حصل نقاش في إشكالية العلاقة في مجتمعاتنا بين مختلف الجماعات والطوائف، وخصوصاً بين السنّة والشيعة، والسبل المناسبة التي يمكن أن تعتمد لمعالجة تلك الإشكالية في مختلف جوانبها ومواردها، حيث تشبعت الآراء بين من رأى ضرورة استكمال العمل في مشروع الوحدة والتّقريب، وبين من دعا إلى أن تكون ثقافة الاختلاف ومشروعه بديلاً من مشروع الوحدة والتقريب.
أما من ذهب الى أن مشروع الوحدة والتقريب بين الطوائف والمذاهب، وخصوصاً بين السنّة والشيعة، هو الذي يجب أن يُستكمل العمل به؛ فقد رأى أنه استطاع أن يحقّق النجاحات المتوقعة منه في ظلّ ذلك الاحتدام المذهبي والطائفي، وأنه ليس من الصحيح أن يحمّل هذا المشروع أكثر مما يحتمل، لأن مشروع الوحدة إنما كان يؤكد على الوحدة السياسية بشكل أساسي، بمعنى إيجاد قاعدة عريضة من التفاهم السياسي والتعاون السياسي، وأيضاً الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ... وسوى ذلك من مختلف مجالات التعاون بين المجتمعات والدول . في حين إن مشروع التقريب كان يعتمد على تأكيد لغة الحوار، وفهم الآخر كما يعبّر عن نفسه، والإضاءة على المشتركات، والبناء عليها، ومعالجة موارد الاختلاف، دون إثارتها بطريقة تؤدي الى تحريك الفتن، أو إثارة العصبيات المذهبية. وأيضاً التعاون البنّاء في مختلف المجالات التي تخدم فعل التقريب بين الطوائف.
أما من دعا الى أن يكون مشروع ثقافة الاختلاف هو البديل، فقد رأى في مشروع التقريب والوحدة عيوباً أو نواقص، أو أنه قد استنفذ أغراضه التي رسمت له، أو أنه يُعمل على تعطيل جملة وظائفه نتيجة الضّخ الإعلامي المذهبي، الذي شوّه هذا المشروع، وشوّه أهدافه ومقاصده النبيلة.
وعليه كان لا بد من بديل يساعد على تنظيم الاختلاف بين الطوائف، وإدارته بطريقة هادفة، توصل الى تحقيق جملة المنافع التي تعود على جميع الأطراف، وتجنب المفاسد التي يمكن أن تترتب على سوء إدارة الاختلاف، أو تركه للمتطرفين، أو لغير الراشدين ليستثمروه بطريقة مدمرة وهدامة.
لقد استعرضت وجهتي النظر هاتين لا من أجل الدخول في نقاش تفصيلي مقارن بين مفردات كل منهما، أو في محاسن ومساوئ أيٍّ من هاتين الوجهتين، وإنما من أجل بيان طرح ثالث في هذا الإطار، قد يكون له ذلك الهدف الأبعد نفسه لهما، وهو تجاوز إشكالية (أو أزمة) العلاقة بين الطوائف، للوصول إلى صيغ علاقة صحيحة وبنّاءة، تسمح بتجنّب جميع المفاسد والأضرار، التي تترتب على تأزيم أيّ من تلك العلاقات، وتسميمها، وسوء إدارتها وتوظيفها. والمبرّر الذي قد يُذكر للذهاب الى ذاك الطرح الثالث، هو أنه في كلٍّ من المشروعين، سواء مشروع ثقافة الوحدة والتقريب، أو مشروع ثقافة الاختلاف؛ نحن ما زلنا في إطار المناخ المذهبي، أو الفضاء المذهبي نفسه، الذي لن يكون من السهل التعامل معه، أو تجاوز محاذيره، نتيجة ذلك التراث المعرفي الذي تراكم على مدى قرون من الزمن، والذي يحمل في أحشائه العديد من الألغام المذهبية، التي تهدّد تلك العلاقة، والتي يُعمل على استغلالها لإفساد العلاقات بين الشيعة والسنّة، بل بين مختلف الطوائف، ودفع الأمور نحو التنازع والتصادم.
