إنها الليلة الأعنف على الجسم الصحافي، بعد ما حصل في كانون الأول (ديسمبر) الماضي في «ساحة النجمة»، عندما تعرّض مصورون وصحافيون الى الإعتداء من قبل القوى الأمنية. فقد شهد أمس، حفلة جنون أخرى، قادتها قوى مكافحة الشغب في «ثكنة الحلو» (مار الياس)، بحق المتظاهرين الذين احتشدوا بالعشرات للمطالبة بإخلاء سبيل الموقوفين الذين سيقوا أول من أمس الى هناك، على خلفية أحداث «شارع الحمرا». مع تقدم ساعات المساء، بدأت الإشتباكات بين الطرفين. هذه المرة، كانت «الجولة» تتسم بعنف مفرط، غير مسبوق، طال المحتجين، والمصورين والمراسلين، في مسار يأخذنا الى نية مبيتة للتعتيم على ما يجري أمام الثكنة ومحيطها.
بعد الإعتداء على المصوّر حسين بيضون (العربي الجديد)، واعتقاله في الثكنة وطلب العسكريين منه هناك إزالة تسجيلات كاميرته، الأمر الذي رفضه بيضون، وتراجع المحققون عنه في ما بعد، كونه يخالف القانون بشكل صريح، قامت قوى مكافحة الشغب بالإعتداء المباشر على فريق «الجديد» (حسان الرفاعي والمصّور سمير العقدة)، أثناء البث المباشر، وطالت الإعتداءات الزميل مروان طحطح ومصوّر «دايلي ستار» حسن شعبان، الى جانب مصوّري «النهار» نبيل اسماعيل، و mtv جوزيف نقولا ،وكما تعرّض عصام عبد الله، مصوّر وكالة «رويترز» للاعتداء وحطّمت كاميرته. كل هؤلاء كانوا يرتدون الخوذ ويظهرون هويتهم الصحافية، لكن الهمجية التي مورست بحقهم كانت مقصودة، من عناصر أمنية أرادت إخفاء الصورة الوحشية التي تمارسها هناك، بحق المحتجين. ويبدو أن عملية التعتيم لم تنجح. إذ سرعان ما انتشرت الصور التي يندى لها الجبين، من عمليات ضرب وسحل سجلتها الكاميرات وما لبثت أن توزعت باطراد على وسائل التواصل الإجتماعي. الإعتداء مستمر على الجسم الصحافي، وتحديداً المصورين الذين يعاملون في كل مرة على أنهم مكسر عصا، فيما تكتفي نقابتهم بتوزيع بيانات الإستنكار، من دون أي تحرك فعلي لوقف الإستفراد بهم. لم يكن أمام هؤلاء سوى الإعتصام أمام «وزارة الداخلية» ظهر اليوم، للتنديد بما حدث ليلة البارحة.