تحاول الولايات المتحدة شدّ أزر التحالف الذي تتزعمه في المنطقة والعالم خلف إسرائيل، للحد من الآثار السياسية للضربة العسكرية التي تلقّتها الأخيرة على يد إيران، على مستقبل الصراع في الشرق الأوسط، وبالتالي على النفوذ الأميركي فيه. وتعتقد واشنطن أن ذلك يتحقّق عبر اتّباع سياسة أكثر واقعية تبدأ بعدم قيام تل أبيب برد عسكري على طهران يمكن أن يجعل الأمور أسوأ، ولا تنتهي بالتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، دعت إليه «مجموعة السبع» التي اجتمعت بصورة طارئة، أمس.إلا أن الهجوم الدبلوماسي الأميركي البديل، يستهدف أيضاً محاصرة طهران لمنعها من الاستفادة من الحقائق الجديدة التي أفضى إليها ردّها، بعدما حيك هذا الأخير بدقة لتعزيز قوتها الردعية ضد العدو، من دون الانجرار إلى حرب واسعة ومكلفة للجميع، ولا تفيد إلا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وكان ذلك هو الدافع وراء عقد اجتماع «مجموعة السبع»، باعتبار أن مجلس الأمن الذي التأم، أمس، لبحث شكوى إسرائيلية ضد طهران، لم يعد ملعباً تستطيع فيه الولايات المتحدة تمرير سياساتها.
في المقابل، تستعد إيران لمعركة دبلوماسية، بدأت معالمها ترتسم أمس، بالاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف، وإيران حسين أمير عبداللهيان، اللذين اتفقا على أن «استمرار التصعيد في المنطقة والأعمال الاستفزازية الجديدة والخطيرة يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوتر في الشرق الأوسط»، بحسب بيان وزير الخارجية الروسية، الذي قال إن «منع مثل هذه السيناريوهات والقضاء على الأسباب التي تقف وراءها يجب أن يكونا أولوية لمجلس الأمن».
وفضلاً عن ظهور إسرائيل على وهنها، برزت مشكلة أخرى بالنسبة إلى الولايات المتحدة، هي تردّي حالة حلفائها العرب مع الانكشاف المتزايد للهوة بين مواقفهم الإعلامية، وتصرفاتهم الفعلية، وهو ما ظهر بشكل جلي في موقف ملك الأردن، عبدالله الثاني، إذ اشتكى الأخير، خلال اتصال هاتفي بالرئيس الأميركي، جو بايدن، من أن أي تصعيد إسرائيلي «سيؤدي إلى توسيع دائرة الصراع في المنطقة»، مشدداً على أن بلاده «لن تكون ساحة لحرب إقليمية»، وذلك بعد الخسارة السياسية التي مني بها على مستوى الرأي العام العربي، نتيجة اعتراض الأردن صواريخ ومُسيّرات إيرانية كانت متّجهة نحو إسرائيل.
وفي كل الأحوال، كان بايدن قد أفهم نتنياهو، خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها معه، بأن الولايات المتحدة لن تشارك في أي هجوم مضاد ضد إيران إذا قررت إسرائيل الرد، وفق ما قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي. وفي السياق نفسه، نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر خليجية القول إن دول المنطقة تسعى لمنع اندلاع حرب إقليمية شاملة، خشية أن تؤدي إلى وضعها في مرمى النيران. وقال أحد هذه المصادر إن «الجميع يريد احتواء الوضع»، مضيفاً أن «الضغط لا يقع على إيران وحدها. الضغط الآن على إسرائيل حتى لا ترد، وأن تداعيات أي هجوم إسرائيلي على مواقع إيرانية مهمة ستؤثر على المنطقة برمّتها». وقال مصدر خليجي آخر مطّلع على وجهات النظر الرسمية إن دول الخليج والعراق والأردن تحثّ كلاً من إيران والولايات المتحدة على عدم التصعيد. وأشار إلى أن واشنطن تستخدم العواصم الخليجية لإيصال رسائل إلى طهران بعدم مواصلة التصعيد، مضيفاً أن «ثمة اتصالاً مباشراً بين السعودية وإيران لضبط الأمور».