لا أريد القول هنا إنه لا توجد محاسن وفوائد في أيٍّ من المشروعين، ولا القول إن مشروع الوحدة والتقريب - كمشروع عُمل عليه لعقود من الزمن - لم يحقق جملة من أهدافه ونجاحاته، ليس هذا المراد؛ وإنما المراد القول إننا نحتاج الى تغيير بنيوي وجذري، ينقلنا من أرضيةٍ إلى أرضيةٍ أخرى، ومن مناخٍ إلى مناخٍ آخر، ومن فضاءٍ إلى فضاءٍ آخر، ومن ثقافةٍ إلى ثقافةٍ أخرى، ومن مشروعٍ إلى مشروعٍ آخر، ومن أولوياتٍ إلى أولوياتٍ أخرى، ومن خطابٍ إلى خطابٍ آخر، ومن سياساتٍ إلى سياساتٍ أخرى، بل من بنى فكريةٍ إلى بنى فكريةٍ أخرى... نحن نحتاج الى نقلةٍ نوعية، وإلى تغييرٍ جوهري، يمكن أن يكون بمستوى تلك الإشكالية - الأزمة، ويمتلك القدرة الفاعلة على علاجها، ومواجهة تحدّياتها، والتغلّب على جميع تداعياتها وآثارها.
لا بدّ من اعتماد مشروع يمتاز بالقدرة على تجاوز جميع السلبيات أو الثغرات، التي يمكن أن ينفذ منها من يريد تخريب العلاقة بين المذاهب والطوائف ومختلف الجماعات، وتحقيق ذلك التحول الجذري والبنيوي، ويستجمع مختلف المحاسن المفترضة، ويحقّق أعلى مستوى من الفوائد والمصالح المرجوّة.
وهنا قد يكون من المفيد الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا الإطار، وتحديداً التجربة الأوروبية في تجاوز أزمة الحروب الدينية، التي استمرت لعقود متطاولة من الزمن، والتي خلّفت وراءها الكثير من الخراب والضحايا والدمار. لكن التجربة الأوروبية اعتمدت خيار فصل الدين عن الدولة، بل في أحيانٍ عديدة عن المجتمع، وأرجعت الدين إلى داخل جدران الكنيسة، لتعتمد مجموعة من المبادئ والقيم الأخرى، التي أفضت إلى تحول جذري في تلك التجربة، ونقلت الاجتماع الأوروبي من وضعٍ إلى وضعٍ آخر، يختلف اختلافاً جذرياً في وعيه وقيمه وثقافته ونظامه السياسي والاجتماعي، وفي بنيته كمجتمع له ميزاته وخصائصه وهويته، وأنماطٍ من العلاقات لديه. وهنا لا نريد أن نقول بضرورة أن نقتفي أثر تلك التّجربة حذو القِذة بالقِذة والنّعل بالنّعل، لنقول إن تلك التجربة قد وجدت أزمتها في الدين، وعلاقته بالدولة والاجتماع السياسي أو بالمجتمع، وبالتالي عندما استطاعت أن تتجاوز الدين في تلك الدوائر، فقد استطاعت أن تتجاوز أزمتها، ليس هذا ما نريد قوله، إنما نريد قوله هو إن تلك التجربة الأوروبية قد استطاعت أن تتجاوز أزمتها، عندما استطاعت أن تحدث نقلة جذرية، تمثلت بانزياح كامل عن أرضية زلزالية وخصبة في قيمها وثقافتها، من ناحية إنتاج الأزمات، وتغذية الصراعات، وتعزيز العصبيات، إلى أرضية أكثر استقراراً وخصوبة، من ناحية تنظيم العلاقات، وإدارة الاختلافات بطريقة صحيحة، وهادفة إلى تحقيق أكبر قدرٍ ممكن من المصالح والمنافع، التي تعود على جميع الأطراف على تنوّعها.
