«أصلاً مَن أكرمه الله بالشهادة في الساعات الأولى من الهجوم، نجا من أهوال ما رأينا»
عند المقبرة المؤقتة في الجهة الغربية من المستشفى، التقينا أم محمود، وهي أم لخمسة أبناء؛ تقول لـ«الأخبار»: «أنا طلّعوني من المستشفى في اليوم الثاني من الحصار، أجبرونا نمشي في حفرة كلها جثامين وطين ومياه صرف صحي، غرقنا فيها لحدّ منتصف جسدنا (...) ببحث عن ابني، ما قبل يطلع، دخلت قسم الكلى، لقيته محروق تماماً، مش عارفة صارت عظامه رماد، ولا اعتقلوه، حتى جثمان ابني الثاني إلي كان مدفون هان مش لاقياه». أمّا أبو محمد أحمد، الذي التقيناه وهو جالس على كومة من الرمل في مقابل قسم الطوارئ والاستقبال، فقد أكد أن العدد الأكبر من الشهداء، دفنهم جنود العدو في سراديب حفروها خصّيصاً لهذا الغرض. يقول لـ«الأخبار»: «أنا شاهدت بعيني الجرافات بتدوس على جثامين الشهداء، بعض المصابين جرفوهم في الحفرة وهمّا أحياء، في كل مكان بنمشي عليه الآن في شهداء».
في قسم العناية المكثّفة، حوصر أحمد الهنا؛ هناك، تُرك العشرات من الجرحى في انتظار ساعة الأجل، إذ مُنع الأطباء من أداء مهمّتهم، وأعدم الجيش الدكتور هاني الهيثم وعدداً من الممرّضين، لأنهم حاولوا الزحف للوصول إلى مرضاهم. يقول الهنا، في شهادته لـ«الأخبار»: «نمنا برفقة جثث الشهداء، ومَن ينتظر أجله طوال أسبوعين. تعفّنت جروح المصابين. لا أحد من المرضى الذين حوصروا معنا يستطيع قضاء حاجته بمفرده. لك أن تتصوّر حجم المأساة التي أجبرونا على عيشها، هؤلاء وحوش وليسوا بشراً».