لا يريد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أن يترك مجالاً لرجال «التيار» حتى يستريحوا. حالما يُختم «محضر» استحقاق إنتخابي وتنظيمي، يُعاجلهم بتعميم جديد طالباً منهم «التأهب». بعد الإنتخابات الداخلية وانتخاب المكتب السياسي للحزب والإعداد للإنتخابات البلدية، أصحاب البطاقات البرتقالية مدعوون إلى انتخابات تمهيدية لاختيار المرشحين الحزبيين الذين قد يخوضون الإنتخابات النيابية المقبلة. قضاء كسروان هو جزء من هذه «الديمقراطية الداخلية» وأحد الأقضية التي ستشهد معركة بين المرشحين المحتملين الذين سيعمل كل واحد منهم لإطاحة الآخر.
من يعترض على استطلاع الرأي لديه ستة أشهر حتى يُعرّف الناخبين إليه

المواقف من الإنتخابات التمهيدية تختلف في كسروان، مع وجود شبه إجماع على أنّ «الهدف منها إطاحة المرشحين الحزبيين وعدم تبني ترشيح أي منهم». تجربتا انتخابات الـ2005 والـ2009، لا تزالان راسختين في الذاكرة الكسروانية. في المرتين، قرر عون التحالف مع نواب سابقين ورموز عائلية، مُبعداً «مناضلي التيار» (النائبة جيلبيرت زوين انتسبت بعد فترة إلى الحزب). يلقي هؤلاء باللوم على عون «فنحن القضاء الوحيد غير الممثل بالمناضلين». يتناسى العونيون في كسروان أنه لم يبرز واحد منهم قادر على فرض نفسه لدى دوائر القرار، تماماً كما جرى مع منصور فاضل في المتن أو زياد عبس في الأشرفية أو جيمي جبور في عكار. تلهوا بتنافسهم الداخلي و«طموحهم» للترشح إلى النيابة متكلين على كلمة عون لكل واحد منهم «روح اشتغل» ليحسبوها وعداً بتبني الترشيح. بدل أن تُثلج الإنتخابات التمهيدية قلوب هؤلاء ويقتنصوا الفرصة لفرض ترشحهم على قيادة التيار، ها هم يتوجسون منها، معتبرين أنها «حيلة» باسيلية لشق صفوفهم أكثر. تستفزهم فكرة «إعادة امتحان وجودنا وشعبيتنا بعد أن خضنا الإنتخابات الداخلية وقسم منا نجح فيها وساهمنا في نصر الإنتخابات البلدية». الفريق الذي يطرح علامات استفهام حول هذه الإنتخابات يسأل «لماذا هذا التوقيت ونحن أنهينا للتو استحقاق البلديات؟ في الضيع كنا ننفذ سياسة القيادة وما يُطلب منا، ومن الطبيعي أن يكون البعض منزعجا من هذه السياسة. لماذا لم نُمنَح فرصة لنسوي أوضاعنا؟».
يُسجلون ملاحظة أيضاً على نظام الإنتخاب الفردي (one man one vote)، «هذا الأمر سيزيد الإحتكاك بيننا والشرخ وهذا الأمر سينعكس في الإنتخابات النيابية بعدها وعلى عمل التيار في المنطقة». الغلة الأكبر من الإنتقادات من نصيب المرحلة الثانية من «التمهيدية» هو استطلاع الرأي المحصور بمرشحي التيار من أجل حذف العدد الذي يتخطى عدد النواب المحددين لكل دائرة انتخابية (في المرحلة الأولى سيتأهل 8 مرشحين). يقول المعترضون إنهم لا يعرفون «كيف سيجري اختيار العينة؟ ما الحاجة للاستطلاع بعد استفتاء الحزبيين؟ ومن يضمن ألا يدخل في هذه المرحلة عامل المال؟ لماذا لا يختار الجنرال مرشحيه كما حصل سابقاً؟». بالنسبة لهم سيكون هناك «الكثير من الترشيحات غير الجدية. أين كان هؤلاء يوم كان روجيه عازار (لا يحق له الترشح لعدم حيازته شهادة جامعية) وتوفيق سلوم يعملان في القضاء منذ أربع سنوات رسمياً؟».
الأسماء الكسروانية المتداولة للانتخابات التمهيدية هي: توفيق سلوم، العميد المتقاعد ميشال عواد، نعمان مراد، فادي بركات، طوني عطالله الذي دعا المحامين الملتزمين في الحزب إلى عشاء يوم غد، طوني الكريدي، منصور صفير الذي ترى مصادر مسؤولة في كسروان أنه يُناور لكنه لن يترشح، جوزف بارود، المنسق السابق جوزف فهد، داني ضو، بيار الخويري، إيلي زوين ودنيز كرم بو معشر. عدد من هذه الأسماء لم يحسم بعد ترشحه، «الترشح والسقوط يعني انتهاءنا سياسياً ولكن إذا لم نسمح لهم باستغبائنا ورفضنا السير بهذه الإنتخابات نكون قد حفظنا موقعنا لمراحل أخرى». مع ملاحظة عدم بروز مرشحين من منطقة الجرد أو الساحل الكسرواني. ولتفادي قلّة التنظيم التي رافقت انتخاب هيئة القضاء ومجلسه، من المتوقع أن يُعتمد ملعب فؤاد شهاب مركزاً انتخابياً.
في القضاء رأي آخر لا ينظر إلى هذه الإنتخابات بسلبية، «هي النموذج الثالث الذي سيُقدمه التيار بعد إنتخاباته الرئاسية والانتخابات الداخلية». إلا أنهم لا ينظرون إلى نتائجها بصفتها مُنزلة «فمن ينجح بأصوات الحزبيين قد يُسقطه الإستفتاء الشعبي، حتى إن التحالفات قد تفرض التخلي عنه». الهدف من هذه الإنتخابات، بهدف المبشرين بها، هو أن يُصبح «التيار» أول حزب في لبنان يترك حرية الإختيار لناخبيه «ومن يعترض يخاف من الرسوب». النظام الإنتخابي لا يسمح بعقد تحالفات «فحينها ستظهر قوة كل شخص التجييرية». أما من يعترض على استطلاع الرأي «فلديه مهلة ستة أشهر حتى يتحرك في كسروان ويُعرّف كل الناخبين إليه. لا يكفي أن يكون محبوباً حزبياً».