إيلي شلهوب
تستعد إسرائيل لجولة جديدة من القتال "خلال أشهر". يتحضر لبنان لجولة أخرى من النزاع الداخلي، يبدو أن لا نهاية له.
زعماء تل أبيب غاضبون من سلاح المقاومة اللبنانية. يريدون الانتقام لشرف جيش اكتسب، على مدى عقود، سمعة جعلته في نظر العالم قوة عسكرية "لا تقهر".
زعماء بيروت، أو على الأقل قسم منهم، قلقون من السلاح نفسه. يريدون وضع نهاية له، مستندين إلى حسابات داخلية ضيقة، ترى فيه إخلالا في موازين القوى المحلية.
سعى حكام الدولة العبرية إلى التخلص منه عبر عدوان، حظي بتشجيع الولايات المتحدة وبدعم أوروبا وبغطاء عربي، فكانت حربا أعادت جنود الاحتلال مقهورين إلى ما يعتبرونه "بلادهم".
سبق لبعض القادة اللبنانيين أن حاولوا القيام بالعمل نفسه عبر "حوار"، كان بمثابة "حوار طرشان"، ناقشت خلاله الأطراف المعنية عددا لا يحصى من القضايا، في مقدمتها المقاومة وسلاحها، بلا جدوى، بعدما تمسك كل منها بمواقفه، رافضا، ولو ضمنا، التزحزح عنها.
انتهى العدوان بهزيمة عسكرية لإسرائيل، لكن مع مكاسب سياسية، عبر عنها القرار الدولي الرقم 1701. مكاسب تحققت بفضل الضغط الأميركي والرعاية الدولية لمصالح تل أبيب، لكنها لم تترجم إلى وقائع على الأرض، بفعل حاجة جيش الاحتلال إلى خروج سريع، وتعقيدات القوة الدولية المزمع إرسالها إلى الجنوب والتفاف عدد من الأطراف اللبنانية الفاعلة حول المقاومة.
أدرك جنرالات إسرائيل، ومعهم الإدارة الأميركية، مدى قوة حزب الله وحجم ترسانته العسكرية وبسالة مقاوميه. شكل ذلك السبب الأساس للبدء في الاستعدادات للعدوان المقبل؛ علموا أن بقاء هذه "المنظمة الإرهابية" تشكل خطرا وجوديا على دولتهم، وأن التخلص منها واجب، عاجلا وليس آجلا.
كذلك، أدرك عدد من الأفرقاء اللبنانيين هذا الواقع. لكن آخرين لا يزالون يتجاهلونه ويأملون في نزع سلاح المقاومة انطلاقا من الأسباب نفسها التي دعتهم إلى ذلك في المقام الأول، حتى ولو كان قسم منهم لا يجاهر بموقفه هذا في الوقت الراهن.
المطلب واحد. الأسباب مختلفة. النتيجة لا بد أنها ستكون كارثية؛ فإسرائيل تجري استعدادتها بعدما خاضت تجربة ميدانية اختبرت خلالها قوة حزب الله وقدراته وأساليبه القتالية، وهي بالتالي تعلم، بالحد الأدنى، ما سينتظرها في الجولة المقبلة. تدرك مخاطر الحرب المقبلة، وتعي حجم الخسائر التي ستمنى بها، لكن، كما يبدو، لا مفر أمامها من منازلة ثانية.
المشكلة المأساة هي في الأطراف الداخلية التي لا تزال تأمل بالنجاح في تحقيق ما عجزت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة وحلفائها عن إنجازه، والتي يبدو أنها لم تدرك بعد أن حزب الله لم يعد الحزب الذي اختبرته على مدى السنوات الماضية، وأن أمينه العام السيد حسن نصر الله لم يعد هو نفسه الزعيم المستعد للتضحية بانجازات المقاومة كلها من أجل أطراف أدرك، على مدى أكثر من شهر من العدوان، أنها تزايد على من يوصفون ب"الأعداء" في المطالبة برأسه وبسلاحه.