تحرّك قوى الأمن الذي يندرج ضمن إطار الخطّة الأمنية بإزالة الشعارات السياسية والحزبية من المناطق، لقي إجماعاً على رفضه من قوى سياسية متباعدة في طرابلس. إذ يبدأ الرفض من «حركة التوحيد الإسلامي» التي نزل رئيسها الشيخ بلال شعبان على الأرض وتطوّع شقيقه صهيب لإعادة رفع إحدى الرايات بعد إزالتها، مروراً بمشايخ آخرين كالشيخ رأفت ميقاتي وصلاح ميقاتي، ومسؤول العلاقات الإسلامية في «تيار العزم» عبد الرزاق قرحاني، والجماعة الإسلامية ومشايخ سلفيين، وصولاً إلى ضاهر.
وعلى ما تقول مصادر في تيار المستقبل، فإن «لدى ضاهر أجندة خارجية من التحرك في طرابلس، منفصلة عن حسابات الآخرين الذين استثمروا موضوع الرايات كلٌ لمآربه، بالإضافة إلى التصويب على وزير الداخلية نهاد المشنوق وإحراجه، للتعمية على الإنجاز الذي تمّ تحقيقه في سجن رومية».
وبحسب أكثر من مصدر، جرى الترويج في المدينة بأن قوى الأمن تنوي إزالة نصب «الله»، وليس الرايات فقط، بهدف التحريض على الخطة الأمنية». وتذهب مصادر سياسية متابعة بعيداً في اعتبار الأمر «تضييقاً على المشنوق» عبر إبراز موضوع الرايتين، بدل إبراز ما قامت به قوى الأمن الداخلي في جبل محسن الذي نزعت منه صور (الرئيس السوري بشار) الأسد والأعلام السورية، وهو نسّق مسألة الرايات في طرابلس مع دار الإفتاء».
مصادر في المستقبل:وتضيف المصادر إن «ربط نزع الرايات بنزع صور وزير العدل أشرف ريفي هدفه التعميم بأن هناك خلافاً بين ريفي والمشنوق، علماً بأن جزءاً كبيراً من صور ريفي نُزع من المدينة بعلمه وموافقته». وتربط المصادر بين ما حدث في طرابلس وما يحدث في الآونة الأخيرة من تباينات في بعض المواقف داخل فريق تيار المستقبل، وبين جلسات الحوار التي تُعقد مع حزب الله، إذ بات جليّاً أن هناك فريقاً داخل المستقبل، يدور في فلك الرئيس فؤاد السنيورة، متضرراً من الحوار، أو على الأقل يصوّب عليه ويوحي بأنه «تماهٍ» مع حزب الله، في محاولة لإحراج الفريق الذي يحاور، وعلى رأسه المشنوق والنائب سمير الجسر. وتقول المصادر: «لأنهم لا يحاورون يهاجمون الحوار، ولو كانوا هم الذين يحاورون لكان الحوار عظيماً»، علماً بأن الحوار هو توجّه الرئيس سعد الحريري، ويرأس الوفد إلى حوار عين التينة مدير مكتبه نادر الحريري.
لدى ضاهر أجندة خارجية من تحريك طرابلس
استغلال موضوع الرايات
للتصويب على المشنوق
وإحراجه
غير أن كلام ضاهر خلال التجمّع في «ساحة النور»، أثار انزعاجاً كبيراً داخل كتلة المستقبل نفسها. ورفع الضاهر سقف الكلام في الدفاع عن الرايتين، مشيراً إلى أنه «إذا كانوا يريدون إزالتها، فليبدأوا بتمثال يسوع الملك وصور القديسين، الذين يفتحون أيديهم في جونية»، ما أغضب عدداً من النواب المسيحيين داخل الكتلة. مصادر في الكتلة قالت لـ«الأخبار» إن «نواب المستقبل المسيحيين اعتبروا أن كلام ضاهر لا يخدم سوى حزب الله، الذي يحرص دائماً على إظهار احترامه للمقدسات المسيحية مراعاةً لحلفائه». وأشارت المصادر إلى أن «كلام ضاهر أزعج حلفاء المستقبل، ما استدعى إجراء اتصالات مع مرجعيات روحية سنية ومرجعيات سياسية داخل تيار المستقبل، أكدت أن كلامه يعيد إحياء لغة طائفية، ويفتح باباً للاشتباك المسيحي ـــ السني، ولا يجوز المرور عليه مرور الكرام، ولا بد من وضع حد له». كما أن النائب العكاري لم يوفّر وزير الداخلية، وصوّب عليه في لغة أشبه بالتهديد، قائلاً: «إذا كان وزير الداخلية له علاقة بإزالة راية الإسلام، فسيكون لنا موقف كبير جداً»، علماً بأن ضاهر اتصل أمس بالمشنوق واستفسر عن موضوع إزالة نصب «الله» وأبلغه الأخير أنه «غير صحيح» ، ثم دعا ضاهر المشنوق إلى العشاء.
وشهد ليل السبت أخذاً وردّاً بين المحتجين وآمر سرية درك طرابلس العميد بسام الأيوبي، الذي أوضح للمحتجين أنه ينفذ أوامر المشنوق، وأن دار الفتوى أعطته ضوءاً أخضر لإزالة الرايتين.
الحوار «ماشي»
من جهة ثانية، على الرغم من عدم تحديد موعد جديد لجلسة الحوار السادسة بين حزب الله وتيار المستقبل، كما جرت العادة، أكدت مصادر الطرفين أن الحوار مستمر. وقالت مصادر في المستقبل إن «الحوار ماشي ومنتج ومفيد». وأكدت مصادر متابعة أنه سيتمّ اليوم الاتصال بنادر الحريري لتحديد الموعد الجديد، و«الأمر لم يحسم سابقاً لأنه خارج البلد». وعلمت «الأخبار» أن عدداً من أعضاء فريق الرئيس الحريري سينتقلون إلى الرياض قريباً، لمناقشة الخطاب الذي من المقرّر أن يلقيه في احتفال ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري بعد أيام.
بحث رئاسة الجمهورية في ميونيخ
بدوره، عقد رئيس الحكومة تمام سلام سلسلة لقاءات في ميونيخ على هامش «مؤتمر ميونيخ للأمن» في دورته الـ 51، أهمها مع وزراء خارجية روسيا وإيران وفرنسا. وتمنى سلام على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن « تساهم إيران في المساعدة على انتخاب رئيس للجمهورية مثلما دعمت تأليف الحكومة»، فيما أكد ظريف أن «إيران حريصة على رؤية رئيس جمهورية جديد في لبنان، وهي مستعدة لدعم أي اتفاق يتوصل إليه اللبنانيون وخصوصاً المسيحيين». وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لسلام «ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية يكون ممثلاً حقيقياً للشعب وقادراً على القيام بالدور المطلوب».
من جهته، أكد وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس لسلام «أن الشحنة الأولى من الأسلحة الفرنسية، التي تم التعاقد عليها في إطار الهبة السعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار، ستصل إلى لبنان في الأسبوع الأول من نيسان المقبل».
وأكد فابيوس أن «باريس ماضية في مساعيها وستواصل اتصالاتها مع كل الأطراف الفاعلة للوصول إلى نتيجة إيجابية في هذا الخصوص (رئاسة الجمهورية)»، وأنها «ستدفع في المحافل الدولية في هذا الاتجاه».