في الوقت الذي توقّفت فيه مجلّات وصحف ورقية عن الصدور، غامر «اتحاد الكتّاب التونسيين» بإصدار مجلة ثانية ذات طابع فكري وأكاديمي تحمل عنوان «حوارات فكرية»، مع مجلّته الأولى التي تصدر منذ ثلاثين عاماً «المسار».صدر العدد الثالث من هذه المجلة «الفكرية المحكمة» لفصل الربيع خاصاً بـ «البداوات في الأدب والفكر». وهذه أوّل مجلّة محكّمة تصدر خارج الجامعات التونسية وقد خُصّص هذا العدد لـ «البداوة»، متضمّناً مجموعة من الدراسات منها قراءة في المجموعة الشعرية الأخيرة للشاعر آدم فتحي (نافخ الزجاج الأعمى ــ دار الجمل) بعنوان «ذاكرة الأعمى… ترحال الشّاعر، خواطر في البداوة الشّعرية، قراءة في ديوان شعري»...
العدد تضمّن دراسات أخرى حول الإباضية بعنوان «الإباضية الذاكرة المتشظّية» لزهير تغلات و«ذؤبان العرب أو البعد اللّامرئي» لصلاح الدين الحمّادي و«النقد الإيكولوجي ومستقبل الدرس الأدبي» لبسمة عروس و«ليس الخبر من العيان، قراءة في خبر حكومة أم جندب بين امرئ القيس وعلقمة الفحل» لعبد القادر الحسّون و«منزلة الصابئة في الإسلام المبكر، قراءة في كتاب الصابئة في الإسلام لآمنة الجبلاوي» لحمادي الرديسي و«قراءة في كتاب عمر العلوي التفكير والحدود… دراسة في إستيطيقا المقاومة» لحسام المسعدي...
هذه المجلة الجديدة تسعى إلى أن تكون منبراً عربياً، وليس تونسياً فقط. وهي محاولة جديدة وجريئة لإحياء تقاليد المجلات ذات الطابع الفكري، خصوصاً التي تفتقر لها تونس. فحتى المحاولات القليلة التي ظهرت في البلاد في السنوات العشر الأخيرة، مثل مجلّة «الفكر الجديد»، توقّفت بعد أعداد قليلة بسبب شحّ الإمكانات المالية وضيق السّوق.
«حوارات فكرية» التي تضمّ هيئتها العلمية عدداً من أبرز الأكاديميين التونسيين، تعمل على «ردّ الاعتبار» للمجلات الثقافية والفكرية والأكاديمية التي تكاد تندثر في العالم العربي. رهان يبدو أنه ضدّ السائد، وأشبه بمغامرة محفوفة بكثير من الطموح واحتمالات الفشل في سوق عربية لم تعد تتّسع للأحلام!