إذن الكلام هو في هذه النقلة النوعية والتحول الجذري، أنه كيف نحقّق ذلك؟ وكيف الوصول الى جميع تلك النتائج التي ذكرنا؟ وما السبيل الذي يجب اعتماده لبلوغ ذلك؟ وهل المطلوب أن نقارب الأزمة، كما حصل في التجربة الاوروبية، لنقول بأنها تكمن في الدين، وعندما نفصل بينه وبين الدولة والاجتماع السياسي، نستطيع عندها أن نتجاوز جميع الأزمات والمشاكل، التي تتأتّى من الدين؟ هل من الصحيح أن نذهب الى هذا العلاج، لنصل الى تلك النتائج؟
في مقام الجواب لا بد من القول إن التشخيص الصحيح للمشكلة، هو الذي يساعد على اعتماد العلاج الصحيح، والسبيل الناجح لعلاجها؛ فهل المشكلة في تجربتنا تكمن في الدّين نفسه ونصوصه، أم في ذاك التأويل الإجرامي، والعنصري، والإقصائي، والذي يستبعد ذلك البعد القيمي، والعقلاني، والإنساني، بل الحضاري من معانيه وثقافته وخطابه؟
الجواب على هذا السؤال واضح بالنسبة إلينا، وهو أن الدين في تأويله المدني، والعقلاني، والإنساني، والقيمي، والأخلاقي، بل والحضاري؛ هو أهم عاملٍ مساعدٍ على بناء علاقات صحيحةٍ وصحيّةٍ وبنّاءةٍ بين مختلف الجماعات والهويات، وتوجيهها وتوظيفها لما يخدم مصالح هذه الجماعات على اختلافها وخيرها، ومصالح أبنائها في العاجل والآجل.

المطروح هو اعتماد مشروع العدالة كطرحٍ قادرٍ على جمع الطوائف كافّة

المشكلة ليست في الدين، إنّما في تأوّلاته الخاطئة والمجافية لجوهره وحقيقته، والمعمّية عليها، والمنافية لها، والمشوّهة لمعانيها، والمنحرفة عن أهدافها، والمخالفة لوظائفها.
يبقى طرح هذا السؤال وهو: هل توجد في الدّين قيمة جوهرية يمكن أن يُعتمد عليها لإنتاج هذا التأويل، والذي يمكّننا من تجاوز جميع تلك الأزمات والمساوئ، ويساعدنا على الوصول إلى جملة تلك الإيجابيات والإنجازات، التي استطاعت التجربة الأوروبية أن تحصدها، وتصل إليها؟ وهل من المتاح أن يصار إلى ذاك التأويل، الذي قد يحدث لدينا ذلك التحوّل الجذري والبنيوي؟
الجواب هو بالإيجاب، وبيانه إنّ جوهر الرسالات الإلهية (كما جاء في القرآن الكريم) يكمن في إقامة القسط، حيث قال تعالى: «لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط»؛ إذن من الواضح أن إرسال جميع الرسل الإلهيين على مدار التاريخ، وإنزال الكتاب والميزان معهم؛ كلُّ ذلك من أجل أن يقوم الناس في مختلف شؤون حياتهم بالقسط والعدل.
وهذا يعني أن الهدف الأساس لجميع الأديان الإلهية هو إقامة القسط، سواء في المجال الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو السياسي، أو المالي، أو الإداري...، وهذا يتطلب أن يكون هناك فكر عدالة، وثقافة عدالة، ومشروع عدالة، وسياسات عدالة، وتربية على العدالة، وعلوم إنسانية تقوم على العدالة، وتتماهى معها، وتعين على تحقيقها. أي أن يكون لدينا منظومة عدالة، تملك القدرة على تسييل العدالة وتحقيقها في مختلف مجالات الاجتماع الإنساني وحقوله. وعليه يمكن لنا- إذا ما أردنا أن نقوم بنقلةٍ نوعيةٍ، ونحدث تحولاً جذرياً في البيئة التي نقيم فيها من بيئة منتجة للعصبيات والانقسامات والأزمات، الى بيئةٍ منتجةٍ للتعاون والتقارب والحلول، وقادرةٍ على تجاوز أزمة العلاقة بين الطوائف والمذاهب- أن نعتمد العدالة كمشروعٍ، وخطابٍ، وثقافةٍ، وهدفٍ، وسياسة..
