كشف تقرير نشرته «ذا غارديان» في مطلع الشهر الماضي، عن تحيّز «سي إن إن» في تغطيتها للعدوان الإسرائيلي على غزة. ووجدت الصحيفة البريطانية تحيزاً متعمداً ومعقداً لصالح إسرائيل داخل الشبكة الأميركية، تم تنسيقه من قبل أعلى المستويات. وتعمق التحقيق، الذي قاده كريس ماكغريل، في المذكرات الداخلية والمقابلات مع ستة من المطلعين على شبكة CNN عبر غرف أخبار عدّة، وكشف عن سياسة تحريرية منهجية تعطي الأولوية لوجهات النظر الإسرائيلية مع فرض رقابة على وجهات النظر الفلسطينية. كشفٌ يتحدى نزاهة تقارير CNN وتفاخرها بالموضوعية.وسلط تقرير «ذا غارديان» الضوء على كيفية تأثر قرارات «سي إن إن» التحريرية بشكل كبير بالتوجيهات الصادرة من مقرّها الرئيسي في أتلانتا، حيث تُفرض مبادئ توجيهية صارمة تحد من تغطية «حماس» ووجهات النظر الفلسطينية الأخرى، بينما تقدّم بيانات الحكومة الإسرائيلية من دون انتقاد. علاوة على ذلك، فإنّ كل قصة تتعلق بالنزاع يجب أن تخضع لموافقة مكتب القدس التابع للشبكة قبل نشرها، ما يبدو أشبه بتكتيكات تستخدمها الأنظمة الاستبدادية للسيطرة على الروايات الإعلامية.
وقد أدى تحيز «سي إن إن»، خصوصاً تحت قيادة رئيس التحرير والمدير التنفيذي مارك طومسون، إلى تركيز غير متناسب على المعاناة والروايات الإسرائيلية، على حساب الضحايا المدنيين الذين تخطى عددهم الـ30 الفاً مع مجزرة شارع الرشيدي أوّل من أمس، بالإضافة إلى الدمار الهائل في غزة. والجدير ذكره أن مارك طومسون عمل سابق في «بي. بي. سي»، وواجه في حينها اتهامات بالخضوع لضغوط الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يثير مخاوف بشأن تأثيره على الموقف «سي إن إن» التحريري.
وتؤكّد إحدى المذكرات المسربة من داخل الشبكة، والمشار إليها باسم «تعليمات من مارك»، تأكيد تصرفات «حماس» باعتبارها السبب المباشر للحرب، والتقليل من شأن السياقات التاريخية الأوسع ووجهات النظر الفلسطينية. ويتماشى هذا البناء السردي الاستراتيجي مع تصوير إسرائيل لـ«حماس» على أنها أقرب إلى داعش، لتشكيل الرأي العام وتبرير الأعمال العسكرية العدوانية.
هذا الكشف من قبل صحيفة «ذا غارديان»، لا يبرئها هي الأخرى. إذ لا يمكن التغاضي عن التقرير الذي نشرته قبل مجزرة «مستشفى المعمداني» في غزة، الذي تحدث عن احتمال وجود أنفاق للحركة تحت المستشفيات والمدارس في القطاع.