بعد ازدياد حال التململ بين موظّفيها بسبب انحيازها إلى السردية الصهيونية، ضجّ الفضاء الرقمي في اليومَين الماضيَين بتقرير لقناة CNN الأميركية حول الأطفال الشهداء في قطاع غزّة، بدت فيه كأنّها استفاقت من سباتها. ورغم عدم انزياحها عن سردية أنّ ما يحصل هو «صراع»، إضافة إلى تناولها أطفالاً من المستوطنين ادّعت أنّهم خُطفوا خلال عملية «طوفان الأقصى»، إلّا أنّه كان لافتاً في التقرير لجوء القناة إلى ملء شاشاتها في الاستديو بأكثر من 12 ألف رسمة على شكل طفل في إشارةٍ إلى عدد الأطفال الذين استُشهدوا تحت القصف الإسرائيلي في غزّة، في محاولة منها لإظهار حجم الكارثة الإنسانية. وراحت مذيعة CNN بريانا كيلار تسرد أحداثاً مثبتة توثّق تعرّض أطفال فلسطينيّين للقتل على يد قوّات الاحتلال الصهيوني، بادئةً بالطفل يزن الكفارنة الذي استشهد جوعاً بسبب الحصار الوحشي على غزّة، مروراً باستشهاد أولاد مدير مكتب «الجزيرة» في غزّة وائل الدحدوح، وصولاً إلى الطفلة هند رجب حمادة التي اتّصلت بالهلال الأحمر الفلسطيني بعد استشهاد عائلتها إلى أن وُجدت بعد عشرة أيّام مستشهدةً مع فريق الإسعاف الذي توجّه لإنقاذها، وغيرهم الكثير ممّن أخذوا ضجّة في الأشهر الماضية بسبب هول ظروف استشهادهم. ورغم الزخم الذي أخذه التقرير، إلا أنّ ذلك لم يكن فقط احتفاءً به. فعدد هائل من ردود الناشطين تمحور حول عدم تحريك القناة ساكناً طوال الأشهر الماضية، وكيف أنّها لم ترفّ جفناً إلّا بعد اجتياز عدد الأطفال الشهداء عتبة الـ12,800. وكان تقرير لصحيفة «ذا غارديان» البريطانية كشف الشهر الماضي عن وجود انحياز «ممنهج وموجّه» من رأس هرم الشبكة الأميركية لمصلحة السردية الصهيونية. وكشف كاتب التقرير كريس ماكغريل أنّ رئيس تحرير الشبكة ورئيسها التنفيذي مارك تومسون وزّع مذكّرة داخلية للموظّفين يقول فيها «بينما ستغطّي CNN العواقب الإنسانية للهجوم الإسرائيلي والسياق التاريخي للحدث، يجب أن نواصل دائماً تذكير جمهورنا بالسبب المباشر للصراع الحالي، وهو هجوم «حماس» وجرائم القتل واختطاف المدنيين».