إذا كان لقاء بعبدا في 26 الشهر الماضي الذي ضمّ المبعوث الخاص للرئيس الروسي الكسندر لافرنتييف مع الرؤساء الثلاثة شكّل الغطاء السياسي اللبناني للمبادرة الروسية لتأمين عودة النازحين السوريين الى بلادهم، فإن اجتماع أمس بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره اللبناني جبران باسيل «شكّل انطلاقة الخطوات التطبيقية للمبادرة» عبر تشكيل لجنة مشتركة من وزارتي خارجية البلدين للبدء في تطبيق المبادرة الروسية بحسب مصادر مطلعة على أجواء اللقاء. المصادر نفسها أكّدت أن اللقاء الذي «اتسم بالحفاوة، وأعطي وقتاً (ثلاث ساعات ونصف ساعة للقاء وغداء العمل والمؤتمر الصحافي) قلّما يُعطى لدولة صغيرة»، شهد «تطابقاً تاماً في وجهات النظر لناحية عدم ربط عودة النازحين بالحل السياسي في سوريا أو بإعادة الاعمار». وعلمت «الأخبار» أن الروس تعهّدوا بالسعي لدى دمشق من أجل تأمين ضمانات تشجع النازحين على العودة منها ضمان سلامة العائدين والحصول على تسهيلات في ما يتعلق بالخدمة العسكرية وخفص بدل الاعفاءات من هذه الخدمة وتفسيرات واضحة للقانون الرقم 10 لما فيه مصلحة العائدين». كما تعهّدوا تنظيم حملة دولية للمشاركة في عملية إعادة الاعمار.وشدّد باسيل في مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف على استعداد لبنان للتنسيق والتعاون مع روسيا وسوريا والأمم المتحدة والأطراف الأخرى من أجل تنفيذ المبادرة الروسية. وأكّد أن لبنان يجب أن يكون «منصة لإعادة إعمار سوريا والتعاون الاستراتيجي بين لبنان وروسيا ضروري لهذه الغاية». وفي لقاء مع تلفزيون «روسيا اليوم»، رفض باسيل ربط قضية النازحين التحضير بالانتخابات الرئاسية السورية المرتقبة عام 2021، إذ «أننا معنيون بعودة سوريا موحدة علمانية ومستقرة وآمنة. أما الحسابات الداخلية وكيف ينتخب السوريون فهذا شأن سوري. ومن الطبيعي ان يكون السوريون في سوريا للمشاركة في العملية السياسية وفي إعادة الاعمار».
العلاقات العسكرية سيئة ولبنان يغيب عن «أرميا 2018»


وعن رفض الرئيس المكلف سعد الحريري إعادة العلاقات مع سوريا، شدّد باسيل على أن أحداً «لم يطلب من الحريري زيارة سوريا، ولا سبب لاختراع أزمة علاقات لبنانية ـــ سورية». وقال: «العلاقات مع سوريا قائمة بشكل طبيعي وهناك تبادل للسفراء. كما أن هناك تنسيقاً أمنياً في عمليات إعادة النازحين. وانا معني بتذليل اي عوائق امام العودة ولذلك تواصلت مع نظيري السوري وسأواصل الكلام لتسهيل هذه العودة». ولفت الى أن «موقف الحريري مبدئي وشخصي ولا أحد يطلب منه تغييره. ولكن على المستوى الوطني، لا يمكن اي لبناني أن يلعب دور المعطّل لمصالح لبنان، سواء في ما يتعلق بعودة النازحين أو لجهة الحصار الاقتصادي الذي نفرضه على أنفسنا، أو لجهة الفرصة الانقاذية للاقتصاد اللبناني عبر المشاركة في إعادة الإعمار في سوريا».

العلاقات العسكرية سيئة!
من جهة أخرى، يغيب لبنان عن أعمال منتدى الجيش الروسي «أرميا 2018» الذي ينطلق اليوم في موسكو، في خطوة أثارت استغراباً روسياً. والمنتدى من أبرز الفعاليات السنوية للجيش الروسي، لناحية البرامج القتالية والمناورات والحيّة وعروض الأسلحة الحديثة، ويشارك فيه أكثر من 40 وزير دفاع . وكعادتها، تشنّ وزارة الدفاع الأميركية حملة سنويّة في أوساط وزارات الدفاع الأوروبية والآسيوية لمنعها من المشاركة فيه.
وقد تضاربت المعلومات حول سبب الغياب اللبناني. وفيما تردّد أن وزير الدفاع يعقوب الصّراف كلّف أحد الضباط تمثيله بمشاركة ضابط اخر يمثل قيادة الجيش، تلقى الجانب الروسي رسالة اعتذار خطية من دون توضيح الاسباب. الصراف أكّد لـ «الاخبار» انه اعتذر شخصيا عن عدم المشاركة، لكنه لم يعتذر عن عدم مشاركة قيادة الجيش.
في غضون ذلك، لا تزال اتفاقية التعاون العسكري المشترك معلّقة بين البلدين منذ تدخّل سفيري أميركا وبريطانيا في بيروت لدى الحريري قبل أشهر لثني الحكومة عن إقرارها. وفي هذا السياق، لا يزال لبنان يمتنع عن تلقي هبة عسكرية روسية. وبحسب المعلومات، طلبت موسكو قبل أشهر من بيروت منحها «شهادة مستهلك نهائي» لتسليم لبنان ذخائر تقدّر بحوالي ثلاثة ملايين طلقة وأعتدة عسكرية يفترض إلى تصل إلى بيروت في أيلول المقبل، لكن موسكو لم تحصل على رد حتى الآن.
مصادر في وزارة الدفاع اللبنانية برّرت الأمر بأن الجيش سبق أن قدّم «شهادة مستهلك نهائي» لوزارة الدفاع الروسية، لكنّ الروس أدخلوا تعديلات على اتفاقية الهبّة، وصار لزاماً تعديل الشهادة، «والتأخير الحاصل مسألة تقنية ولوجستية بحتة».



عون وعون يتصلان بالأسد وأيوب
علمت «الأخبار» أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أجرى أخيراً اتصالاً هاتفياً بالرئيس السوري بشار الأسد، وجرى بحث في موضوع النازحين السوريين وسبل تسريع عودتهم إلى ديارهم.
وعُلم أيضاً أن قائد الجيش، العماد جوزيف عون، اتصل برئيس الأركان في الجيش السوري، وزير الدفاع العماد علي عبد الله أيوب، مهنئاً بمناسبة عيد الجيش في الأول من آب، والذي يصادف أيضاً عيد الجيشين في البلدين. وجرى تشاور في التنسيق الأمني المشترك بين البلدين من خلال عمل مكتب التنسيق الأمني الذي يعمل بشكل متواصل في مجالات ضبط الحدود وحفظ الأمن على حدود كلا البلدين.