أي استقلال؟عبد الفتاح خطاب

البعض يربط استقلال لبنان الفعلي بانتهاء الانتداب الفرنسي، والبعض الآخر يربطه برحيل منظمة التحرير الفلسطينية، وهناك من يراه في خروج القوات السورية، فأي استقلال انجزناه وأين نحن من حقيقة وجوهر الاستقلال؟
أين الاستقلال المنجز واسرائيل لا تزال تحتل اجزاء من التراب اللبناني وتواصل خرق اجواء لبنان ومياهه وأرضه، ونحن نستضيف على اراضينا (ولو بغطاء دولي) قوات عشرات من الدول الاجنبية.
أين الاستقلال المنجز والكثير من القيادات اللبنانية السياسية وغير السياسية تسلس قيادها وتبعيتها لمرجعيات خارجية.
أين الاستقلال المنجز وهوية الوطن ومفهوم المواطنية والشراكة والعيش المشترك في مهب الريح وتحت رحمة التمزق وعصف الخلافات بين الفينة والاخرى.
أين الاستقلال المنجز والبعض يطعن بشرعية الرئاسة، والبعض الآخر يطعن بدستورية الحكومة، وآخرون يطعنون بتمثيل نواب في المجلس النيابي.
أين الاستقلال المنجز وهناك أناس بدون جنسية وجائعون بدون طعام ومرضى بدون علاج وأمّيون بدون تعليم ومشردون بدون مأوى او كساء.
لم يبق لدينا الكثير من الفرص، لذا دعونا نفكر بعقولنا لا بقلوبنا او حناجرنا، وتذكروا انه إن لم يضمنا وطننا فلن «يلمّنا» احد.
رحماك يا رب، اليس هناك من منقذ (أو اكثر) يقدم لنا عيدية حقيقية في هذه المناسبة؟


حفاظاً على الجمهورية اللبنانية!
فيليب أبو زيد


عيد بأي حال عدت يا عيد؟ سؤال نكرره كل عام وكلما أردنا «الاحتفال» بذكرى الاستقلال الذي انتزعه رجال دولة في مقدمهم الرئيسان بشارة الخوري ورياض الصلح اللذان كرّسا بتحالفهما الوحدة الوطنية فتحصنت جبهة لبنان الداخلية وتوحّد شعبه واستحق بجدارة استقلال عام 1943. هذا المشهد تكرر العام الماضي! «عام الزلازل» الذي اقتلع الوصاية من جذورها وغرس مكانها أرزة جديدة روتها دماء شهدائنا الذكية لتكبر وتنمو في قلب عاصمة الحرية بيروت.
العام الماضي كان لعيد الاستقلال معنى جديد، لم يسبق للشعب اللبناني أن عرفه. العام الماضي استحقينا الاحتفال بعيد الاستقلال بعدما أثبتنا للعالم بأسره أن لبنان وطن للجميع ويستحق شعبه الحياة. غير أن كلفة الاستقلال كانت باهظة جداً ودفعنا ضريبتها حياة خيرة الرجال والزعماء من الشهيد رفيق الحريري إلى الشهيد جبران تويني قافلة جديدة من الأحرار تسهر على لبنان ووحدة شعبه.
ولكن للأسف! لم تدم نشوة الانتصار كثيراً، وسرعان ما تفرّق اللبنانيون، وانقسموا إلى ساحات وشوارع وأزقّة، فجمعت المصالح السياسية من جمعت وفرّقت الانتخابات النيابية من فرقّت... وكانت النتيجة:
مجتمع مشرذم مفتّت منقسم ومفكّك! شـــــــــــعـب ضائع جائع مخدوع ومشرّد! برلمان مطعون بشرعيته، حكومة «تناقض ميثاق العيش المشترك»! ورئاسة «مغيّبة» زعميها يعطي دروساً في احترام الدستور و«ينادي بالشرعية» ونسي أنه بنى جمهوريته على أنقاض الدستور بالتهديد والوعيد.
ويبقى السؤال الذي يطرحه كل لبناني اليوم: ماذا سيحلّ بنا بعد كل ما أصابنا من حرب وتدمير وتهجير؟ وهل سيبقى لبنان كما نعرفه؟ أم الأيام المقبلة تحمل في طيّاتها مشاريع تقسيمية تعلن نهاية الجمهورية اللبنانية؟
من هنا نوجّه نداء وجداني إلى ضمائر الزعماء اللبنانيين من دون استثناء: «حافظوا على الجمهورية اللبنانية قبل فوات الأوان. أنقذوا لبنان من كل المخططات التقسيمية والتدميرية ومن كل المؤامرات التي تحاك لنا من الغرب والشرق! واعلموا أيها القادة أن لبنان لا يحكمه فريق واحد! ولا يمكن أحداً أن يحتكر قراراته، حربية كانت أو سلمية!».
دعوتي إلى موقف تاريخي جامع، إلى اتفاق ميثاقي جديد «لولادة لبنان جديد» يقسم فيه الزعماء على الولاء للبنان ولبنان فقط. رأفةً بالشعب اللبناني ورأفةً بهذا البلد، حافظوا على الاستقلال وإلاّ لبــــــــنان مهدّد بالزوال!