بعد ساعات على عملية «الوعد الصادق» الإيرانية ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، وفي تقييم أولي لنتائج هذه العملية نستطيع القول:أولاً- إنّ إيران قد التزمت بوعد قادتها، وعلى رأسهم الإمام علي الخامنئي، بالرد على جريمة اغتيال قادة الحرس الثوري الإيراني في القنصلية الإيرانية في المزة في دمشق. ولقد جاءت هذه العملية، التي قام بها حرس الثورة الإيراني، لتردّ، أيضاً، على كل محاولات التشكيك في قدرة إيران، فضلاً عن رغبتها بالرد على الكيان الصهيوني.
ثانياً- مهما حاولت تل أبيب، ومعها واشنطن، التقليل من نتائج هذه العملية، فإنّ أحداً لا يستطيع أن ينكر أن العملية العسكرية الإيرانية قد أغرقت أجواء الكيان بالمُسيّرات والصواريخ لعدة ساعات، وأنها أثارت ذعراً ورعباً في قلوب أهل الكيان الغاصب، وأنها نجحت في الوصول إلى أهدافها، ولا سيّما تلك المتصلة بجريمة المزة في دمشق.
ثالثاً- لقد أثبتت هذه العملية أن الجمهورية الإسلامية نجحت، رغم ما تعرّضت له من حصار وحروب وفتن على مدى 45 عاماً، في بناء ترسانة عسكرية مهمة ومتطورة يدرك أعداء إيران قدرتها على الرد في كل مواجهة مرتقبة معهم.
رابعاً- إنّ الرد الإيراني كان إيرانياً كاملاً ولم يعتمد على أي حليف له من محور المقاومة، والذين واصلوا تصديهم للكيان كما هو حالهم منذ ملحمة «طوفان الأقصى»، وذلك عكس كل التحليلات التي حاولت أن تتهم طهران بأنها سترد من خلال حلفائها في المنطقة.
خامساً- كان للرد الإيراني دوره الملحوظ في رفع معنويات الجماهير العربية والإسلامية، ولا سيّما في فلسطين، وخصوصاً في قطاع غزة التي كان أهلها يواجهون سردية تسعى للإيحاء لهم بأنهم يقاتلون وحدهم... ولقد تجلّى هذا الدفع المعنوي بما شهدته عواصم ومدن ومخيمات من مسيرات واحتفالات.
سادساً- إنّ عملية «الوعد الصادق» قد أطلقت معادلة جديدة في الصراع بين الجمهورية الإسلامية والكيان الصهيوني تقوم على أن الرد على أي اعتداء صهيوني على إيران سيأتي من داخل الجمهورية الإسلامية وليس عبر حلفاء طهران في محور المقاومة.
سابعاً- إنّ الرد الإيراني جاء مدروساً وحكيماً ومدركاً لمجمل الوضع الإقليمي والدولي وتعقيداته، فلا هو امتنع عن رد ضروري، ولا هو بالغ في الرد بما يخرج الأوضاع عن السيطرة.
ثامناً- لقد أعطى الرد الإيراني أنموذجاً ليحتذي به الواقع الرسمي العربي والإسلامي؛ بإمكانية المواجهة العسكرية لهذا الكيان، وإمكانية الانتصار عليه لو تضافرت القوى وتكاملت الجهود وتوحّدت الكلمة والموقف وتحررت الإرادة من الإملاءات الأميركية والأطلسية.
تاسعاً- لقد كشفت ردود الفعل الغربية عموماً، والأميركية خصوصاً، عمق العلاقة بين الغرب الأطلسي والكيان الصهيوني والذي يتجه لعقد تحالف دولي لحماية الكيان، كما كان عبر تحالفات سابقة ضد العراق وسوريا وليبيا واليمن، بما يؤكد أن أمّتنا العربية والإسلامية هي أمّة واحدة في طموحاتها كما في أعدائها.
عاشراً- لقد أتت عملية «الوعد الصادق» الإيرانية التاريخية استكمالاً لعملية «طوفان الأقصى» التاريخية وينبغي استثمار إيجابياتها لصالح وقف حرب الإبادة الجماعية على الأهل في غزة وعموم فلسطين، ولتحرير القدس والأقصى وسائر المقدّسات في أرضنا المحتلة، وقد كانت لمرور الصواريخ والمُسيّرات الإيرانية فوق القدس المحتلة دلالة رمزية ومعنوية كبيرة.
ألف تحية لعملية «الوعد الصادق» وقادتها وفرسانها. والنصر حتمي لأمّة العروبة والإسلام، بإذن الله.
* الأمين العام السابق
للمؤتمر القومي العربي