ويمكن لنا – ارتكازاً إلى الدّين- أن نذهب الى تخصيب تأويل العدالة، وإلى تعزيز هذا التأويل. أي إلى تعزيز حضور العدالة فيه، وإلى بناء ذاك التأويل على العدالة، وتعبيره عنها، وحكايته لها، كمقدمةٍ لتسييل قيمها، والعمل على تطبيقها، وتحويلها من قيمةٍ تجريديةٍ إلى قيمةٍ لها تعابيرها، وحضورها في مختلف مجالات الاجتماع الإنساني وحاجاته، لتسعى الى إشباع تلك الحاجات وإجابتها. هذا فضلاً عن حضورها في مختلف العلوم الإنسانية، التي تخدم ذلك الاجتماع وإشكالياته.
هنا يصبح لدينا مشروعٌ جديد هو مشروع العدالة، وخطابٌ جديد هو خطاب العدالة، وفكرٌ جديد هو فكر العدالة، وثقافةٌ جديدة هي ثقافة العدالة، وفي هذا نحن لم نفارق الدين، ولم نخالف القرآن الكريم، بل نحن بهذا نحاكي جوهر القرآن الكريم، والهدف الأسمى لجميع الرسالات الإلهية على الإطلاق، بل الهدف الأسمى للعديد من الرؤى والأفكار التي حاكت الفطرة الإنسانية، وعبّرت عنها.
وعليه، المطروح هنا هو اعتماد مشروع العدالة، كطرحٍ قادرٍ على جمع جميع تلك الطوائف والمذاهب على أرضه، وإعادة دمجها في توجّهاته وأهدافه، ودفعها لتجاوز تلك العصبيات والانقسامات التي تعاني منها ومن آثارها، من دون أن يعني ذلك التخلي بالمطلق عن اعتماد مشروعٍ آخر، يمكن أن يتكامل مع مشروع العدالة ذاك، كمشروع ثقافة الاختلاف في مكانٍ ما، أو مشروع الوحدة والتقريب في مكانٍ آخر، لكن من خلال ما ذكرناه، ألا وهو السعي إلى إعادة بناء الوعي، والفكر، والمشروع، والخطاب، والثقافة، والأهداف على أساس من قيم العدالة، وفلسفتها، وارتكازاً إلى الدين ومعانيه الأصيلة، وغاياته السامية.
هو مشروعُ للتجديد في فهم الدين، يقوم على العدالة وجوهريتها، واعتمادها كأساسٍ، وهدفٍ ينبغي السعي إلى تحقيقه في مختلف المجالات الاجتماعية؛ هذا ويمتاز هذا المشروع بما يلي:
1- إنه يقوم على الدّين نفسه وعدم هجره، بخلاف ما حصل في التجربة الأوروبية، التي هُجر فيها الدين ولاهوته الى العلمانية على أشكالها وتنوّعها.
2- يجمع مختلف الجماعات على تنوّعها على قاعدة صلبة، تملك القدرة على النهوض بأعباء ذلك المشروع، وأهدافه، وغاياته في مختلف مجالات الاجتماع الإنساني وشوؤنه.
3- إنه مشروع عابر في مداه لجميع الطوائف، والمذاهب، والجماعات الإنسانية ومختلف الأيديولوجيات، باعتبار أن قيمة العدالة هي قيمة إنسانية بالدرجة الأولى، قبل أن يقوم الدين بالتأكيد عليها وعلى محوريتها.
4- في الوقت الذي يوسع فيه هذا المشروع قاعدة الالتقاء، ومساحة الاشتراك الى أبعد مدى؛ فإنه لا يغفل عن مساحة الاختلاف، والتي لا تخرج من مشروع العدالة ومداه، حيث للعدالة القدرة على معالجة ذاك الاختلاف وتنظيمه، وإدارته بطريقة هادفة وعادلة، إذ كما يمكن أن يحصل الاختلاف في العدالة وفهمها وكيفيّة تطبيقها، فلا بد أن يكون هناك عدالة في إدارة الاختلاف وممارسته.
