توفي المصوّر اليوناني يانيس بيراكيس بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان عن عمر ناهز 58 عاماً. يعدّ الراحل أحد أكثر مصوّري «رويترز» شجاعة. بعد انضمامه إلى الوكالة قبل 30 عاماً، غطى بيراكيس كثيراً من الأحداث المضطربة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الصراعات في أفغانستان والشيشان وزلزال كبير في كشمير وثورة يناير المصرية في 2011.خلال فترة عملة، قاد بيراكيس فريقاً للفوز بجائزة «بوليتزر» في 2016 لتغطيته أزمة اللاجئين في أوروبا، فيما قال أمام لجنة مناقشة سلسلة الصور الفائزة بالجائزة: «مهمتي هي أن أروي لكم القصة ثم تقررون ما تريدون... مهمتي هي التأكد من أنه لا يوجد شخص يمكنه أن يقول‭: لم أكن أعلم».
رجل يضع طفلاً في نعش بعدما لقي حتفه خلال المعارك في يوغوسلافيا

ولد بيراكيس في أثينا عام 1960، وبدأ العمل مع رويترز في العاصمة اليونانية كمصوّر حر في 1987. بعد ذلك بعامين، أُرسل إلى ليبيا إبان حكم معمر القذافي. وخلال العقود الثلاثة التالية، كان بيراكيس يغطي أعمال العنف والاضطرابات في أوروبا وروسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. والتقطت صوره رهب المعارك والخوف والموت والحب والترهيب والمجاعة والتشرد والغضب وفقدان الأمل والشجاعة. خلال الحروب في يوغوسلافيا، التقط صورة في عام 1998 لرجل من أصل ألباني يضع جثة طفل عمره عامان لقي حتفه خلال المعارك في نعش صغير. الصورة مأخوذة من موقع مرتفع واستخدمت فيها تقنية السرعة البطيئة مع التكبير لإظهار الإحساس بالحركة. وعن تلك الصورة، قال بيراكيس: «كانت قوية جداً وكان جسد الصبي وكأنه يحلق في الهواء... بدا الأمر وكأن روحه تغادر جسده إلى السماء».
وفي 2000 أثناء تغطية الحرب الأهلية في سيراليون، كان بيراكيس يسافر في قافلة مع زميليه في «رويترز» كورت شورك ومارك تشيشولم ومصوّر «أسوشييتد برس» ميغول جيل مورينو عندما نصب لهم مسلحون كميناً. أصيب شورك أحد أقرب أصدقاء بيراكيس، وتوفي على الفور كما قتل مورينو واستطاع بيراكيس وتشيشولم الهرب. ونجا الإثنان من الهجوم بالزحف إلى الأشجار على جانب الطريق والاختباء في الغابة لساعات حتى اختفى المسلحون. يومها، التقط بيراكيس صورة لنفسه بعد المحنة ويظهر في الصورة وهو يحدق في السماء في ذهول.
أما خلال السنوات الأخيرة، فقضى بيراكيس كثيراً من الوقت في اليونان حيث رصد تأثير الأزمة المالية على بلده الأم وتدفّق مئات الألوف من المهاجرين الذين دخلوا إلى أوروبا. وفي 2015، عمل وفريق من المصوّرين لأشهر على تغطية آلاف الفارّين من الحروب في سوريا وأفغانستان ومناطق الصراع الأخرى. وفي 2017، دشن مشروعاً لمساعدة «رويترز» في تكوين فريق أكثر تنوعا من المصوّرين الصحافيين. وبحسب الوكالة، ألهم حضور بيراكيس المهرجانات والأحداث في جميع أنحاء العالم العديد من الصحافيين الشباب لتقديم طلب للحصول على منحة من «رويترز»، الأمر الذي ولّد شعوراً لالـ «فخور» لدى الراحل الذي ظلّ يبحث عن جيل جديد من المواهب حتى وفاته.