بغداد | لم يمنع وصول رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى الولايات المتحدة في زيارة طال انتظارها لمعالجة إشكاليات كثيرة في العلاقات بين البلدين، العراقيين، شعباً ومقاومة، من أن يكونوا جزءاً من الرد الإيراني على إسرائيل، سواء من خلال إطلاق مسيّرات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أكّدت أميركا وإسرائيل، أو من خلال الاحتفالات في شوارع بغداد وعدد من المدن العراقية الأخرى بوصول عدد من الصواريخ والمسيّرات الإيرانية إلى أهداف إسرائيلية.وإذ أثار الرد الإيراني مخاوف البعض من اتساع نطاق التصعيد في المنطقة، فإن الضربات لاقت دعماً شعبياً واسعاً في العراق، وذلك من خلال خروج مئات المؤيدين لعمليات القصف إلى الشوارع محتفلين بضرب إسرائيل، وهاتفين بشعارات حماسية، ولا سيما أن العراقيين شاهدوا بأمّ العين المسيّرات وهي تعبر في أجوائهم في طريقها إلى أهدافها. كما باركت «المقاومة الإسلامية في العراق»، عبر منصات تابعة لها على مواقع التواصل الاجتماعي، الضربات الإيرانية.
وكان لافتاً غياب أي تعليق رسمي عراقي على الهجوم الذي يأتي عشية لقاء سيعقده السوداني مع الرئيس الأميركي، جو بايدن في واشنطن التي كان قد توجّه إليها قبل بدء الرد الإيراني، باستثناء تشديد الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، خلال لقائه مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، وعدداً من المسؤولين في قصر السلام في بغداد، على ضرورة تخفيف التوترات وعدم الانجرار إلى اتساع دائرة الصراع، وتأكيده في بيان نشره مكتبه أن الحروب لن تجلب الحلول للشعوب وستعمّق المشاكل بين الدول.
وفي السياق، يقول مصدر في مجلس الوزراء العراقي، رافق السوداني على الطائرة إلى واشنطن، لـ«الأخبار»، إنّ «الحكومة العراقية تتعامل من منطلق أنها مستقلة عن أي طرف إقليمي أو دولي. وهذا الأمر ربما كلّف محمد شياع السوداني كثيراً، لأنه دائماً ما يوضح للآخرين، وخاصة إيران وأميركا، أنّ العراق بلد حيادي لا يتصل بأي منهما على حساب استقراره». ويضيف المصدر أنّ «رئيس الحكومة العراقية طلب من إيران قبل ثلاثة أشهر تقريباً، إبعاد الساحة العراقية عن التوترات الإقليمية، وهذا فعلاً حصل بعد الاتفاق الشامل للتهدئة». ويوضح أنّ «الأحداث الإقليمية وقضية غزة والتوترات بعد القصف الإيراني على إسرائيل ستأخذ حيّزاً كبيراً من زيارة السوداني لواشنطن، ولا سيما أن للعراق أهمية كبيرة لدول ما يُعرف بمحور الممانعة، وبالتالي أيّ خطر إقليمي سيؤثر بالتأكيد على العراق وخاصة بين إيران وإسرائيل». ويتوقع أنّ «يوضح السوداني وجهة نظره إزاء الدور الإيراني في العراق لبايدن. وهذا حسب ما أعتقد سيخفّف من حدة الصراع الداخلي، وكذلك المواجهات المباشرة التي كانت بين فصائل المقاومة والأميركيين».
وفي المقابل، كان موقف المقاومة العراقية مختلفاً تماماً. فبعدما أعلنت كل من إسرائيل والولايات المتحدة أن بعض المسيّرات التي جرى اعتراضها أطلقت من الأراضي العراقية، أبدى الناطق باسم حركة «حقوق» التابعة لـ«كتائب حزب الله»، علي فضل الله، اعتقاده بأن «الضربة لا يُراد منها الاستمرار بقدر ما هي رسالة تأديبية للكيان الصهيوني جراء الاعتداء السافر على القنصلية الإيرانية في سوريا. وأعتقد أن الجانب الإيراني يؤمن بأن هناك حرباً استنزافية يراد من خلالها جرّ الجمهورية الإسلامية إلى حرب مفتوحة وشاملة. القيادة الإيرانية تدرك جيداً أنه ليس من مصلحتها الحرب المفتوحة، لأن ذلك سيعرّضها للاستنزاف. لذلك، هي ضربة نوعية ترتقي إلى حجم الاعتداء الصهيوني». ويعتبر، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «قطعاً سيكون هنالك رد من محور المقاومة في حال تجرّؤ إسرائيل على قصف أيّ مكان يمثّل المقاومة أو الجمهورية الإسلامية»، مضيفاً أن «دخول فصائل المقاومة في هذا الجانب مرهون بموضوع مساندة الجانب الأميركي والبريطاني وحلف الناتو لإسرائيل. إذا ما فكّروا بالتدخل والمساندة للكيان، قطعاً ستكون هناك مساندة من قبل الفصائل الإسلامية في كل الجبهات». ولاحظ فضل الله «التأييد الشعبي الذي يعكس رغبة وموقف العراق المؤيد والداعم للقضية الفلسطينية. لذلك، استبشرنا خيراً خلال ساعات القصف الإيراني، وهذا ما يشجع على مواصلة المسير إلى حين القضاء على إسرائيل».
من جانبه، يعتبر القيادي في حركة «أنصار الله الأوفياء» العراقية، حيدر السعيدي، أنّ «القصف الإيراني ضد إسرائيل هو بمثابة نصر لفلسطين ولكل الدول العربية التي عجزت عن ضرب صاروخ واحد ضد الاحتلال الصهيوني خوفاً على مصالحها»، مضيفاً، في تصريح إلى «الأخبار»، أنّ «الرسالة المهمة التي بعثتها إيران إلى كل العالم، هي أنّ إسرائيل ضعيفة وعاجزة عن الرد. وربما هذه الغارات أرعبتهم وجعلت قادتهم يحتمون في أنفاق وجحور تحت الأرض»، متابعاً أنّ «الضربة التاريخية كشفت مواقف العرب تجاه القضية الفلسطينية». ويؤكد أن «المقاومة الإسلامية لها دور في كسر شوكة الاحتلال، من خلال تحقيق هجمات صاروخية أسبوعية ضد مواقع في الأراضي المحتلة، فضلاً عن تقديم الدعم لمحور المقاومة منذ بداية عملية طوفان الأقصى».