تنشر «الأخبار» في ما يلي محضر اجتماع الوفد الوزاري العربي في عمّان بتاريخ 6 / 1 / 2018، لبحث تداعيات القرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. اجتماع بدا فيه العرب خائفين من الولايات المتحدة، وظهر كلّ من وزيرَي الرياض وأبوظبي مهتمَّين بتمييع أي قرار يصطدم بالولايات المتحدة، في حين كشف أحمد أبو الغيط أن لا دولة عربية انضمت للجنتين شكلتهما الجامعة العربية للتصدي لنفوذ تل أبيب. وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، رمى بمقترح «الصدمة» عبر حل الدولة الواحدة وإنهاء سلطة رام الله. موقفٌ استدعى رد فعل من نظيره الفلسطيني، سأل فيه الجبير: «أين مصداقيتنا وأخلاقنا؟». وفي ما يلي مداخلات الاجتماع وفق ما وردت في المحضر الأردني المسرّب:
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي
أشار معالي الوزير أيمن الصفدي إلى أن هذا الاجتماع تشاوري يهدف إلى تقييم الوضع الراهن في ظل الاتصالات التي أجريت عقب القرار (الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل)، ومعرفة أين يقف العالم من ذلك، وتحديد أولويات عمل وتوصيات تعمل بها، وتحليل اجتماع المجلس الوزاري. أكد معالي الوزير أن القرار رقم 8221 الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، أناط بالوفد مهمة الحد من التبعات السلبية لقرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ومواجهة آثاره. أشار معالي الوزير إلى التطورات الأخيرة، من تصويت الكنيست الإسرائيلي على قانون معدل لقانون ما يسمى «أساس القدس» وقرار الحزب الحاكم في إسرائيل والأنباء حول قطع المساعدات الأميركية عن «الأونروا» والأزمة التي سيسببها لكل هذا القرار في مناطق العمليات الخمسة في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وغزة، فهناك آلاف الطلبة الذين يدرسون في مدارسها والمرضى الذين يتعالجون في مراكزها الصحية.

وزير الخارجية المصري سامح شكري
أعرب شکري عن اتفاقه مع الأهداف ومنهجية العمل التي ذكرها معالي الوزير الصفدي. وبين أن موقف الاتحاد الأوروبي إيجابي. أشار إلى التصويت على القرار المتعلق بالقدس في مجلس الأمن، ووصف نتيجة تصويت الجمعية العامة على القرار الأخير بالنتيجة المشرفة. قال إنّا كنا نتوقع دعماً أكبر من الدول الأفريقية كونها عانت من الاستعمار سابقاً. شدّد على أن هذا الاجتماع ذو طبيعة تشاورية.

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي
منذ قدوم الإدارة الأميركية وهي تحاول الابتعاد عن أسس السلام المتفق عليها، بدءاً بموضوع شرعنة الاستيطان، ثم التنكر لحل الدولتين، والابتعاد عن المرجعيات الدولية، منوهاً إلى أن تلك الخطوات الأميركية مؤشرات على أن إدارة ترامب اختارت الابتعاد عن عملية السلام. الإعلان الأميركي بالنسبة لنا شكل ضربة قوية جداً لعملية السلام ومعسكر السلام الذي نمثله جميعاً، ويخدم إسرائيل وقوى التطرف فيها، وخدمة للإرهاب في المنطقة من خلال الانتقال من صراع سياسي إلى دیني. خلال العام 2017 اقتحم 25000 متطرّف المسجد الأقصى المبارك، وكل هذه خطوات تصعيدية شجعت الولايات المتحدة إسرائيل عليها، وهي انتهاك لحقوق الفلسطينيين، فضلاً عن التزايد في وتيرة الاستيطان، وهناك أخبار عن مليون وحدة استيطانية جديدة، بالإضافة لقانون إعدام الفلسطينيين، واقتلاع الأحياء العربية في القدس بهدف تغيير ديموغرافيتها وتهويدها. كل هذه الإجراءات التصعيدية نمت من خلال تشجيع (مستشار الرئيس الأميركي جاريد) كوشنير، (المبعوث الأميركي في الشرق الأوسط جيسون) غرينبلات، و(السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد) فريدمان، وهؤلاء الثلاثة لهم بيوت في المستوطنات وجزء منهم عاش فيها، ويشعرون بأن حركة الاستيطان مقدّسة.
الجبير: نحن بحاجة «To Think out of the box» والتفكير في شيء «Dramatic»