5- إنّ أبعاد هذا المشروع ومضامينه تلاقي في جوانب أساسية منها أزمات المجتمع وأولوياته، وحاجاته، واهتمامات عامة الناس في العدالة الاجتماعية، والعدالة الاقتصادية والماليّة والضرائبية... حتى لا تبقى وظيفة أكثر من خطاب ديني إنتاج الأزمات، وإثارة المشاكل بين الناس، وإنما لتصبح هنا المساعدة على حلّ مشاكلهم، والاستجابة لحاجاتهم، وملاقاة همومهم واهتماماتهم.
6-يساعد على تجاوز ذلك الخطاب الديني التفريقي، الذي دأب على بث ثقافة العنصرية والكراهية، وإثارة الفتن، وتحريك العصبيات والغرائز. وهذا ليس من الدين في شيء، حيث إن خطاب العدالة في أبعاده الثّقافيّة والأخلاقيّة وغيرها، هو خطاب منافٍ بالضرورة لذاك الخطاب العنصري ومضامينه.
7- يمكن أن يُبنى على أرضية ذلك المشروع عملٌ فكريٌ وعلميٌ كبير، يسعى إلى بناء فكر العدالة، ومنظومة من العلوم الإنسانية تحاكي العدالة، وتتماهى معها، وتقوم عليها، لأن بناء علوم العدالة يحتاج الى جهدٍ كبير جداً، وإلى مشروعٍ خاصٍ به، وذلك لضرورته وأهميته.
8- يساعد على معالجة بعض اختلالات أكثر من وعي ديني، يعاني ماضويةً مفرطة، أدّت به إلى أكثر من انفصام عن الواقع الذي يعيش فيه، لأن وعي العدالة ينقله الى الواقع، ولأن إشكاليات العدالة تأخذ به الى الحاضر، باعتبار أنها ذات بعد حاضري وواقعي في أهدافها، وغاياتها، ومراميها النهائية.
9- يعيد إحياء البعد الإنسانوي والقيمي والأخلاقي في الدين، عندما يعيد التأكيد على العدالة وقيمها، وأخلاقها، وثقافتها، ومعانيها الإنسانية في الفعل، والممارسة، والعلاقات.
10- يعمل على استعادة العقل لدوره، ويؤدي الى تعزيز العقلانية وحضورها، عندما يصبح من أهم أولويّات هذا المشروع بناء علوم العدالة ومعارفها. هذا البناء الذي يحتاج الى دورٍ أساسٍ وفاعلٍ للعقل ومنهجه لديها، مما يؤدي الى استعادة دوره، ودور العقلانية، كوعي وثقافة وممارسة.
11- يساعد على تجاوز تلك التأويلات الهدّامة للدّين، التي شوّهت الدّين، وأفسدت المجتمع؛ عندما يتمّ التأكيد على محورية العدالة، وقيمها، ومشروعها، ووصل ذلك بالمجتمع وثقافته. ليُعمل على إنتاج تأويل العدالة، ولاهوت العدالة - أي إنتاج تأويل عدالتي للدّين، ولاهوت عدالتي للدّين - وهو التأويل الذي يعبّر بحقٍ وبصدقٍ عن جوهر الدين، كما جاء في الكتاب، وعن روح الدين كما بشّر به الرسل، ودعا إليه الأنبياء، وعمل من أجل إقامته الأوصياء والأئمة من بعدهم.
12- يستجمع أهم نقاط القوة في بناء مدنيّة خلّاقة، تقوم على الدّين ومعانيه الأصلية، وعلى العقل وعقلانيته الفذّة، وعلى العلم وضرورة الأخذ به، وعلى القيم الأخلاقية والمعنوية وحضورها، وعلى البعد الإنسانوي في فهم جميع تلك المعاني وممارستها.
* أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية