منذ اهتمام القنوات المصرية بالمسلسلات التي تُعرض خارج السباق الرمضاني، لم يتأخّر انطلاق هذا الموسم كما حصل قبل أشهر. كان معتاداً دخول الشاشات في إجازة من الأعمال الدرامية الجديدة بين عيدَيْ الفطر والأضحى، ليُعاد خلال هذه الفترة التي لا تزيد عن عشرة أسابيع عرض مسلسلات رمضان المتميّزة، على أن تبدأ الإنتاجات الجديدة المعدّة للعرض خارج رمضان بعد إجازة عيد الأضحى مباشرة. لكن لأسباب تتعلّق بأزمة مالية، لم يبدأ الموسم إلا بحلول تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، وهو الشهر الذي شهد يومه السابع انطلاقة عدوان إسرائيلي هو الأعنف على غزّة بعد ضربة هي الأقوى تلقاها الكيان الصهيوني في عملية «طوفان الأقصى». هكذا، خابت ظنون معظم العاملين في سوق الدراما في مصر الذين ظنّوا أنّ الأمور على الأرض لن تتطوّر كثيراً، فلم يرجئوا مواعيد العرض. وفي الوقت نفسه، لم يُحتفَ كما ينبغي بهذه الأعمال الدرامية. حتّى إنّ نجوم الناجح منها مثل «صوت وصورة» لحنان مطاوع ووليد فواز وصدقي، تعاملوا مع الإشادات على استحياء خوفاً من سهام النقد. فقد ظهرت مطاوع في حلقة خاصة من برنامج «معكم» للإعلامية منى الشاذلي على شاشة ON، إلا أنّها لم تحقّق مشاهدات أو انتشاراً ملحوظاً بسبب المتابعات المستمرة للتطوّرات الميدانية. هكذا، تكوّن على منصات التواصل الإجتماعي مسارَان لا مسار واحد كالمعتاد في المواسم الدرامية السابقة، إذ احتفظت الصفحات المخصصة لمتابعة المسلسلات بنشاطها وتابعت الأعمال الجديدة بتركيز واضح (سواءً بمتابعة تلقائية أو مدفوعة كما يحدث بكثافة في المواسم الأخيرة) فيما تفاعل النجوم مع هذه المتابعات، خصوصاً أبطال «صوت وصورة». غير أنّ صفحات الإعلاميين والعاملين في الشأن العام، كانت أقل تفاعلاً في وقت صبّ فيه التركيز الأكبر على مجزرة «مركز الشفاء الطبي» والضربات الإسرائيلية في شمال غزّة والغزو البري وفيديوات «أبو عبيدة» ومثّلثه الأحمر وغيرها من التفاصيل الفلسطينية. ويمكن تقسيم المسلسلات التي تأثّرت بما يجري إلى نوعَيْن: الأوّل بدأت عروضه قبل الحرب فحاز انطلاقة جيّدة ثم تراجع لناحية الإشادات، بينما أبصر الثاني الضوء بعد بدء جنون آلة الحرب الإسرائيلية.في ما يتعلّق بالقسم الأوّل، نخصّ بالذكر العمل الكوميدي «على باب العمارة» (أوّل بطولة مطلقة لحاتم صلاح، كتابة مصطفي حمدي، إخراج خيري سالم ــ 10 حلقات حصرية عبر منصة WATCH IT). كذلك، أطلقت منصة «جوي» خمس حكايات بعنوان «حدث بالفعل» (كلّ منها عبارة عن 3 حلقات)، كانت «تحت الحزام» لغادة عبد الرازق الأكثر حظاً بينها، كونها بدأت وانتهت قبل العدوان. هنا، تجدر الإشارة إلى أنّ المصريين يعتمدون كثيراً على منصّات القرصنة، لاسيّما تلك المتاحة عبر تطبيق تلغرام الذي يشهد تزامناً إقبالاً كبيراً بفضل بيانات القسّام التي تُنشر عبره وصحافيي غزّة القابعين تحت النيران... أي أنّ مَنْ كانوا يستخدمون تلغرام بحثاً عن المسلسلات الجديدة مجاناً، باتوا يبحثون عن أخبار الحرب.
على ON، عُرضت 40 حلقة (كلّ 10 حلقات منفصلة عن الأخرى) من مسلسل «55 مشكلة حب» للمؤلّف عمرو محمود ياسين عن كتاب لمصطفى محمود. وكانت الحكاية الأولى «ألفريدو» لإلهام شاهين وأحمد فهمي الأوفر حظاً، لأنّها بدأت قبل نهاية أيلول (سبتمبر) بخمسة أيام. إلا أنّ الحظّ لم يكن حليف الحكايات الأخرى («ما تيجي نشوف»، و«عشها بفرحة»، و«روحي فيك»)، في ظلّ تراجع الاهتمام إلى درجة كبيرة، مع تفادي عدد من النجوم إقامة احتفالات أو مؤتمرات صحافية، خصوصاً بعد الهجوم العنيف الذي تعرّض له بيّومي فؤاد (الأخبار 7/11/2023).
من ناحيتها، شهدت cbc حالة مشابهة. مسلسل «ورق التوت» (مجموعة كتّاب ــ إخراج حسام علي) الذي يناقش قضايا اجتماعية مهمّة مثل العنف الأسري والختان وتحديد النسل، لم يحظ بالاهتمام المتوقع. لكنّ بطله شريف سلامة يترقّب أصداء مسلسله الجديد «العودة» (تأليف أمين جمال، إخراج أحمد حسن ــ dmc) في ظلّ الهدنة في غزة التي يعلّق القائمون على العمل آمالاً عليها. تماماً كما يفعل أبطال مسلسل «زينهم» (تأليف محمد سليمان عبدالمالك، إخراج يحيى إسماعيل) ونجوم الـ off season الآخرين الباحثين عن فرصة أخيرة لـ «النجاة» قبل انطلاق الموسم الشتوي بمسلسلات جديدة يتم تصويرها حالياً.