رفض رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، تصوير البعض لعلاقات الصداقة بين حزبه والسعودية على اعتبار أنها المدخل الواسع للسياسات السعودية في الساحة اللبنانية، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة «عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، لكون لبنان لا يمكنه المضي في تحمل أعباء هذا اللجوء».وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، قال جعجع: «نمثّل أنفسنا في الحكومة اللبنانية ونحرص على مصالح لبنان، وحصتنا في الحكومة ستكون للقوات اللبنانية وليست للسعودية ولا لأيّ دولة أخرى، نحن بالفعل أصدقاء للمملكة. ولكن هذا شأن، وعملنا في الداخل اللبناني شأن آخر تماماً».
وحول اتهامات عضو المجلس المركزي في حزب الله، الشيخ نبيل قاووق، السعودية بالتدخل وعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة حتى يتم تنفيذ مطالبها بضمان حصول القوى السياسية الموالية لها على حصة وازنة في الحكومة المقبلة، وهو ما يشمل قوى عدة؛ منها خصوصاً حزب «القوات»، قال جعجع: «هذا الحديث ليس صحيحاً على الإطلاق». إلا أنه وجه في مقابل ذلك اتهاماً مضمراً لحزب الله قائلاً: «إذا كنّا في صدد الحديث عن تدخلات خارجية، فلسنا نحن من يتلقّى مئات الملايين من الدولارات سنوياً، ولسنا نحن من يرتبط بمحاور إقليمية معينة نقاتل من أجلها في سوريا وغير سوريا». وتابع في هذا الإطار: «إنني أستغرب مثل هذا الحديث، فمن يكن بيته من الزجاج لا ينبغي أن يرشق الناس بالحجارة، واتهام السعودية بالتدخّل مجرد اتهامات مرسلة دون أدلة».
ورغم اعترافه بوجود خلافات «ليست بسيطة» حول حصة «القوات» في الحكومة المقبلة، أكّد جعجع أن هذا الخلاف لا يمثل العقبة الأساسية في التشكيل الحكومي، الذي «لم يتأخر» بحسب المقاييس اللبنانية.
في مقلبٍ آخر، لم ينكر جعجع وجود درجة عالية من التوتر في علاقته مع بعض القوى السياسية، وفي مقدمتها «التيار الوطني الحر»، مرجعاً هذا التوتر إلى أجواء تشكيل الحكومة ورغبة البعض في تقليص ما حققه «القوات» من مكاسب في الانتخابات الأخيرة. ومضى قائلاً: «في الماضي، كان لنا ثمانية نواب فقط، وكانت حصتنا أربع وزارات، والآن لدينا 15 نائباً، وبالتالي نقول إن حصتنا الوزارية يجب أن تتناسب مع حجم تمثيلنا النيابي ومكانتنا في الشارع». ولفت إلى أن الجدال كله يدور حول هذه النقطة، لأن «البعض يرفض الإقرار بحقنا رغم منطقيته»، مؤكداً أن حزبه متمسّك بمطالبه ولن يتنازل عنها.
في المقابل، رفض جعجع الإفصاح عن المقاعد الوزارية التي يطالب بها لمصلحة حزبه ونسبة الوزارات السيادية منها، مبرراً ذلك بأن «حساسية تشكيل الحكومة اللبنانية تتطلّب إبقاء المطالب داخل الغرف المغلقة». واكتفى بالتأكيد على أنه يصرّ على حصة وزارية مساوية لما سيحصل عليه «التيار»، وذلك رغم حصول الأخير (تكتّل «لبنان القوي») على 29 مقعداً في المجلس النيابي.

خطاب حزب الله
في سياقٍ آخر، رجّح رئيس «القوات اللبنانية» أن يكون مرجع التغيير الذي طرأ على خطاب حزب الله في الفترة الأخيرة، وتحوّله إلى التركيز على مقاومة الفساد وغيره من القضايا الداخلية، مقارنة بفترات أخرى كان ينصبّ تركيزه فيها على الوضع الإقليمي، هو «تلمّس الحزب لظهور موازين قوى جديدة في المنطقة ككل»، فضلاً عن احتمال «إدراكه خلال الانتخابات الأخيرة مدى التذمر الكبير الذي ساد قواعده، وتحديداً في ما يتعلّق بسكوته الدائم عن الفساد الموجود في الدولة».
وأكد جعجع أنه «لا تنازل عن مبدأ سيادة الدولة وقرارها الاستراتيجي»، معتبراً أنّ «المخاوف من انخراط حزب الله في أي صراع محتمل بين إيران وإسرائيل وما قد يتبع ذلك من إقحام البلاد في مغامرة لا يستطيع تحملها، يعزز المطالب بضرورة تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع».
كذلك، انتقد ما يردّده السيد حسن نصر الله من انتقادات لدول الخليج بالتقاعس عن محاربة إسرائيل، رغم انتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية وفي لبنان والتركيز في المقابل على إيران، وقال: «هذا الطرح ليس صحيحاً، وإن كان نصر الله يرى دول الخليج متقاعسة، فنحن نسأله أيضاً عن تقاعس إيران التي يفوق تعداد سكانها عدد سكان كل دول الخليج مجتمعة وهي التي تتفاخر بقوتها العسكرية الكبيرة الموجودة في سوريا والعراق وغيرهما».

«لسنا سوقاً لبيع الجنسية»
وواصل جعجع هجومه على مرسوم التجنيس، متعهداً بأن يقدّم حزب «القوات» طعناً قضائياً لإلغائه برمته. وأوضح، في هذا السياق، أن هذا المرسوم تشوبه مغالطات كبيرة جداً من البداية، فضلاً عن اشتماله على عدد ليس قليلاً من الشخصيات الاقتصادية السورية التي تدور حولها الشبهات وتريد الحصول على الجنسية لتباشر أعمالها من جديد.
وقال: «لبنان ليس فندقاً ليرتاح فيه البعض لفترة، فنحن لا نملك مساحات واسعة ككندا وأستراليا، كما أننا لسنا سوقاً لبيع الجنسية، الجنسية اللبنانية غالية جداً، والدستور ذاته ينص على أن التجنيس يتم في أضيق الحالات».
واتّفق جعجع مع «الطرح الساخر» حول مرسوم التجنيس والقول إنه يفتح أبواب لبنان أمام الأثرياء السوريين ويغلقها أمام اللاجئين، إلا أنّه شدد على أنّه «لا تنازل» عن ضرورة عودة هؤلاء إلى بلادهم، وقال: «لبنان تحمّل إقامة أكثر من مليون لاجئ سوري لسبع سنوات، ولا يمكننا المضي أكثر، لا الخزينة تتحمّل ولا الوضع الاجتماعي ولا المساحة أو الموارد، هل المطلوب سقوط لبنان حتى يستشعر الجميع الخطر عليه جراء وجود هذا الكم الكبير من اللاجئين على أراضيه؟». ورأى أن «على هؤلاء العودة، وخصوصاً أن عدداً من المناطق السورية أصبحت آمنة أو على الأقل توقفت فيها العمليات العسكرية»، مضيفاً «ربما تكون عودة اللاجئين نقطة التوافق بيننا وبين التيار الحر».