قبل تسع سنوات، وتحديداً في نهاية تشرين الأول (أكتوبر)، ظهر رئيس مجلس إدارة «الجديد» تحسين الخياط في احتفالية القناة بمرور عشرين عاماً على انطلاقتها. وقتها استضيف ضمن برنامج «الأسبوع في ساعة»، ورافقته الكاميرا من لحظة دخوله باب المحطة، وصولاً الى الاستديو. حلقة استخدم فيها جورج صليبي كل أساليب التبجيل والتمجيد بالخياط، وفتح المجال بعدها لربط حياته الشخصية و«المعرضة» للخطر بسبب مواقف المحطة «الجريئة» وآرائه السياسية المتعلقة في تلك الحقبة بالأزمة السورية وبتمويل القناة. وبعد مرور هذه السنوات، عاد الخياط ليظهر أمس، على شاشته، هذه المرة، ضمن احتفالية البرنامج السياسي الذي اضحى اسمه «وهلق شو؟» بعيده العشرين. «عشرين سنة بساعة» كان عنوان حلقة امس، التي امتدت على ثلاث ساعات، دشن من خلالها الاستديو الجديد للبرنامج بمساحته الشاسعة، واستعرض الأحداث التي دارت في هذه السنوات، لا على طريقة السرد، والمواكبة بل على شاكلة ايهام المتابع بأن البرنامج الحواري السياسي أسهم في صناعة هذه الأحداث، من تظاهرات وهزّات حكمت لبنان خلال الأعوام الماضية. افتتحت الحلقة، مع الخياط، ضمن ما أسماه صليبي بـ «الزيارة الودية». هذه المرة، جرى الحديث في منزل الخياط، في الشكل، لكن في المضمون لم تختلف عن الحلقة التي صوّرت قبل تسعة أعوام. إذ سمحت هذه الدقائق التي ظهر فيها الخياط، بتصويره مرة جديدة على انه «مار تحسين» والرجل الذي دخل الإعلام «لمحاربة الفاسدين»، وغيّر في المشهد الإعلامي المحلي! هكذا، تواطأ صليبي مع ضيفه ومرّر رسائل بأنه لم يخضع يوماً لأي إملاءات من قبل إدارة المحطة، وبأنه أعطي الحرية الكاملة في استضافة السياسيين من كافة الأطياف. استضافة الخياط، هذه المرة، ولو من باب احتفالية البرنامج بعيده العشرين، تقصدت الدخول في تمجيد عمله، والإضاءة على «النجاحات» التي حققها، وعلى المسافة التي يضعها من الطبقة السياسية، ومساهمة محطته في التشهير بالفاسدين، وربما الأهم هنا، تنصله من لعبة المنظومة الإعلامية المتداخلة مع السياسة، مع تكراره بأنه على منأى منها، وبأن محطته وقفت خلاف إرادة السياسيين في انتفاضة «17 تشرين»، ودعمت الأخيرة. إنها بالمختصر حفلة جديدة، ملؤها التبجيل والمبالغات، وحتى الاحتيال على الناس، بنفض يد المحطة من المنظومة السياسية، ومن لعبة التمويل، التي نفاها الخياط في حديثه امس، ومحاولة الظهور عبر شاشته بمظهر صاحب المحطة التي رفعت سقف الجرأة في الإعلام ودفع أثماناً غالية. لكن في نهاية المطاف، البرنامج الذي خرج منه الخياط أمس، شكل الى جانب نشرات إخبارية وحوارية أخرى، على «الجديد»، المساحة التي عوّمت هذه الطبقة السياسية وما زالت، ودخلت لعبة التسييس والإنتقائية في الهجوم على اطراف سياسية دون اخرى. والأهم الأجندات التي ظهرت بشكل واضح بعيد «انتفاضة تشرين» والإتجاه التحريضي المتمثل بتصويب المحطة على المقاومة انطلاقاً من أوجاع الناس في الشوارع.