للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، تغيب الدراما اللبنانية تماماً عن البرمجة الرمضانية. تصوم الشاشات عن المشاريع المحلية، لتبثّ مكانها المسلسلات المشتركة. أسباب عدة تكمن وراء هذا الغياب، أوّلها الأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان منذ عام 2019 وأدّت إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وبالتالي تقليص الإنتاجات. لكن السبب الأساسي هذا العام، كان العدوان الإسرائيلي على غزة المستمرّ منذ خمسة أشهر وامتداد المعارك إلى جنوب لبنان. إذ إنّ عدم الاستقرار الأمني انعكس سلباً على الفنّ عموماً، والمزاج العام مشغول بالحرب والإبادة الجارية في القطاع. أمر أجبر المنتجين على عدم المغامرة بأيّ مسلسل لبناني قد يتعرّض لعرقلة في التصوير والتسويق. في هذا السياق، كان لافتاً تراجع الإنتاج اللبناني في السنوات الأخيرة، إلا أنّ هذا العام شهد غياباً كلياً عن الخريطة، باستثناء المسلسل اللبناني «درجة درجة» (كتابة مايا سعيد وإخراج مارك سلامة وإنتاج «روتانا» ـــ قناة lbc الفضائية) الذي يجمع كلاً من الممثل المصري أيمن قيسوني، وزوجته اللبنانية نسرين زريق، وطارق تميم وغيرهم. العمل الذي صوّر في الخريف الماضي، يدور في إطار لايت كوميدي حول زوجين يقرّران العيش في بيروت فتصادفهما مواقف ساخرة. كان من المتوقع أن يعرض المسلسل في برمجة الشتاء، لكن الأوضاع الراهنة أجّلت بثه.
من جهتها، عدلت قناة lbci عن عرض مسلسل «سرّ وقدر» (كتابة فيفيان انطونيوس، وإخراج كارولين ميلان وإنتاج إيلي معلوف) في شهر رمضان، وهو آخر الأعمال التي لعب بطولتها الممثل اللبناني الراحل فادي إبراهيم (1956 ـــــ 2024). قبل أن يدخل إلى المستشفى لتلقي العلاج إثر تدهور وضعه الصحي، ووفاته جراء مضاعفات داء السكري. امتنعت شاشة بيار الضاهر عن بث «سرّ وقدر» في اللحظات الأخيرة، تخوّفاً من عدم تحقيق العمل أيّ مشاهدة عالية في ظلّ المنافسة الرمضانية المحتدمة والمحصورة بالمسلسلات المشتركة، على أن تعرض العمل اللبناني بعد عيد الفطر المقبل.
من جانبها، لن تعرض قناة «الجديد» أيّ مسلسلات لبنانية، بل دخلت السباق من باب المشاريع المشتركة على رأسها مسلسلا «تاج» (تأليف عمر أبو سعدة وإخراج سامر البرقاوي) للنجمين السوريين تيم حسن وبسام كوسا، و«نظرة حب» (إﺧﺮاﺝ حسام علي وﺗﺄﻟﻴﻒ رافي وهبي) الذي يجمع باسل خياط وكارمن بصيبص وغيرهما. هكذا، خرجت المحطة عن خطّها الرمضاني المتعارف عليه، وغابت للمرة الأولى المسلسلات اللبنانية عن خريطتها الرمضانية، وخصوصاً أنّ القناة تتعاون سنوياً مع المنتج مروان حداد صاحب شركة «مروى غروب»، لكنه لم يصوّر أيّ مسلسل في الأشهر القليلة الماضية.
على الضفة نفسها، تغيب قناة «المنار» عن الإنتاجات اللبنانية الخاصة بشهر الصوم بعدما كان حضورها بمثابة عُرف لدى الشاشة اللبنانية، وقرّرت مواصلة بث الأخبار السياسية من فلسطين وجنوب لبنان، بينما ستكتفي بعرض مجموعة خجولة من الدراما العربية والسورية. هذا القرار اتخذته «المنار» في بداية العدوان على غزة، لأنّ الأعين متوجّهة حالياً إلى الإبادة التي تحصل في غزة ولا مجال لأي شكل من أشكال الترفيه بالنسبة إلى القناة.