم الفريق القانوني «الإسرائيلي» الدليل رقم 6 للادعاء بأن الفلسطينيين أطلقوا صاروخًا من منطقة قريبة من منطقة إنسانية ومنشأة تابعة للأمم المتحدة في رفح. وعند عرض هذه الصورة ادعى الفريق:
«يمكنك رؤية مثال واحد لموقع إطلاق مجاور للمنطقة الإنسانية».

الدليل 6: المنطقة الإنسانية في رفح
الدليل 6 مستخرج من مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي في 7 كانون الأول/ديسمبر 2023، ويعرض الموقع قبل وبعد الإطلاق. لكن الفيديو لا يظهر لحظة الإطلاق الفعلي. يقع الموقع أيضًا خارج حدود «المنطقة الإنسانية» المشروحة، في منطقة غير مأهولة بالسكان على بعد 210 أمتار من منشأة الأمم المتحدة و85 مترًا من المخيم.
وجد الخبراء أن حدود «المنطقة الإنسانية» البيضاء في الدليل رقم 6 لا تتسق مع البيانات الواردة من أي مصادر أخرى. علاوة على ذلك، فإن الخط الأبيض الذي يحدد «المنطقة الإنسانية» لا يتوافق مع أي من الكتل الـ 600 التي قسّم الجيش الإسرائيلي إليها قطاع غزة لتسهيل إجلاء المدنيين. ووجد الخبراء أن شكل ومعايير هذه الحدود مضللة ومخادعة في سياق تجاهل إسرائيل الموثق لـ«المناطق الإنسانية» التي حددتها.

أوامر الإخلاء والمناطق الآمنة


قدم الفريق القانوني «الإسرائيلي» الدليل رقم 7 والدليل رقم 8 في محاولة لدحض الادعاء الذي قدمه الفريق القانوني لجنوب أفريقيا بأن الطريقة التي أمرت بها إسرائيل بعمليات الإخلاء كانت تهدف إلى إحداث تدمير جسدي للفلسطينيين. وإلى جانب الدليل رقم 7، أدلى الفريق القانوني الإسرائيلي بالبيان التالي:
«ويحتفظ جيش الدفاع الإسرائيلي بوحدة لتخفيف الأضرار المدنية للقيام بهذه المهمة. وهي تعمل بدوام كامل لتوفير إشعار مسبق بالمناطق التي ينوي الجيش الإسرائيلي تكثيف أنشطته فيها، وتنسيق طرق السفر للمدنيين وتأمين هذه الطرق. وقد قامت هذه الوحدة بوضع خريطة تفصيلية بحيث يمكن إخلاء مناطق محددة بشكل مؤقت، بدلاً من إخلاء مناطق بأكملها. في الصورة التي أمامك، يمكنك رؤية تلك الخريطة، مقسمة إلى مناطق، بالإضافة إلى لقطة شاشة لمقطع فيديو يشرح النظام باللغة العربية حتى يتمكن المدنيون من فهمه. ويفرض الجيش الإسرائيلي أيضًا فترات توقف محلية في عملياته للسماح للمدنيين بالتحرك. وهو يفعل ذلك على الرغم من أن حماس لا توافق على فعل الشيء نفسه، بل إنها هاجمت قوات الجيش الإسرائيلي التي تؤمن الممرات الإنسانية».
بالنسبة للدليل رقم 8، ادعى الفريق القانوني الإسرائيلي:
«هنا يمكنك رؤية حساب تويتر باللغة العربية التابع للجيش الإسرائيلي، والذي يوفر معلومات للمدنيين لإخلاء مناطق محددة، بما في ذلك موقع الملاجئ القريبة».

الدليل 7: خريطة شبكة غزة التي نشرها الجيش الإسرائيلي
وجد التحليل الجنائي أن هذه الخريطة كانت قيد الاستخدام بالفعل من قبل الجيش الإسرائيلي في وقت مبكر من 7 أكتوبر 2023 للتخطيط العسكري والإنشائي قبل سنوات.

الدليل 8: أمر الإخلاء على تويتر
يقدم الدليل رقم 8، الذي نُشر لأول مرة في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2023، مثالاً للتعليمات غير الكاملة والخاطئة والمضللة التي نشرها الجيش الإسرائيلي. وفي هذه الصورة وجدنا التناقضات التالية:
تم إدراج الكتلة 55 ولكنها غير ممثلة في الخريطة.
تم إدراج الكتلة 99 ولكنها غير مغطاة بالكامل في الخريطة.
كلا المربعين 100 و63 مغطيان جزئيا، على الرغم من عدم إدراجهما في تعليمات الإخلاء المكتوبة.