عادل السلمان
الصالات خاوية حتى من ذكرى الموسيقى، المقاهي في اشتياق لروّادها من الشعراء والشباب، المطاعم تفتقد رائحة الطعام. ونحن في اشتياق لهم أيضاً، في اشتياق لزحمتهم، في اشتياق لحرارة أجسامهم وضجة أصواتهم، لكن أين هم الأن؟ هربوا؟ هاجروا؟ أم انسحبوا؟ لا أظن. بل أعتقد أنهم سئموا هذه الحالة وقرروا البحث عن الحياة التي حلموا بها. ظنوا أنهم هنا في هذا المكان كمن يبحث عن المياه في الصحراء. كم كانوا على خطأ! أنا وجدت المياه، ومذاقها لا يوصف. عليكم أن تتذوقوها بأنفسكم لكي تعرفوا مذاقها العذب. الساكسوفون مشتاق لمن يعزفه ومن يؤلف الموسيقى عليه، الأقلام في حنين لمن يقودها على الورق. أصواتهم أصوات الطبيعة من دونهم تختفي الحياة وتصبح كالأفلام الصامتة، ومن دون رقصهم نفقد الحركة ونصبح كنسيج اللوحة الفارغة.
حركات جسدكِ رسمت الحياة على نسيج لوحتي، صوتك أعاد الموسيقى إلى حياتي الفيلم الصامت، روحك أعادت لي القدرة على قيادة القلم على الورق. قبلاتك أعادتني إلى الموسيقى التي ظننت أنها انقرضت. مذاق حبك لا يوصف، أعدت الأمل إلى سجين، حرّرتني من قيود الكره والكبت. وجدتك، وكم أتمنى أن يجد من هم مثلي من يكملهم، مثلما نتكامل أنا وأنتِ. أنتِ واحتي وسط هذه الصحراء من جفاف الفكر والجمال، وسط العدم. أحبك، ولو كان الحب جنوناً فمرحى بالجنون، ولن أذهب إلى مكان بعيداً عنك. ما أزال أعد نفسي بعودة رفاقي من الغربة لكي أريهم أن ما ظنوه مستحيلاً صار ممكناً. وقودي هو أنت ومحركي هو قلبي، وهذا الوقود لن ينفد لأنه لا ينتهي. أشكرك! أشكرك لأنك أعدت لي الإيمان، أشكرك لأنك آويتني في قلبك، أنت حريتي وثورتي، أنت لي وأنا لكِ.