وقد بيّن كتاب «Fire & Fury» أنهم أخذوا كل هذه القرارات منذ الأيام الأولى لوصول ترامب إلى الرئاسة. شدّد على أن قرارات الولايات المتحدة الأخيرة تضرب قضيتي القدس واللاجئين اللتين تشكلان عصب القضية الفلسطينية. قد قالها ترامب: القدس أصبحت «Off Table» (لم تعد على الطاولة)، وبالنسبة للأونروا فقد طرح الإسرائيليون الموضوع في البداية ثم تبنت (المندوبة الأميركية في مجلس الأمن) نیکي هایلي هذه الفكرة بهدف شلّ الأونروا، ثم يقولون «تحملوا يا أردن ولبنان، وسوريا والعراق لإخراج موضوع اللاجئين Off Table». أما بالنسبة للحدود والمستوطنات، فلم تبق هنالك فرصة لدولة فلسطينية متصلة، حيث أن مشروع «E1» قسّم الضفة الغربية إلى قسمين: قسم شمالي منعزل تماماً عن جنوبها. نحن قلقون من هذه الخطوات، وتحدثنا بأن الإدارة الأميركية هي من فرضت المواجهة ونحن لم نكن يوماً نريد المواجهة. لا نقبل بأي دور للولايات المتحدة الأميركية في العملية السياسية، ونحن بحاجة لأفق جديد ورؤية جديدة، ورؤية سياسية جدّية. لا نقبل الانتظار لحين رؤية ما ستقدمه أميركا، حيث من الواضح لدينا أن صفقة القرن تتضمن: القدس خارج، اللاجئين خارج، المستوطنات واقع، ومناطق «C» يتم ضمها، وهذا أمر مستحيل حدوثه. نعتقد بضرورة مواجهة القرار وإبطاله، ومواجهة ومنع أي دولة من أن تقوم بنفس ما قامت به الولايات المتحدة الأميركية. ضرورة تفعيل قرارات الجامعة العربية عام 1980 في عمان والتي تدعو لقطع العلاقات مع أي دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والتي تم التأكيد عليها في قمة عام 1983 وقمة عام 2002. ضرورة تفعيل قرارات القمم العربية السابقة، وتفعيل شبكة أمان اجتماعي للشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني والعربي ينتظر موقفاً عربياً واضحاً وآليات للتحرك. بالنسبة لزيارات العواصم يمكن أن تقوم بها كل دولة لوحدها فكل منا يحمل عبء ومسؤولية أو تكليف كل دولة بزيارة مجموعة من الدول. بالنسبة لغواتيمالا فهي الدولة الوحيدة التي أعلنت عن نقل سفارتها إلى القدس مع أن الأنباء تتحدث أن إسرائيل تتوقع أن تقوم عشر دول بهذه الخطوة ولكن إسرائيل فشلت في ذلك حتى مع رومانيا وبولندا والتشيك. قالت وزيرة خارجية غواتيمالا إن العرب لن يتجرأوا على اتخاذ أي خطوة تجاه غواتيمالا سواء سياسية أو اقتصادية مضيفة أن غواتيمالا ستعمل لإقناع الدول بنقل سفاراتها للقدس. أسس نتنياهو صندوقاً بقيمة 50 مليون دولار لدعم الدول النامية بهدف شراء ذمم تلك الدول وتسهيل نقل سفاراتها إلى القدس. ضرورة خروج رسالة «تجارية» إلى غواتيمالا، فهي تقوم بتصدير 90 % من حب الهال إلى الدول العربية. كما أن منظمة مصدري حب الهال في غواتيمالا بدأت بالحراك والضغط على الحكومة لتغيير موقفها. ولهذا يجب التلويح بقطع شراء الهال منها . رئیس غواتيمالا هو من الـ«Evangelical» (إنجيلي)، وابنه معتقل، وأخوه معتقل أيضاً بتهم فساد، ويمكن التحرك ضمن المعارضة في غواتيمالا للضغط على الحكومة الغواتيمالية.

وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش
الوضع صعب والموقف الأوروبي جيد، يجب أن يوجد لدينا موقف بنّاء - أي عرض معين. الوفود المشتركة في الزيارات يجب أن تكون فقط في أقل الحالات لأنه موضوع غير عملي من ناحية تجمع الوزراء. وضع الخطط واتخاذ المواقف يحتاج لوقت وهذه اللجنة يجب أن تكون المحرك لموضوع القدس، وأن لا يكون رد العالم العربي «متطرف وتتحكم به ترکیا و إیران».

وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة
الموقف الأميركي له سياقه، ويقلقنا الموقف الأفريقي الذي يعكس حقيقة التوغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية. (هنا قام الوزير الفلسطیني ریاض المالکي بمداخلة أشار فيها إلى أن نتنياهو طلب من الرئيس الزامبي ترتيب قمة أفريقية - إسرائيلية وقد قبل الرئيس الزامبي هذا الطلب). أشار بوريطة إلى أن هناك 25 دولة أفريقية أعطت المواققة لإسرائيل على ترشيحها لمجلس الأمن. نمط التصويت في الجمعية العامة على قرار القدس يؤكد المخاوف من الموقف الأفريقي. يجب طلب مساعدة الأوروبيين في موضوع الأونروا من خلال الإشارة لأهمية الوكالة وطلب تقديم دعم مادي إضافي لها. لا يجوز أن نترك الولايات المتحدة وتدير ظهرنا لها، بل يجب التواصل معها وتوضيح خطورة القرار.

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير
نتفق على كل ما ذكر، ونعم نتحرك في الأمم المتحدة ونحتج ونستنكر ولكن ما البدائل؟ هل حل السلطة الوطنية الفلسطينية هو خيار مطروح؟ وترك إسرائيل مسؤولة عن التعليم والصحة والخدمات... إلخ. هل حل الدولة الواحدة مطروح؟ بحيث نقول «استلمي المسؤولية يا إسرائيل». قطع العلاقات مع أميركا غير وارد، الاحتجاج ليس له أثر، قد نعزل أميركا ولكن في النهاية لن يعدل ترامب عن قراره. يمكن أن نعمل على موضوع غواتيمالا. يمكن أن نعمل على موضوع أفريقيا ولكن نفوذ إسرائيل و أمیرکا هناك أكبر. ماذا يوجد لدينا غير الاحتجاج؟ نحن بحاجة «To Think out of the box» (التفكير من خارج الصندوق) والتفكير في شيء «Dramatic» (دراماتيكي) مثل حل السلطة الفلسطينية وعمل صدمة بحيث يأتي الناس ويقولوا وين رايح؟ نستطيع تغطية عجز الأونروا ولكن التحرك بسرعة في مصلحة أميركا: هي العرب دفعوا ووفرت على نفسي.

أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط
هذا الاجتماع مهم، وعلى اللجنة تقديم توصياتها لمجلس الجامعة لتبنيها ثم الانطلاق لتنفيذها. الوضع صعب، صحیح 128 دولة صوتوا لصالح القرار، ولكنا فقدنا 65 دولة. أميركا اللاتينية تخلت عن موقفها، أفريقيا 15 - 16 دولة ضاعت منا. التعاون العربي الأفريقي ضاع خلال الفترة الماضية، ونحتاج للتركيز على أفريقيا. دعونا في الجامعة العربية لتشكيل لجنتين، الأولى للتصدي لترشيح إسرائيل لمجلس الأمن، ولجنة التصدي للتأثير الإسرائيلي في أفريقيا، ولكن لا أحد يريد الانضمام لهما. الهدف من هذا الاجتماع: أولاً- تقليل خصائر الفلسطينيين، والعرب، والمسلمين والمسيحيين. ثانياً- نساعد الفلسطينيين في تحركاتهم في المنظمات الدولية، صحيح سنضايق الأميركيين ولكن علينا أن نكون دقيقين لعدم استشارة ردود أفعال أخرى.

