منذ عرض الحلقة الأولى من «الحشاشين»، كان واضحاً أنّ المسلسل يقدم فانتازيا تاريخية لا قصة جماعة «الحشاشين». وقد أثارت صداقة حسن الصباح وعمرو الخيام ونظام الملك جدلاً أكبر، إذ قدّمها المسلسل كأنها حقيقة في حين أن فارق العمر بين الثلاثة كان كبيراً لا يسمح بهذه الصداقة التي قدمها مؤلف «الحشاشين» رغم نفي كتب كثيرة لهذا الأمر. يخدم المسلسل أفكاراً يروّج لها مَن يعادون جماعة «الحشاشين» التي ظهرت في زمن الخلافة العباسية في الشرق، والخلافة الفاطمية في مصر والعالم العربي، في حين كانت منطقة فارس التي ظهر فيها حسن الصباح، محكومةً يومها من دولة السلاجقة (1037-1157). ولا تبين حلقات المسلسل حتى الآن دعوة حسن الصباح لمحاربة السلاجقة وظلمهم، ومعاداة الصليبيين الذي غزوا بلاداً إسلامية كثيرة، بل يصور المسلسل الصباح كرجل قاتل، رغم أن الجماعة نفسها عاشت سنوات طويلة بعد موت حسن الصباح في قلعة ألموت في بلاد فارس.
جعلها مؤلف المسلسل جماعةً دمويةً وقاتلةً
وإذا كانت هناك اختلافات كثيرة حول حركة «الحشاشين» وقائدها حسن الصباح، إلا أن هناك إجماعاً على أنّه قاد ثورة سياسية ضد السلاجقة بهدف إسقاط ظلمها، وهو ما لا يظهره المسلسل الذي صرفت ميزانية ضخمة على ديكوراته، فيما وقع في أخطاء ترتبط بالطراز المعماري السائد في تلك الفترة التاريخية، ووجهت انتقادات إلى المعمار الذي صوّرت فيه الحلقة الأولى حيث احتوى على معمار يعود إلى عصر المماليك، أي بعيد جداً عن الفترة التي ظهر فيها «الحشاشون»، وجعل مدينة أصفهان التي تتميز بعمارة محددة، مختلفةً تماماً عن الحقيقة التي توردها الكتب التاريخية.
جماعة «الحشاشين» التي أخافت التتار، جعلها مؤلف المسلسل جماعةً دمويةً وقاتلةً فقط لإرضاء الجمهور. كما أنّ صمودهم أمام الجيوش الأخرى لم يكن مقصد المسلسل، بل إنّ الحلقات الأولى كشفت أنّ العمل الدرامي يتوجه إلى المصريين من منطلق أنّ «الحشاشين» يشبهون جماعة الإخوان المسلمين ويتشابهون في الرغبة بالقتل. اللهجة كانت أيضاً أحد دوافع الهجوم ضد المسلسل، فهي عامية، لكن ربما تكون هذه النقطة الأضعف في الهجوم على المسلسل، لأن العامية المصرية مفهومة، وإن تم تقديم المسلسل بشكل تاريخي صحيح، لكانت اللهجة قد مرّت بشكل عادي، وهي نقطة أثيرت أيضاً لدى عرض مسلسل «الإمام».
ورغم أن مصر كانت محطة في حياة الصباح الذي استقرّ فيها أعواماً قليلة ولا خلاف على ذلك بين المؤرخين، وأنّه من الطائفة النزارية، إلا أنّ السياسة هي الكلمة الأولى لـ «الحشاشين»، إذ يتّضح مع كل حلقة جديدة أنّ «المتحدة» قدمت العمل الدرامي من أجل أهدافها السياسية لا الترفيهية، لتواصل عصر تحويل الأعمال الدرامية إلى خطابات موجّهة للمواطنين!
* «الحشّاشين»: س:21:15 على DMC
* س: 21:15 على منصة Watch it