دخلت مفاوضات صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، مرحلة معقّدة مجدداً، بعدما بدا أنها قد تشهد انفراجة. وعلى وقع الردّ الإيراني الذي قلب المشهد وبدّل الحسابات، مع ما يُنتظر أن يتبعه من تطورات، اعتبرت إسرائيل، أمس، أن الردّ الذي سلّمته «حماس» على المقترح الأميركي، هو في الحقيقة «رفض» من قبل الحركة له. وجاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن «حماس ردّت سلباً على الخطوط العريضة التي طرحها الوسطاء عليها»، فيما كشفت تسريبات نشرتها وسائل إعلام عربية أن الحركة اشترطت في ردّها «انسحاب القوات الإسرائيلية إلى محاذاة الخط الفاصل في جميع المناطق، وضمان عودة النازحين إلى شمال القطاع، إضافة إلى حرّية الحركة، خلال المرحلة الأولى من الاتفاق». ثم بعد ذلك، عند الانتقال إلى المرحلة الثانية، يجري الإعلان عن وقف إطلاق النار الدائم قبل البدء بتبادل الأسرى، إضافة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خارج القطاع. أما في المرحلة الثالثة، فقد طالبت «حماس» بأن تشمل «التزاماً بإنهاء الحصار وبدء عملية إعادة إعمار غزة». وبالنسبة إلى مفاتيح تبادل الأسرى، عرضت الحركة إطلاق أسير إسرائيلي مدنيّ واحد، مقابل الإفراج عن 30 أسيراً فلسطينياً. كما طالبت بإطلاق سراح 50 أسيراً فلسطينياً، مقابل كل مجنّدة إسرائيلية أسيرة، على أن يكون من بينهم 30 من أصحاب المؤبّدات.من جهتهم، يأمل الوسطاء أن يعزّز التصعيد الذي أفرزه الردّ الإيراني، وكذلك ما يُتوقّع من ردّ للعدو عليه، الرغبة في الوصول إلى اتفاق يؤسس لانتهاء الحرب على غزة، وخصوصاً لدى الأميركيين الذين بدأوا يشعرون بخطورة انفلات الأمور من بين أيديهم، والانتقال من حرب دامية في القطاع، إلى حرب أكثر دموية في المنطقة بأكملها. وفي حين تشدّد الأطراف الدولية على ضرورة منع توسّع الصراع واحتواء الموقف، أكّد قادة «مجموعة السبع»، في اجتماع لبحث الهجوم الإيراني على إسرائيل، أمس، «مواصلة العمل من أجل وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة». وإن لم يُعلن هؤلاء وغيرهم، صراحةً، أن الدافع الأساسي للتصعيد في المنطقة، هو الحرب الإسرائيلية المستمرّة على غزة، وتمادي العدو في اعتداءاته على دول المنطقة، إلا أن جميع القوى الدولية تدرك بلا أي شكّ، أن وقف الحرب يضمن بالتأكيد خفضاً للتصعيد في المنطقة.
بدأ الأميركيون يشعرون بخطورة انفلات الأمور من بين أيديهم، والانتقال إلى حرب أكثر دموية في المنطقة بأكملها


من جهة أخرى، جرى الحديث في الإعلام الإسرائيلي، أمس، عن إلغاء موعد مفترض كان قد حدّده نتنياهو لتنفيذ عملية عسكرية في رفح جنوبي القطاع، بسبب التطوّرات الأمنية بخصوص الردّ الإيراني. وأغلب الظن، أن نتنياهو لم يكن قد حدّد موعداً لهذه العملية أصلاً، وهو ما أكّده وزير الحرب، يوآف غالانت، في اتصال مع الأميركيين قبل أيام، إلا أن رئيس الحكومة يسعى إلى استغلال الظرف الأمني الاستثنائي لتبرير تنازلات محتملة أو التعمية على خدع وأكاذيب سياسية. ومن جهتهم، نقل المصريون، إلى الجانب الإسرائيلي، رفضهم أي محاولات لاستغلال التوترات الأخيرة لتنفيذ عملية عسكرية في رفح. وأكّد مسؤول أمني مصري، لـ«الأخبار»، أن «تصاعد التوتر على جبهات أخرى دفع إسرائيل إلى مراجعة قرار اقتحام المدينة»، مشيراً إلى أن «التقديرات الحالية تتضمّن إمكانية قيام الاحتلال بتكثيف الغارات الجوية على رفح، في محاولة للضغط على الفصائل في المفاوضات».