غزة | بالتزامن مع تلويح فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بإمكانية الذهاب إلى «مواجهة عسكرية»، رداً على قتل الاحتلال ثمانية فلسطينيين مساء الجمعة الماضية خلال «مسيرات العودة»، كانت وفود حركة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تتجه إلى العاصمة المصرية القاهرة، إذ شمل وفد الأولى مسؤولين سياسيين وأمنيين واقتصاديين وحكوميين، وذلك «لسدّ الذرائع» أمام المصريين الذين جددوا وعودهم بتحسين الواقع الاقتصادي والإنساني.في هذا السياق، قال مصدر في «حماس»، لـ«الأخبار»، إن «تعمد الاحتلال إيقاع عدد كبير من الشهداء على الحدود كان يهدف إلى جرّ المقاومة نحو تصعيد عسكري تستغله إسرائيل بالتزامن مع اجتماعات الأمم المتحدة لتشكيل رأي عام دولي بضرورة القضاء على المقاومة أو تهيئة المجتمع الدولي لعدوان جديد»، مضيفاً أن «إسرائيل أرادت زيادة الردع ضد المتظاهرين في ضوء زيادة المشاركين والفعاليات». لكن، على عكس التوقعات التي ضجت بها وسائل الإعلام الإسرائيلية بقرب المواجهة العسكرية مع غزة خلال الأسبوعين الماضيين، جاء الرد الفلسطيني عبر بيان مشترك للفصائل باستخدام القوة دون تنفيذ فعلي، الأمر الذي لا يمثل ذريعة للقيادة الإسرائيلية للتصعيد.
وجاء إعلان المقاومة بعد اجتماع «غرفة العمليات المشتركة»، وعقب تصريحات لرئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، في نيويورك، قال فيها إن جيشه جاهز للتعامل مع أي سيناريو قد يطرأ على جبهة غزة، وإن تهديداته جدية، منتقداً في الوقت نفسه سياسة رئيس السلطة، محمود عباس، تجاه القطاع، فيما طلب من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، العمل على «تهدئة الأوضاع منعاً لانفجارها».
الطلب الإسرائيلي تزامن مع الوعود المصرية التي جددها وفد جهاز «المخابرات العامة» الذي زار القطاع الأسبوع الماضي، وحملت تأكيداً مصرياً لتجنب المواجهة العسكرية، بالإضافة إلى مقترحات تستطيع بها القاهرة تحسين الواقع وتثبيت التهدئة دون تجاوز واضح لرام الله، بالإضافة إلى حل إشكالات سابقة في العلاقة مع «حماس»، أبرزها قضية مختطفيها في مصر. وفي هذا الملف، علمت «الأخبار» أن المصريين جددوا وعودهم لـ«حماس» بالإفراج عن عناصرها، لكنهم أكدوا «ضرورة معالجة هذا الملف بهدوء ودون ضجة إعلامية». وشرح المصدر الحمساوي أن وفد الحركة الذي توجه إلى القاهرة يشمل جميع المعنيين بالملفات الأساسية «على أمل تنفيذ الوعود دون تسويف كما في السابق»، مشيراً إلى أنه ستُعقد اجتماعات منفصلة مع المخابرات المصرية والمختصين في الملفين الأمني والاقتصادي.
استجابت «حماس» لنصيحة «الشعبية» بإرسال وفدها إلى مصر


وتأتي زيارة الوفد الموسع بعد تمنع الحركة لنحو شهر ونصف أخذاً بـ«نصيحة الفصائل» التي أكدت لـ«حماس» ألا تسدّ الأبواب أمام المصريين، وتحديداً من وفد «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين». ورغم إصرار المصريين على ألا يتجاوزوا دور السلطة، أو يقدموا ملف المصالحة على التهدئة، فإن الضغط الميداني الأخير على الحدود دفعهم إلى تقديم تصور جديد يسمح بالسير في بعض خطوات التهدئة جزئياً، حتى إتمام المصالحة التي ستسمح بتنفيذ المشاريع الدولية والعربية، خاصة التي جرى التوافق عليها مع الإسرائيليين. أيضاً، مع أن إسرائيل أعلنت مراراً أنها لن تسمح بتحسينات في القطاع ما لم تسلم «حماس» جنودها الأسرى، فإن جميع الوسطاء أبلغوا الحركة بالموافقة الإسرائيلية المبدئية على مشاريعهم التحسينية، بشرط ألا تستفيد منها المقاومة.
في المقابل، أبلغت «حماس» الوسطاء، وبخاصة مبعوث الأمم المتحدة لـ«السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، بتعهدها ألا تتدخل أو تستغل المشاريع الدولية في غزة، وهو الأمر الذي أبلغه ملادينوف لسلطات الاحتلال. ونقلت المضمون نفسه صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، مضيفة أن هذا التعهد أبلغ به وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان.
من جهة أخرى، نقل مصدر في المقاومة حدوث «تدخل نرويجي لإتمام صفقة تبادل الأسرى»، مشيراً إلى أن موقف «حماس» لا يزال ثابتاً بأن «ثمن الجنود صفقة تبادل مشرفة مثل صفقة وفاء الأحرار عام 2011»، لكن «مع ليونة في بعض الشروط المسبقة التي وضعتها الحركة لبدء المفاوضات مثل الإفراج عن جميع الأسرى المعاد اعتقالهم من صفقة شاليط». وذكر المصدر أن النرويجيين تسلموا، عبر مبعوثهم الذي زار غزة خلال الشهر الماضي، رداً إيجابياً يرحب بوساطتهم، فيما نقل أن بلاده وعدت بتقريب وجهات النظر مع الإسرائيليين.
في شأن آخر، أعرب نتنياهو عن استعداده لـ«مناقشة صفقة القرن بعقل مفتوح»، وذلك لـ«إيمانه بشراكة حقيقية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب»، رغم تأييد الأخير حل الدولتين خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت «يسرائيل هيوم»، المقربة من نتنياهو، إن الأخير «يسعى إلى الحيلولة دون إعلان ترامب خطته مطلع العام المقبل، نظراً إلى تزامنها مع موعد الانتخابات الإسرائيلية، وهو ما قد يؤثر في أركان سفينة نتنياهو في حال شمول (الصفقة) بنوداً تعارض توجهات اليمين في دولة الاحتلال، أو طلباً أميركياً بتقديم تنازلات للفلسطينيين».