وليد شرارة
أول استنتاج خرج به وزير الدفاع الهندي الأسبق بعد الحرب الدولية الأولى على العراق عام 1991 هو أن على أية دولة ترغب في حماية نفسها من الجموح الأمبراطوري الأميركي، أن تمتلك السلاح النووي. ولم تمض بضع سنوات حتى قامت الهند، ومن بعدها الباكستان، بتفجير نووي. للسلاح المذكور، في ظل موازين القوى الدولية السائدة، وظيفة دفاعية وردعية أساساً. لقد منع توازن الرعب النووي نشوب أية حرب مباشرة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. ومنذ انهيار الأول، تسعى واشنطن وحلفاؤها في النادي النووي، الى منع انتشار الأسلحة النووية وبالتالي منع دخول أعضاء جدد الى النادي المذكور.
من الممكن اعتبار اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية جزءاً مهماً من المنظومة القانونية ــ السياسية التي تسهّل بسط الهيمنة الغربية عموماً والأميركية خصوصاً على العالم.
الحجة التي تسوقها الدول الغربية لتبرير هذه الاتفاقية هي أن امتلاك السلاح النووي من أنظمة غير ديموقراطية أو أنظمة غير مستقرة حتى ولــــو كانت ديموقراطية، يزيد من احتمالات استخدام السلاح النووي إذا نشب نزاع، أو من احتمالات وقوع هذا السلاح في أيدي مجموعات «متطرفة» إذا سقطت الأنظمة غير المستقرة.
تتناسى هذه الدول أن المرة الوحيدة في التاريخ التي استخدم فيها هذا السلاح، كانت من الولايات المتحدة، زعيمة العالم «الحر»، ومن دون أية أسباب عسكرية جدية.
غالــــبـــــية المـــــــــــــؤرخين باتـــــــــــت تجمع اليوم على أن اليــــــــابان كانت عـــــــازمة على الاستسلام وأن الهدف الفعلي لاستخدام السلاح النــــووي كان تـرويع الســـوفيات ووقف تقدم قــــــــــواتهم نـحـــو مانــــــــــــــدشوريا. أرادت الولايات المتحدة من استخدامها للسلاح النووي في هيـــــــــروشيما ونكازاكي التأسيس لنظام دولي تحت هيمنتها الآحادية، لكن امتـــــــلاك الـــــسوفـــــــــيات للقنبلة بعد ثلاث ســـــــــــــنوات منع ذلك.
هي تحاول منذ نهاية الثـــــــنائية القــــــــــطبية عرقلة مساعي القوى الاقليــــــمية المتوسطة لامتلاك امكان الدفاع عن سيادتها، لذلك قامت مع الدول الغربية الأخرى بإحياء العمل باتفاقات منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
لا شك في أن امتلاك كوريا الشمالية للسلاح النووي يمثّل ضربة جديدة لجهود واشــــــنطن لفرض خيار التخلي عن الســــيادة عـــــلى دول الجــــنوب، وسيطلق دينامية انتشار للأسلحة النووية في جــــــــنوب شـــــــرق آسـيا وفــي الشرق الأوسط. عدة أسئلة أصبحت مطروحة اليوم.
هل ستستمر اليابان بالاعتماد على الحماية الأميركية أم انها ستنضم قريباً أيضاً الى النادي النووي؟
وماذا عن كوريا الجنوبية وتايوان وإندونيسيا وماليزيا؟
كيف سيكون انعكاس انضمام بعض، أو جميع هذه الدول الى النادي النووي على موازين القوى الإقليمية والعالمية؟
كيف ستتعاطى الولايات المتحدة بعد التفجير النووي الكوري مع الملف النووي الإيراني؟
أصوات كثيرة ترتفع في الولايات المتحدة للمطالبة بالحزم مع ايران، وبعدم السماح لها باستغلال الارتباك الأميركي الحالي في العراق وأفغانستان، وبسبب التطورات المرتبطة بالأزمة الكورية للتسريع ببرنامجها النووي. وقد تدفع الإخفاقات الأميركية المتتالية الإدارة الحالية للهروب الى الأمام.