داخلة رقم 2 لوزير الخارجية الفلسطيني (رد على الجبير)
أتفق مع الأمين العام إذا تبنينا موقفاً يجب التمسك به، فكيف إذا ما تبنينا قرارات؟ أتفهم موقف عادل الجبیر بأننا لا نستطيع قطع العلاقات مع أميركا ولكن أين مصداقيتنا وأخلاقنا؟ فأما نبلع القرارات أو نلتزم موقفنا، هل القرارات فقط تصدر ولكن نعلم أننا غير قادرين على تطبيقها. غواتيمالا لا تزن شيئاً ولكنها أصبحت عنواناً للتحدي، وهي ما زالت تتحدى وتريد إقناع مزيد من الدول بنقل سفارتها إلى القدس بغض النظر عن حجمها. هناك تحد كبير، يجب أن نعرف إذا كنا على مستوى التحدي، إذا كنا لا نستطيع التعامل مع توغو وغواتيمالا، فكيف أرفع سقفي إلى الولايات المتحدة؟ أمیرکا ما زالت تصعد ويجب أن تسمع صوتنا واحتجاجاتنا، إذا لم يكن هناك مظاهرات واحتجاجات ستقول أمريكا لماذا أهتم؟ لا ندعو للدفع بالسرعة للأونروا، ولكن هذا موضوع يتعلق باللاجئين الذي هو من مواضيع الحل النهائي، وبالتالي يجب أن يكون هنالك جدية. هناك تصعيد من الفصائل والشعب الفلسطيني إزاء أوسلو والسلطة الفلسطينية، ولكن في الوقت الذي نتخذ مثل هذه الخطوات (إشارة إلى تساؤل الجبير عن خيار حل السلطة الوطنية الفلسطينية) بدون دعم عربي ماذا سيحدث؟ من الضروري وجود دعم وإسناد ودفء عربي للقيادة الفلسطينية.

مداخلة رقم (۲) لوزير الخارجية الأردني
إذاً نتقق أن نقاط التقائنا هي: - الوضع صعب ولا نريد أن نصعبه أكثر. - نريد التعامل لإدارة الوضع الصعب وتقليل الخسائر.
قطع العلاقات مع أميركا لن يحدث فلماذا نلوح به؟ ما هي الخطوات التي علينا اتخاذها: تأكيد موقف الجامعة العربية ببطلان القرار . كيف نحد من تبعاته؟ الانخراط الإيجابي والهجوم الإيجابي أفضل من الهجوم السلبي.
لا نريد وضع كل خياراتنا الآن على الطاولة. على فرض قامت أميركا بالتصعيد مستقبلاً ماذا سنفعل؟ أما بالنسبة لمطالبنا: الاتفاق على بطلان وعدم شرعية القرار الأميركي. التأكيد على السلام خياراً استراتيجياً يرتكز على حل الدولتين. (هنا قام الوزير رياض المالكي بمداخلة: لا نستطيع التعامل مع أميركا ولا نتوقع تقديم شيء مفيد، إذا لم قرارها لا يجب ولا يمكن التعامل معها. ولوحظ بأن الوزير المالكي قد وجه حديثه کاملاً للوزير السعودي - من باب الرد - حينما تكلم لأكثر من مرة وبدا منفعلاً).

مداخلة رقم 3 للوزير الصفدي
أشار معالي الوزير إلى ضرورة الاتفاق على خطوات عملية للتعامل مع تداعيات القرار الأميركي، مثل: التأكيد على القرار رقم 8221 الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري. الانخراط مع المجتمع الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران 1997 وعاصمتها القدس الشرقية. تم الاتفاق على الدعوة لاجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري بتاريخ 31/ 1 / 2018.