سنتان من عمر المجلس البلدي في طرابلس، بلا إنجازات على مستوى المدينة الأفقر في لبنان وعلى طول الشاطئ المتوسطي. لا يخفى على أحد أن وضع بلدية طرابلس متعثرٌ جداً ومعظم أهالي المدينة غير راضين عن آدائها في ما يخص القضايا الحيوية، وقد بادر رئيس المجلس البلدي أحمد قمر الدين إلى الانسحاب من آخر جلسة بلدية بعدما طالبه عدد من أعضاء المجلس بالاستقالة من منصبه تمهيداً لانتخاب رئيس جديد.ويؤكد عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة العمل الإداري بسام بخاش أن «معظم الملفات المهمة بالنسبة للمدينة لا تتم متابعتها، فضلاً عن أن غالبية القرارات التي يتخذها المجلس البلدي لا تُنفّذ أو يتم التلاعب بها»، مستذكراً قراراً كان قد اتخذه المجلس العام الماضي وقضى بتثبيت أحد عناصر شرطة البلدية، إلا أنه تحوّل بعد يومين إلى قرار بإجراء مباراة محصورة لتعيين 5 عناصر لشرطة البلدية، مشيراً إلى أن «عُذر رئيس البلدية في حينه كان أن وزارة الداخلية، كسلطة رقابية على البلدية لا تقبل بتثبيت أي شرطي من دون إجراء امتحانات، وهو ما لا نقتنع به لأنه من واجب رئيس البلدية قبل تغيير صيغة القرار استشارة أعضاء المجلس البلدي أو إبلاغهم على الأقل».
بدوره، يشير عضو البلدية رئيس مصلحة الهندسة جميل جبلاوي إلى أن «قمر الدين يعتمد مبدأ المسايرة وغض النظر عن المخالفات فيما نسعى إلى إعادة هيكلة البلدية في ظل الترهل الذي تعاني منه»، مشدداً على أن «أخطر ما قام به رئيس البلدية هو الموافقة على قرار اتحاد بلديات الفيحاء التمديد لشركة «لافاجيت» من دون علم المجلس البلدي على رغم علم الرئيس برأينا في هذا الملف».
ملاحظات أعضاء المجلس البلدي على الرئيس لا تنتهي، وأبرزها «الفشل في إدارة الملفات الحيوية في المدينة، مثل أزمة السير والمخالفات الكثيرة التي تجتاح المدينة وساحاتها وأرصفتها، فقد كانت بلدية طرابلس قد باشرت في عام 2017 حملة لإزالة هذه التعديات، إلا أنه نتيجة للفشل في إتمام هذه المهمة، عادت المخالفات والتعديات أكثر مما كانت، لا سيما في القبة وساحة النجمة. إضافة إلى عدم النجاح في تنظيم مواقف السيارات لا سيما في شارع عشير الداية حيث مدخل المدينة، وعدم القدرة على تحرير عقارات البلدية المحتلّة من قبل الشبيحة وعدد من المدعومين سياسياً وأمنياً، وصولاً إلى الفشل في ترتيب البيت الداخلي للبلدية من شرطة بلدية ومصلحة هندسة وغيرها، من دون البحث في الملفات الكبرى المرتبطة بأزمة النفايات الخطيرة في المدينة ومعمل الفرز والمسلخ والتلوّث البيئي»، وفق المعترضين.
وقد بلغت ذروة الخلافات بينهم عندما قاطع الأعضاء جلسة المجلس في 23 شباط الماضي حيث حضر الاجتماع ثلاثة أعضاء فقط وغاب عشرون.
ملاحظات أعضاء المجلس على قمر الدين لا تنتهي، وأبرزها الفشل في إدارة الملفات

عندها توجّه 13 عضواً من المجلس (وهم: باسم بخاش وأحمد القصير وأحمد البدوي وأحمد حمزة وخالد تدمري وصفوح يكن ومحمد تامر وزهر سلطان وباسل الحج وجميل جبلاوي ورياض يمق وخالد الولي ويحيى فتال) إلى قمر الدين بكتابٍ مستعرضين مختلف العراقيل والمشاكل، مشيرين إلى رفضهم أن يكونوا شهود زورٍ واستعدادهم لاعتماد مسارٍ تصعيدي ضده.
وقد جاء في نص الكتاب: «لا يخفى على أحد أن أغلب الجلسات التي عقدت في شكل طبيعي في السابق كانت بمعظم بنودها فارغة غير مجدية للمدينة، حيث غابت عنها المشاريع والخطط الإنمائية، واتّبعتم حضرة الرئيس سياسة التهميش للجان المختصة في الكثير من المشاريع الحيوية، كما عطّلتم السير بالعديد من قرارات المجلس البلدي الإصلاحية بحيث أصبح مغيّباً عن معظم ما يجري داخل أروقة البلدية وخارجها». إلا أن قمر الدين لم يُجب على الكتاب إطلاقاً، ما دفع الأعضاء إلى التداعي لزيارة «عرّاب» المجلس البلدي الوزير السابق اللواء أشرف ريفي عارضين عليه العراقيل التي يواجهها المجلس. ووفق مطلعين فإن ريفي استمع بدقة لما قاله الأعضاء من دون التعليق عليه أو إبداء أي موقف.
وبعد أن حاولت «الأخبار» التواصل مع قمر الدين، حيث رفض التعليق على كل المجريات، استطلعت الرأي الآخر في البلدية من خلال عضو البلدية رئيس لجنة الحدائق والبيئة محمد نور الأيوبي الذي أصرّ على أن «الأخطاء في البلدية لا يتحمل مسؤوليتها رئيس البلدية وحده بل معظم أعضاء المجلس البلدي ولا سيما من يسعى إلى الإطاحة به»، مشيراً إلى تقصير رؤساء اللجان المختصة في العمل، قائلاً: «حتى اليوم لا تزال هناك قرارات وإحالات عائدة للعام 2016 لم يُبت بها بسبب تقصير رئيس مصلحة الهندسة جميل الجبلاوي المُنشغل بكتابة التعليقات ومهاجمة رئيس البلدية عبر حسابه على موقع فايسبوك»، معتبراً أنه «في حال كان دعاة الاستقالة جديين فليستقيلوا هم عوضاً عن الرئيس، وعندها يصبح المجلس البلدي منحلاً حُكماً».
وعلمت «الأخبار» أن بعض أعضاء المجلس يسعون إلى إقناع زملائهم بتقديم «فترة سماح» جديدة لرئيس البلدية تقضي بالانتظار حتى حلول العام المقبل، بحيث يكون قد انقضى نصف عمر البلدية ويتحتم على أعضائها الاجتماع لطرح الثقة بالرئيس. وفي هذا الإطار، يُرجح وقوع سيناريوين: الأول، يكمن في عدم تجديد الثقة بالرئيس وانتخاب أحد الأعضاء رئيساً، علماً أن عدداً كبيراً منهم بدأ يروّج لنفسه مرشحاً للمنصب (تردد أن عضو المجلس البلدي خالد تدمري كان قد وُعد من قبل ريفي بأن يكون مرشحه لهذا المنصب)، أما السيناريو الثاني، فيقضي بإعادة تجديد أعضاء المجلس الثقة بالرئيس قمر الدين نظراً لصعوبة التوافق بينهم على اسم جديد ليحلّ مكانه.