غزة | بعد معركة شاقّة خاضها أسرى حركة «الجهاد الإسلامي» على مدى تسعة أيام من الإضراب المتصاعد عن الطعام، انتصر هؤلاء على إدارة مصلحة السجون، بالاستفادة من ضغوط مارسها الوسطاء المصريون والأمميون على دولة الاحتلال للتراجع عن خطواتها العقابية بحقّ الأسرى، منعاً لتفجّر مواجهة جديدة. وأعلنت الهيئة القيادية لأسرى «الجهاد»، فجر أمس، تعليق الإضراب عن الطعام إثر «انتصار أبطال معركة الأمعاء الخاوية، واستجابة مصلحة السجون لمطالبهم، ووقف انتهاكاتها ضدّ معتَقلي الحركة». ومنذ صباح الجمعة، علّق 250 أسيراً من «الجهاد» إضرابهم الذي دعمتهم فيه مختلف الفصائل الفلسطينية بهدف وقف الهجمة الشرسة التي شنّتها مصلحة السجون عليهم، في أعقاب محاولة 6 أسرى، 5 منهم من الحركة بِمَن فيهم أمير أسراها محمد العارضة، التحرّر من سجن جلبوع الشهر الماضي.وحسبما علمت «الأخبار» من مصادر في حركة «حماس»، فقد أجرت الأخيرة و«الجهاد»، خلال الأيام الماضية، حوارات مع الوسيط المصري حول كيفية إنهاء انتهاكات الاحتلال بحقّ الأسرى، وذلك بعد تهديدات صريحة من الأمين العام لـ«الجهاد»، زيادة النخالة، بالذهاب إلى حرب دفاعاً عن المعتقَلين. وأثمرت الرسائل الساخنة التي وصلت المصريين بإمكانية تنفيذ هجمات على حدود قطاع غزة، ضغوطاً سياسية على حكومة الاحتلال التي اختارت دفْع مصلحة السجون إلى التفاوض مع الأسرى مقابل وقف إضرابهم عن الطعام، وتلبية مطلبهم بإعادة أوضاعهم إلى ما كانت عليه قبل عملية «نفق الحرية»، بهدف المحافظة على الهدوء في القطاع. وكانت إدارة السجون شرعت، منذ السادس من أيلول الماضي، تاريخ عملية جلبوع، في فرض جملة من الإجراءات التنكيلية بحق المعتقَلين، وتصعيد سياسات التضييق عليهم، مستهدِفةً خصوصاً أسرى «الجهاد» من خلال نقلهم وعزلهم واحتجازهم في زنازين لا تتوفّر فيها أدنى شروط الحياة الآدمية، عدا عن نقل مجموعة من القيادات إلى التحقيق.
وعلى إثر ذلك، بدأ أسرى «الجهاد»، منذ 40 يوماً متواصلة، خطوات تصعيدية تُوجّت بإضراب مفتوح عن الطعام دفاعاً عن إرث الحركة الأسيرة وبنيتها التنظيمية، كان سيتطوّر إلى الامتناع عن شرب الماء بدءاً من 100 من طليعة استشهاديّي أسرى الحركة. و«على وقْع النصرة العاجلة والمباشرة والتي سمعها العالم كلّه، والمتمثّلة في تصريح الأمين العام الحاج زياد النخالة (أبو طارق)، بإعلان النفير العام من قِبَل سرايا القدس ومساندة أبناء شعبنا المقاوم، لهف السجان جاهداً في محاولة للوصول إلى تفاهمات تؤدّي إلى تعليق الإضراب»، بحسب الهيئة القيادية العليا لأسرى «الجهاد» التي أشارت إلى أن تعليق الإضراب جاء في أعقاب «مفاوضات صعبة ومعقّدة أديرت تحت ضغط وتهديد أسرى الجهاد باستمرار التمرّد والإضراب المفتوح حتى تحقيق خمس نتائج، هي: الوقف الفوري للهجمة المسعورة على أبناء الجهاد الإسلامي، ورفع كلّ الإجراءات العقابية بحقهم، واستعادة التمثيل والبناء والكيان التنظيمي للحركة في سجون الاحتلال، وعودة المعزولين من قياداتها وكوادرها ليكونوا بين مجاهديهم، بالإضافة إلى تحسين الظروف المعيشية للأسيرات الماجدات، وإلغاء الغرامات والعقوبات المالية المليونية».
كان أسرى «الجهاد» بدأوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ 40 يوماً متواصلة

وأكدت الهيئة أنه «تمّ التوافق مع أعضائها كافة، بعد الاستماع إلى آراء مجلس الشورى العام والعديد من كوادر الحركة، على إعلان تعليق الإضراب المفتوح عن الطعام ووقف خطوات التمرّد والعصيان، في انتصار مسجَّل لأسرى الجهاد الإسلامي، وجميع مَن ناصرهم وآزرهم من أبناء الحركة الأسيرة ومركّباتها الوطنية».
إلى ذلك، زعمت «القناة 12» العبرية أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية اعتقلت، أخيراً، خلية منظَّمة ومموَّلة من «الجهاد»، كانت تخطّط لتنفيذ عمليات مقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية أو في دولة الاحتلال، مشيرةً إلى أن اثنين من عناصر الخلية ينتميان إلى الأجهزة الأمنية، وثالثاً كان معتقلاً في سجون الاحتلال، مضيفة أن الجميع محتجزون حالياً في سجن أريحا حيث يجري التحقيق معهم. وبحسب القناة، فإن المعتقلين هم: الأسير المحرَّر عزت الأقطش الذي ينتمي إلى «الجهاد»، وجاسر دويكات العضو في حركة «فتح» والذي يعدّ والده ضابطاً كبيراً في السلطة وقريبه أحد المتحدّثين باسم أجهزتها الأمنية، وأمجد أبو سكر النقيب في «الأمن الوطني» الفلسطيني.