لا فلسطين ولا فدائيوها سيرضون...
  • سرجون القنطار

    خلال أيام معدودة جداً، صنعت الإدارة والإرادة الأميركيتان أفعالاً مقززة من جديد تخدش بها كرامات الشعوب ومشاعرها ــ والأخطر مستقبلها، ودائماً من دون حياء ومن دون أدنى اعتبار لمشيئة هذه الشعوب وقرارها وتوقها للقيام من بين الدمار الأسود المصنوع في البيت «الناصع البياض»... فواشنطن أخذت على عاتقها تقمّص شخصية نيرون الروماني بأدق تفاصيلها مع إضافة «صلصة العصر» الضرورية لإضفاء نكهات مميزة تسحر «آكلي الوجبة» وتجعلهم يهضمونها بسهولة ويشكرون الطباخ الاميركي، ومن ألهمه وطوّعه، حتى لو احتوت هذه الوجبة على أطنان من الدماء المحلية الصنع...
    وعودة الى أفعال نيرون الأخيرة، فإن واشنطن «أكرمت» الصومال المنكوبة بـ6,5 مليون دولار فقط فيما «خصصت» لقوات الأمن الخاصة بمحمود عباس مبلغاً قدره 86,4 مليون دولار. ففيما خضوع الصومال لما يعتبر فعلياً حالة حرب داخلية شاملة وصراعاً حربياً خارجياً مع دخول أثيوبيا إلى الحلبة بعنف، ما أدى الى احتدام القتال والدمار والقتل والجوع والفقر في كل ناحية صومالية حتى لو كان «لا ناقة محاكمية شرعية لها ولا جمل حكومي»، اقتنعت واشنطن وأقنعت العالم بوفرة الملايين الستة الصومالية وقلة الملايين الستة والثمانين الأمنية الفلسطينية. إن «التبرع» الاميركي لقوات عباس الأمنية الخاصة بـ86,4 مليون دولار في خضم اشتعال قتل بعض الفلسطينيين لبعضهم الآخر من خلال كابوس الاقتتال الداخلي، هو عملية استئصال أعضاء طفلة وهي حية من على مسرح يشاهده مئة ألف رجل يشجّعون العملية بلغتها ويسكرون على صراخها وعلى تبعثر دمائها على وجوههم...
    ومن رحم هذا التشبيه تنشأ أسئلة تناطح المنطق:
    ــ «لماذا تدفع أميركا 86 مليون دولار لأمن مهمته الأساسية داخلية في دولة محتلة واجب كل من فيها أن يكون فاعلاً في وجه محتلها فقط؟».
    ــ «ما هو الثمن الكامل المنتظر أميركياً واسرائيلياً مقابل ثمن الصفقة الـ86 مليون الباهظ باعتراف الجميع؟». وإذا كان كل حر في هذا العالم يؤيد ويساهم ويعمل على دعم فلسطين بأي شيء يحكمه الشرف طبعاً، فإن رفضاً قاطعاً لا بد من ان يدوي ضد اجتياح بلادنا من جانب حفنة دولارات اميركية ملوثة بخبث صانعها وتاريخها، وضد ظاهرة شرائها أسلحة وذخائر فلسطينية وضد ظاهرة دفعها رواتب أمنيين فلسطينيين وحتى ضد ظاهرة شراءها طعاماً ودواء ضروريين، لأن هذا المال ممهور بسمّ الاقتتال الداخلي الفتاك الذي لا يقاومه إلا نهضة شعبنا وكرامته ووعيه... لا فلسطين ولا فدائيوها يرضون أن يباع شرفها ومستقبلها تحت عناوين «الأمن» و«الشرعية» و«السلام و«الاستقرار»... لا فلسطين ولا مئات الآلاف من شهدائها وأسراها وجرحاها ورماة الحجارة والمولوتوف والرصاص وثوارها الملتحفين بكوفيّتها السوداء والحمراء، كلنا لن نقبل دولارات أميركية تدفع لنا كي ننتحر بعد حياة كلها وقفة عزّ فقط...



    منعاً للالتباس

  • الشيخ حسين محمد المظلوم
    عضو الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي العلوي


    إن نائبَي الطائفة الإسلامية العلوية: بدر كامل ونّوس ومصطفى علي حسين اللذين وصلا إلى المقعدين المخصصين لهذه الطائفة بغير أصوات أبنائها في ظروف مضطربة وبقانون انتخابي جائر أحدث خللاً في صحة التمثيل، لا يمثلان القاعدة الشعبية لهذه الطائفة ولا يعبران عن رأيها السياسي من الأساس، وقد ترجما ذلك في كل ما صدر عنهما وخصوصاً في هذا الوقت لأنهما كانا وما زالا في خط السلطة اللاشرعية ــ المستأثرة بالحكم والناقضة لمبدأ العيش المشترك ــ بعكس أبناء الطائفة الذين هم بأكثريتهم الساحقة في جبهة المعارضة المطالبة بحكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تعيد الأمور إلى نصابها السليم وتكرس التمثيل الصحيح الذي يعكس الواقع ولا يناقضه، ويظهر الأحجام الحقيقية للقوى المتصارعة. وعلى هذا الأساس فإن كل ما يصدر عنهما من مواقف سياسية وتصريحات إعلامية لا يعبّر عن الرأي السياسي لأبناء هذه الطائفة المعروفين بخطهم الوطني العربي الأصيل، وموقفهم الصريح المؤيد للمقاومة الوطنية الباسلة.
    نقول هذا الكلام ليعلمه الجميع، منعاً لأي التباس يذكر، ولكي لا يتوهم البعض بأننا راضون عن مواقفهما المتعارضة مع ثوابتنا، مع تمنياتنا بأن يعودوا إلى موقعهما الطبيعي ليمثلا هذه القاعدة الشعبية تمثيلاً صحيحاً.