ريمون هنود
بات واضحاً أن الأوراق بدأت تتهاوى من بين أيدي فريق السلطة، ليس بسبب الاغتيالات التي تستهدف صفوفه، ولكن بسبب التعنّت الذي لم تعد تنطلي أسبابه إلاّ على مواطن يتتبّع أخبار الساسة والسياسة من باب الاستماع الذي يسبق قيلولة. وكيف لا يُصاب هذا الفريق بالابتهاج، ويشعر بنشوة ما قبل الانتصار الكامل المرتقب، والسفير الأميركي جيفري فيلتمان يصبّحه بخير كل يوم، وصوت «العندليبة» كوندوليزا رايس يمسّيه قبل الغروب، فيأوي أعضاؤه إلى فراشهم ليلاً، وينامون على حرير من دون تأنيب ضمير، قبل أن تغزوهم الأحلام السعيدة؟ فـ«ثوّار الأرز» بدأوا يعدّون العدّة للانقلاب على الطائف بنظرية الانتخاب بالنصف زائداً واحداً، وإحداث الصدع الأكبر، ما يعني أنه في أبسط الحالات، ستصل الأمور حتماً إلى الانفجار بين جماعة النصف الزائد واحداً وجماعة الثلثين وما فوق الثلثين. هذا الانفجار الذي سيعوّل عليه كثيراً أبناء «العم سام» في أروقة البيت الأبيض ودهاليزه ومطابخه. وإذا تمكّنوا من إنجاح هذا المخطّط، فسوف يأكل معلّموهم الأميركيّون الهامبرغر، ويثملون من احتساء البيرة حتى أول صباح من أيام الشرق الأوسط الجديد، الذي ستشرق شمسه على وطن مطموس الهوية، متغيّر المعالم، وساعتئذٍ سينعم الكيان الغاصب، الابن الوحيد المدلّل لـ«العم سام»، إسرائيل، بالتفوّق والطمأنينة والهدوء على أنقاض مملكة أرز جبران النبي، التي يأمل الصهاينة رؤيتها حصر إرث يتقاسمه أمراء فدراليات الطوائف.
لكن يبقى السؤال المطروح: «هل سيسمح شرفاء وأحرار ومناضلون سبق لهم أن سحقوا العدو الصهيوني وجحافله في عام 1982 في بيروت العربية الأبيّة، وحفروا مقبرته في جحيمها، وجعلوا من آلاته حطاماً، وشرفاء وأحرار ومناضلون أعادوا الكرّة مرة أخرى على أرض الجنوب في عامي 2000 و2006»، لهذا الحلم أن يتحقّق؟